23 ديسمبر، 2024 8:38 م

مناقشة قـانون التـقـاعد الجديد : ملاحظات .. مفارقات .. مقترحات – 2

مناقشة قـانون التـقـاعد الجديد : ملاحظات .. مفارقات .. مقترحات – 2

في هذا الجزء سنواصل مناقشة قانون التقاعد الموحد الجديد ، التي بدأناها أمس في الجزء الأول …
أستكمالاً للملاحظات المباشرة :
4- في المادة – 18- أولاً – المتعلقة  بأحتساب مـُدد الخدمة التقاعدية – البند – ج – يقول النص :

   (( ج ـ (1) مدة الخدمة العسكرية ومدة الحركات الفعلية ومدة الخدمة المحتسبة بموجب احكام امر سلطة الائتلاف المؤقتة ( المنحلة ) رقم ( 91 ) لسنة 2004 ومدة الخدمة للعاملين في دوائر ومؤسسات ووزارات الاقاليم لاغراض التقاعد عند  خدمتهم في دوائر ومؤسسات ووزارات الدولة الاتحادية
على ان تستوفى التوقيفات التقاعدية عن جميع سنوات الخدمة المحتسبة على ان يكون تعامل دوائر ومؤسسات ووزارات الاقاليم بالمثل بالنسبة للخدمة في الدوائر والمؤسسات والوزارات الاتحادية .))

وهذه الفقرة هي البديل عن ( الخدمـة الجهادية ) التي وردت في مسودة القانون الأولى … والتي أستندت على أمر سلطة الأئتلاف رقم 91 – في 2004 .. وأدناه النص الكامل لهذا الأمــر في الرابط التالي :
http://asso.in/url/06ia
الذي يتفحـّص أمر بريمر أعلاه يجد ان هناك هدف خبيث وراء أصدار هذا الأمر .. مواد هذا الأمر هـُلامية و غير محددة المعالم و تترك لقادة الأحزاب و المليشيات و السياسيين تحديد نوعية وأعداد و رُتب و مدة خدمـة المشمولين بالدمج في القوات المسلحة العراقية .. أو الذين لم يـُدمجوا في القوات المسلحة و اتجهوا للعمل المدني من ( المجاهدين ) او الغير مجاهدين .. دون تحديد أية ضوابط أو وثائق تـُثبت صحة مقارعتهم للنظام السابق …! وهذا الهدف الخبيث يرمي الى أشاعة الفوضى في المؤسسة العسكرية بشتى مستوياتها و بنائها على أسس حزبية و شخصية و غير مهنية ، و كذلك المدنيين الذين تسنموا وظائف في أجهزة الدولة من المعارضين الذين لا خبرة لهم و كفاءة في العمل الوظيفي .. لذلك فأن المشمولين بالفقرة –ج- أعلاه ضمن قانون التقاعد ستكون مـُـدة خدمتهم التقاعدية غير محددة و مفتوحـة البداية …!! وقد أكـّدت هذا الموضوع المادة -21- الفقرة عاشراً – ب – حيث يقول النص :
(( عاشراً- أ تحتسب الخدمات التقاعدية لمنتسبي الجيش العراقي السابق والكيانات المنحلة لمن له خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) خمس عشرة سنة وفقا للتشريعات النافذة بتاريخ حلها.
ب ـ يسري حكم الفقرة(أ) من هذا البند على المشمول بأمر سلطة الائتلاف المؤقتة (المنحلة) رقم   (91) لسنة 2004 (تنظيم القوات المسلحة والمليشيات في العراق) الذي لم يعد للخدمة في الدولة بعد 9/4/2003.))
معنى ذلك أن منتسبي الجيش السابق و الكيانات (المنحلة) ستكون رواتبهم التقاعدية وفق القانون النافذ حين حـلـّهم ، أي غير مشمولين بجداول الرواتب الجديدة … وهذا يسري على ( المجاهدين ) الذين لم يعودوا للخدمة بعد 2003 المدنيين منهم و العسكريين .. أي لهم تقاعد جرّاء مناهضتهم للنظام السابق وهي العبارة البديلة عن الخدمة الجهادية أيضاً .

 وهنا نقول للذي يـُريد أن يبني دولة العدالة و المساواة .. لا يجوز أن يـُميّز بين المواطنين وهو ما نصـّت عليه مواد الدستور الحالي .. اما كون منتسبي الجيش السابق و الكيانات ( المنحلة ) ، كانوا يخدمون في مواقعهم في فترة النظام السابق .. فهذا لا يحوّلهم الى مواطنين من الدرجة الثالثة ..! فهم بالنهاية عراقيين كانوا يؤدون الخدمة في الدولة العراقية وفق قوانين و معطيات تلك المرحلة .. ألاّ من لديه قيود جنائية أو ارتكب جرائم بحق الشعب ..!

