22 ديسمبر، 2024 11:35 م

منتدى أضواء القلم يقيم أمسية عن المخدرات

منتدى أضواء القلم يقيم أمسية عن المخدرات

انطلاقاً مِنْ اعتباراتٍ إنسانية ووطنية فِي مقدمتِها مقولتي أَنَّ الثقافةَ مظهر حضاري ومعيار صادق لتقدم الشعوب والأمم ورقيها فِي أي عصر مِن العصور، وأَنَّ الشعوبَ الحية والشعوب المتقدمة تهتم بأطفالها وشبابها وتعنى بهم عناية فائقة في كافة نواحي الحياة، ومِنْ أجلِ المساهمة فِي الأنشطةِ الثقافية الَّتِي مِن شأنِها تدعيم الحراك الرامي إلى تحقيقِ أكبر قدر مِن التوعيةِ ونشر الثقافة فِي المجتمع، وضمن سلسلة ندوات موسمه الحالي، نظم منتدى أضواء القلم الثقافي الاجتماعي فِي مدينةِ الكمالية شرقي بغداد، أمسيته الثقافية الثانية؛ لأجلِ التعريف بمشكلةِ “المخدرات”، وما يمكن أنْ ينجم عَنْ تعاطيِها مِنْ آثارٍ صِحية واجتماعية واقتصادية ونفسية؛ إذ أَنَّ للمخدراتَ بحسبِ المتخصصين أضراراً عديدة وخطيرة عَلَى صحةِ الإنسان بسببِ احتوائها مواداً كيميائية بمقدورِها الفتك بجسمِ الإنسان قبل تقديم العلاج فِي الوقتِ المناسب، ليس بالأمر المفاجئ القول إنَّ تعاطيَ المدمن لجرعاتٍ زائدة مِن المخدرات يؤدي إلى الوفاة مباشرة.
الأمسية الَّتِي حضرها حشد كبير مِن الأكاديميين ورجال القانون والإعلاميين والمثقفين والتربويين وشيوخ العشائر والوجهاء وبعض رجال الدين، نظمها “منتدى أضواء القلم الثقافي الاجتماعي” بالتعاون مع منظمةِ الكيميائيين العراقيين تأكيداً لرغبةِ إدارة المنتدى فِي عقدِ شراكة مثمرة مع الجهاتِ الثقافية، جرت وقائعها فِي قاعةِ المناسبات الملحقة بمسجدِ الإمام الجواد “عليه السلام” فِي مدينةِ الكمالية، واستضاف فيها المنتدى نائب نقيب الكيميائيين العراقيين ورئيس منظمة الكيميائيين العراقيين الكيمائي الاختصاص الأستاذ جمعة لافي الخزعلي، وَالَّذِي ألقى محاضرة بعنوان ” تعاطي المخدرات وأثره عَلَى المجتمعِ العراقي صحياً واجتماعياً “.
بدأت مجريات الأمسية الَّتِي أدارها رئيس المنتدى لطيف عبد سالم بقراءةِ المقرئ رشيد العتبي – مِنْ مؤسسةِ الحوراء القرآنية – آي مِن الذكرِ الحكيم، ثم قراءة الحاضرين سورة الفاتحة وقوفاً ترحماً عَلَى أرواحِ شهداء العراق، وبعدها قدم مدير الجلسة توطئة موجزة عَنْ تعاطي المخدرات وترويجها والمتاجرة بها والآثار المترتبة عَلَى ذك، فضلاً عَنْ خطورةِ تلك النشاطات عَلَى بلادِنا وشعبنا، وَلاسيَّما ما يتعلق منها بسلبيةِ تداعياتها عَلَى المنظومةِ القيمية الناظمة لحركة مجتمعنا، وآثارها الضارة عَلَى صِحةِ الأفراد وتربية النشأ الجديد. كذلك قدم عرضاً لسيرةِ ضيف المنتدى الذاتية، ليطل بعدها الأستاذ جمعة لافي الخزعلي عَلَى جمهورِ الحاضرين، وبدأ بإلقاءِ محاضرته الَّتِي تضمنت محاور عدة، أهمها التعريف بالموادِ المخدرة وبيان مكامن خطورتها ودرجة تأثيرها عَلَى متعاطيها، فضلاً عَنْ طرقِ الحصول عليها، ونوه الباحث إلى أكثرِ الأنواع المروجة حالياً فِي بلادنا، وَالَّذِي يشار إليه محلياً باسمِ مادة “الكريستال”، وَالَّتِي بوسعِها التسبب فِي حصولِ انهيارٍ عصبي وجسدي للشخصِ المتعاطي، بالإضافةِ إلَى بقائِه مِنْ دُونِ نوم لمدةٍ تتراوح ما بَيْنَ (3 – 4) أيام مع شعورٍ بالتعبِ البدني والنفسي.
