22 نوفمبر، 2024 11:55 م
Search
Close this search box.

منافع فن الأتكيت

ليس هناك علم بلا منافع .. وغالباً ما ينتفع الدارسون والمتعلمون والباحثون والراغبون نتيجة دراستهم وتعلمهم وبحثهم واطلاعهم على تجارب الآخرين ، اضافة الى اكتشاف اخطاءنا اليومية في تصرفاتنا ، وتعاملنا ، وطريقة سيرنا ، وجلوسنا ، وتناول طعامنا وشرابنا ، وطرق اختيارنا وارتدائنا لملابسنا .. ويعتبر علم الأتكيت من العلوم النقلية التهذيبية ، والتي تهدف إلى التقويم والتنظيم وحسن التصرف والمظهر واللفظ . وهذا العلم يسهم بشكل مباشر في تهذيب الأخلاق ، واكتساب مهارات التعامل مع كبار الشخصيات ، إضافة إلى قواعد وضوابط للتصرف القويم .. عندما يحل أحدنا ضيفاً على الآخرين ، أو يحلون هم ضيوفاً عليه .. وإذا كانت هذه الضوابط تدرس للدبلوماسيين وموظفي الخدمة الخارجية والسفراء والمبتعثين ، ومرافقي كبار الشخصيات .. فأنه لسوى هؤلاء نافع ، وللاحراج دافع ، ويحتاج أحدنا أن يتعرف على كثير من الأمور الحياتية عندما يسافر ، أو يشترك بوفد رسمي ، أو حتى عندما يكون ضمن مجموعة أو كروب سياحي .. او يرتاد الفنادق الممتازة ، والمطاعم ذات الخمس نجوم ، إن منافع الأتكيت عديدة وهي تجلب لمتبع أنظمته وقوانينه رونقاً وألقاً وجاذبية .. فالأتكيت فن المعاملة والسلوك , ويشمل الأشياء الشخصية التي ربما تبدو صغيرة بالنسبة لصاحبها ، لكنها تعطي انطباعات مهمة للآخرين , فهو الذوق العام والذوق الاجتماعي .. فضمن قواعده اتكيت المصافحة .. ومن تعليماته عندما نلتقي شخصية كبيرة لا نمد يدنا أولاً للمصافحة ، بل ننتظر ذلك منه ، حتى لا نصاب أو نقع في حرج إذا لم يمد يده هو ، فنكتفي بالسلام .. ولابد عند مصافحة أي شخص النظر إلى وجهه مع ابتسامة رقيقة ، حسب ما يوصي به خبراء الأتكيت .. ومن القواعد أن لا تمد يدك لمصافحة سيدة .. ويكتفي الرجل بابتسامة خفيفة مع إماءة بالرأس .. ولابد للابتسامة هنا أن تكون خفيفة .. لأن الابتسامة العريضة قد تدخلنا مع الآخرين في حرج نحن بمنئى عنه . ومن القواعد أيضاً أن لا نصافح الأشخاص ونحن ندخن ، ولا يجوز الضغط على اليد عند المصافحة . وهناك قواعد اخرى للتعارف ، منها أن يقدم الرجل المرأة وليس العكس ، وأن يقدم الشخص الأصغر سناً للشخص الأكبر ..
وأن يقدم الشخص الأقل أهمية والمنصب إلى الشخص الأكثر أهمية والمنصب .. كما توجب القواعد قيام الداعي بتقديم ضيوفه الجدد إلى بقية المدعوين .. وهكذا الأمر بالنسبة لأتكيت الدعوات ، وتقديم بطاقات الدعوة ، وتنظيم موائد الطعام ، والجلوس على المائدة ، وكيفية استخدام الملاعق والأشواك والسكاكين ، وكذلك وظيفة الأطباق وطريقة تناول الطعام .. وتمتد هذه القواعد لتشمل المحادثة ، والمظهر ، والجلوس في السيارة ، واتكيت السيدات ، وكذلك قواعد التحية والسلام .. والزيارات الرسمية ، وزيارة المريض ، والتدخين ، وتقديم الهدايا ، واختيار وتقديم الزهور ، وألوانها وعلاقة ذلك بالمناسبة . إن فن الأتكيت لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا ويأتي عليها .. لذلك لابد لموظفي المراسم ، والعاملين في المرافق السياحية ، خاصة الفنادق ذي الدرجات الممتازة والخمس نجوم والمطاعم ودور الضيافة والقصور ان يتقنوا مفردات هذا العلم .. كما أن لكبار الموظفين ، والعاملين في الشركات الكبرى ، ومن هم بدرجة مدير عام حصة كبيرة في هذه القواعد وتعلمها ، لأنهم عادة يتعاملون مع جهات أجنبية ، سواء كانت دبلوماسية أو شركات ، أو يحضرون مآدب واحتفالات رسمية ، ويساهمون في مؤتمرات واجتماعات ولقاءات رسمية وغير رسمية .. من هنا ندرك أن الاتكيت هو الذي يكسبنا آداب اللباقة ، وحسن التصرف في المواقف المحرجة .. فالذوق في المعاملة .. واللباقة في الحديث .. واللياقة في طريقة الأكل والشرب .. وحسن مقابلة الآخرين وتحيتهم ، واختيار الزي المناسب ، والكلام المناسب ، وغيرها من آداب السلوك والذوق العام ، يمكن من خلالها أن تحسن التصرف بشكل لائق ومناسب في المواقف والمناسبات الخاصة والعامة . إن قواعد البروتوكول تمتد إلى أساليب التعامل مع الآخرين .. أيّ كانوا .. فهو ليس أحد فروع السياسة ، أو أن استخدام قواعده مقتصر على رجال الدبلوماسية وموظفي الخدمة الخارجية .. بل أن أي موظف في الدولة العراقية يحتاج إلى معرفة هذا الفن ، وكذلك أي مواطن يتمرن على قواعده ، ينتقل إلى شخصية آخرى أكثر مقبولية واحتراماً من قبل الآخرين .. أن كثيرا من قواعد الاتكيت يمكن تطبيقها في الشارع ، والمدرسة ، والكلية ، والدائرة ، إضافة إلى المنزل .. فالذي يتمسك بقواعد الاتكيت في منزله أمام أطفاله ينُشأهم على حسن السلوك ، واللطافة في التعامل ، والتهذيب في المأكل والمشرب .. فيشدون انتباه الناظر إليهم ، ويعجب بهم من يلتقيهم  .. وبعد لابد ان نعلم أن قواعد هذا الفن من منابع التراث وحسن الخلق والدين .

أحدث المقالات