5- المادة -37- ( مثار الأحتجاج الشعبي ) والتي حـُشرت مع القانون بغير وجه حق ..!  يقول نص المادة :
                          
(( المادة – 37 –
اولا ـ 1-  استثناءا من احكام الماده (21) من هذا القانون  يحتسب الراتب التقاعدي ل ( رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ونوابهم واعضاء مجلس النواب والوزراء ومن هم بدرجتهم واعضاء مجلس الحكم ومناوبيهم واعضاء المجلس الوطني المؤقت  ورئيس واعضاء الجمعيه الوطنيه ووكلاء الوزارات ومن بدرجتهم ومن يتقاضى راتب وكيل وزاره والمستشارين واصحاب الدرجات الخاصة ومن بدرجة مدير عام ومن يتقاضى راتب مدير عام  ) في حالات التقاعد والوفاة والاستقالة بموافقة الجهات المختصة كما ياتي:
(25%)    خمسة وعشرين من المائة من اخر (راتب اومكافأة او اجر) والمخصصات التي تقاضاها في الخدمة.

-2- تضاف نسبة(2,5%) اثنان ونصف من المائة من اخر(راتب او مكافأة او اجر) والمخصصات عن كل سنة من سنوات الخدمة على ان لا يزيد عن (80%) ثمانين من المائة منه.
 
ثانيا – تسري احكام البند (اولا) من هذه المادة على قضاة واعضاء  الادعاء العام في المحكمة الجنائية العراقية العليا المحالين على التقاعد.

ثالثا – للمشمولين بأحكام البندين (اولا وثانيا) من هذه المادة ممن كانوا موظفين في الدولة العودة الى وظائفهم الاصلية وتعتبر الاستقالة ملغية، وتحتسب مدة خدمتهم المذكورة اعلاه لاغراض العلاوة والترفيع والترقية والتقاعد وتلتزم الجهات المختصة بتوفير الدرجة المطلوبة ولهم الخيار بين الحصول على الرواتب التقاعدية المحددة في البند ( اولا ) او راتب الوظيفة المعاد اليها .
 
رابعا – تسري احكام البندين (اولا وثانيا) من هذه المادة على المحالين الى التقاعد  قبل نفاذ هذا القانون والذين شغلوا مناصبهم بعد 9/4/2003. ))
 
أنتبهوا جيداً الى هذه المادة المسمومة و لاحظوا معي :

•    انها شملت جميع من أنخرط في العمل في الدولة من كبار المسؤولين الموصوفين في نص الفقرة أعلاه بعد 2003 ..! أي أن أي واحد منهم خـَدم لمدة سنة أو كم شهر يستحق راتب تـقاعدي .. مثل غازي عجيل الياور أول رئيس جمهورية بعد الأحتلال والذي غادر العراق مباشرة بعد أنتهاء السنة ..!! و الكثيرين من أمثاله . لأن نص الفقرة يقول : أستـثـناءاً من المادة -21- وهي المادة التي تحدد الخدمة التقاعدية بما لا يقل عن -15- سنة و تـُحدد معادلة أحتساب الراتب التقاعدي ..!
•    اللعبة القانونية الأبـرز الواردة في هذه المادة هي نسبة ألـ 25% ..! حيث أن جميع المشمولين بهذا القانون من المتقاعدين ( العاديين ) أحتــُسبت رواتبهم التقاعدية على أساس الراتب الوظيفي بـدون مخصصات ..! بينما السادة المسؤولين ( دام ظـلـّهم الوارف ) و المشمولين بهذه المادة حـُسبت رواتبهم مع المخصصات ..! و يعلم الجميع أن مخصصاتهم الشهرية تفوق راتبهم الشهري بكثير .. فعضو مجلس النواب مثلاً يتقاضى 3 مليون دينار مخصصات سكن و 750 ألف دينار مخصصات قرطاسية و مخصصات حماية ( رواتب الحماية ) و التي يستلمها العضو بنفسه ولا أعلم مقدارها و غيرها من المخصصات التي نجهلها ..!.
•    تأسيساً على أحتساب الراتب مع المخصصات ، فأن نسبة 2،5 % التي تـُضاف عن كل سنة خدمـة ستكون أيضاً مع المخصصات كما وارد في نص المادة أعلاه … وهنا سيجري احتساب سنوات الخدمة وفق قانون بريمر الذي أشرنا أليه وبالطبع سيكون عدد السنين مفتوح للغالبية منهم … لذلك هم بالنتيجة سيأخذون رواتب تقاعدية أكثر من 100% مما يتقاضوه في الخدمة .. اذ لو جمعنا الحد الأدنى وهو = 25% + 80% = 105% من الراتب و المخصصات ..! أي أن السيد المسؤول سيتقاضى راتباً تقاعديا أكثر مما يستلمه وهو في الخدمة … لذلك لا يضحك على الناس حيدر العبادي أو غيره عندما يقولون أن الراتب التقاعدي لا يتجاوز ألـ 50% من الراتب ..!!