انتقل الباحث بعد ذلك إلى الحديثِ عَنْ علاماتِ المتعاطي للمخدرات، وَالَّتِي تتمثل فِي جملةِ مظاهرٍ مِنْ أهمِها: الانطوائية والانعزال، عدم الاهتمام بالمظهر، التعرق وشحوب لون الوجه، رعشة فِي الأطراف، الهزال وفقدان الشهية، الهياج الشديد والتعصب لأي سببٍ كان، الكذب وممارسة الحيلة وما متاح مِن الوسائل لأجلِ كسب المال، السرقة والفشل الدراسي، الهروب مِن الواقع، الابتعاد العاطفي عَنْ الأسرة، القلق والاكتئاب النفسي، عدم احترام التقاليد، فضلاً عَنْ الأعراضِ الجسمانية والسلوكية. وأضاف الأستاذ الخزعلي أنَّ “الكوكائين” الَّذِي يُعَدّ مِنْ أخطر أنواع المخدرات، استخدم بداية كمخدرٍ موضعي مِنْ قبل عالم نمساوي، وهو متوفر بأشكالٍ عدة مِنها العجينة، المسحوق والملح، فضلاً عَنْ إمكانيةِ استخدامه عَنْ طريقِ الفم والآنف والحقن بالوريد. وتكمن خطورة الكوكائين فِي عمله عَلَى الدماغ كفعل “الدوبامين”، ما يفضي إلى تحكمه بالمشاعر والحالات العاطفية، فيما يكون تأثيره عَلَى المستوى الموضعي كمخدر موضعي. ويؤثر الكوكائين عَلَى القلبِ والشرايين، ما يؤدي إلى تسريع نبضات القلب، ارتفاع ضغط الدم، ذبحة صدرية لدى الشباب، مخاطر على الجهاز العصبي والدماغ كالنزيف، ارتفاع درجة الحرارة، الإضرار بالجهاز التنفسي والذبحة القلبية مع احتمال الموت أحياناً. والمثير للانتباه هو أنَّ سريان تلك الأعراض على المتعاطين تتطور إلى أمراضٍ مثل تشمع الكبد والتهاب الكبد الفيروسي وصولاً لضعفِ جهاز المناعة لدى المتعاطين، وَالَّذِي يؤدي إلى مرضِ نقص المناعة الذاتية “الايدز”، فضلاً عَنْ آثارٍ أخرى.
بعد تضمين موضوع الأمسية بالحوار والمداخلات والأسئلة، خرجت هذه الندوة الموسعة بتوصياتٍ عديدة بعد أنْ أجمعَ الحاضرين عَلَى أَنَّ للمخدرات أضراراً متعددة علَى الفردِ والمجتمع، حيث لا تنحصر سلبية آثارها عَلَى الفردِ فحسب، بل تُمتد خطورتها إلى الأسرةِ والمجتمع ومصالح البلاد العليا، وَلاسيَّما ما يتعلق مِنها بالأمن الوطني وإنتاجية الفرد واقتصاد البلاد؛ إذ يُعَدّ تفشي هذه الآفة وانتشارها ما بَيْنَ أفراد المجتمع مِنْ أخطرِ المشكلات الَّتِي ينبغي الحد مِنها بجميعِ ما متاح مِن السبلِ، وهو الآمر الَّذِي يلزم جميع الجهات المعنيّة – حكومية ومنظمات مجتمع مدني – الركون إلى ما مِنْ شأنه الحفاظ علَى نشأةِ جيلٍ سويّ يتمتع بأخلاقٍ طيبة ومُحبة للوطن، وحرص عَلَى العائلة والمجتمع، فالشباب أمل الأمة ورجال المستقبل, وعلَى قدرِ ما تبذل مِنْ جهود في أسلوبِ التربية والإعداد السليم يكون مستقبل البلاد مزدهراً. وَفِي ختامِ الأمسية قدم رئيس المنتدى نيابة عَنْ جمهورِ الحاضرين شهادة تقديرية لضيفِ المنتدى الأستاذ جمعة الخزعلي؛ تثميناً لمشاركته فِي تعزيزِ المسار الثقافي للمنتدى.