6- المادة – 38 –تتعلـّق بألغاء القوانين التي تتعارض مع هذا القانون و ذكرت المادة أرقام و أسماء القوانين الملغاة … لكنها في  الفقرة ثانياً أستـثنت ثلاث مـوؤسسات .. يقول نص الفقرة : –

   (( ثانيا  –يستثنى من احكام البند ( اولا ) من هذه المادة :
أ‌. قانون مؤسسة الشهداءرقم ( 3 ) لسنة 2006 المعدل.
ب‌. قانون مؤسسة السجناء السياسيين رقم ( 4 ) لسنة 2006 .
ج. قانون تعويض المتضررين من جراء العمليات الحربية والاخطاء العسكرية والعمليات الارهابية رقم  ( 20 ) لسنة 2009))
وهنا نتسائل هل الأستثناء يشمل أمتيازات الشهداء و السجناء السياسيين فقط … أم الموظفين العاملين في هاتين المؤسستين .. لأن هاتين المؤسستين تشكـّلتا بأوامر ديوانية خاصـة .. ولا يـُعلم عدد موظفيها أو خلفياتهم ( الجهادية ) ألا أمانة مجلس الوزراء كونهم مرتبطين بها مباشرة ..!

7-  المادة – 39 –تتعلـّق بتكريم الرموز الوطنية .. يقول نص المادة :
(( اولاً-استثناء من احكام هذا القانون وباقتراح من رئيس الجمهورية او رئيس مجلس الوزراء ومصادقة مجلس النواب  يخصص راتب تقاعدي لا يزيد على ( 2,000,000) دينار مليوني دينار عراقي للرموز الوطنية العراقية او لخلفهم  المنصوص عليهم في هذا القانون في حال وفاته ماذا لم يكن لهم راتبا من الدولة او كان راتبهم التقاعدي يقل عن مليونين دينار وتحدد معايير وآليات اختيار الرموز الوطنية بنظام .))
 هذه المادة أعتبرها من المواد المهمة و الضرورية لتكريم و رعاية رموز البلد … شرط أن يتم أختيار المشمولين بها بعيداً عن  الحسابات المزاجية و الحزبية و الطائفية و العـِرقية .. وأن تشمل كل عراقي مـُبدع و متميـّز وله تاريخ مـُشرّف رفع أسم العراق عالياً على المستوى الدولي .. كل في مجال عمله .. بعبارة أخرى أن لا يقتصر الأمر على السياسيين فقط بل كل الرموز الفكرية والأدبية و العلمية و الفنيـة و الرياضية ..! وبهذا الأجراء نـُعالج الخطيئة الكبرى التي ترتكبها الدولة في أهمال رعاية رموز البلد و أعلامــه البارزين .

8-  الحد الدنى للراتب التقاعدي المـُقرر في هذا القانون هو 400 ألف دينار شهرياً .. و وفقاً لمعادلة أحتساب الراتب التقاعدي الواردة في المادة -21- .. ستؤدي الى تساوي من له خدمة 15 سنة مع من له خدمة 18 سنة أو 20 سنة أو ربما أكثر .. عندما لا يصل راتبهم الى السقف الأعلى وهو -400 – أي عندما تكون رواتبهم التقاعدية متباينة وهم تحت السقف الأعلى .. سـتـُرفـَع رواتبهم جميعاً الى نفس السقف …! وهذا فيه غــُبن لمن له أستحقاق أعلى من الآخـر .

9- – نحن نعلم ان الدول المتقدمة تعتمد على مفصلين مهميّن في البلد هما التعليم و القانون .. وعندما سـُئل أمبراطور اليابان عن سر تقدّم اليابان أجاب : أعطينا المعلم راتب وزير و حصانة سفير ..!!
     في هذا القانون تم أنصاف القضاة و القانونيين و أساتذة الجامعة وهو من فضائل القانون … ولكنه أهمل شريحة المعلمين و المدرسين وهي الشريحة الأهم و الأخطر في عملية التربية و التعليم لأنها بداية تربية و تعليم أبناء الوطن … لذلك كان على المـُشرّع أن يشمل هذه الشريحة بامتيازات خاصة تليق بدورهم و أهميّـتهم .

[email protected]