بات من الواضح جليا ان الشعب العراقي اصبح اكثر وعيا واقتدارا من قادته وسياسييه وممثليه الذين لم يلمسوا منهم غير التهديدات والمصادمات والصراعات على السلطة ومنافعها وامتيازاتها وهم يطالبون هؤلاء القادة والسياسيين بمغادرة خنادقهم المذهبية والعنصرية والطائفية وتحاصصهم لمناصب وكراسي الدولة التي اشبعت بطونهم وجيوبهم وارصدتهم حد الامتلاء ، فيما المواطن الفقير والبسيط لايزال دون مأوى ومأكل ومشرب له ولأطفاله، وبالرغم من ذاك لازال يطالب بتحصين الساحة الوطنية والحفاظ على ثروات الوطن وسيادته و حقن دماء جلدته التي تراق بسبب هذه النزاعات والصراعات التي فتحت ابواب الوطن للارهاب والتدخلات الاقليمية والدولية والعراقيين هم الضحية.
ولانهاء هذه والاوضاع المصطنعة وتجاوز تداعياتها والانتصار عليها يتطلب تصعيد وتفعيل العمل الجماهيري المنظم والناضج ليكون الضاغط الحقيقي لتغير الاوضاع السياسية غير المتوازنة على الساحة الوطنية واجبار القادة والسياسين واحزابهم على احترام الانظمة والقوانين والعمل بها من اجل الحفاظ على هيبة الدولة وابدال اطماعهم وصراعاتهم بالعمل الوطني المنهجي المدروس من اجل بناء الدولة والحفاظ على سيادتها الكاملة المعززة بالدمقراطية والتعددية وحرية الراي والراي الاخر عبر احترام الدستور والتمسك به من اجل الوصول الى تحقيق وبناء بيئة ديمقراطية صحيحة تحقق العدالة والعيش المشترك للعراقيين والمؤطرة بالروح الوطنية الصادقة التي تدفع كل الاطراف والشركاء في العملية السياسية والحكومة الى ترك التشكيك و تحفظات البعض على البعض الاخر التي لا مبرر لها وضرورة مغادرتها لانها السبب في التدهور الحاصل في كل اوضاع البلاد، واساس وجود الخلافات والنزاعات وعدم الاستقرار .
وكي لا نكون ضحية هذه الاحداث والتداعيات بعد ان استحق الوقت اكثر من اي فترة مضت، ليكون القرار بيد الشعب الذي اعتركته الكوارث والازمات وجعلته على مستوى عاليا من الاستعداد للتضحية ورفع راية الاصلاح والتغير والانتفاضة، واحداث تشرين خير دليل على ذلك، آن اوان رفضهم لكل ما يتقاطع مع سيادتهم واستقرارهم وامنهم و عدم قبولهم السيطرة على ثرواتهم وسرقتها وهدرها بهذا الشكل المخيف من قبل الفاسدين الذين بسببهم ضرب الفقر والتفاوت الطبقي العراقيين وسلبهم امنهم واستقرارهم، وهناك الكثير من الساسة والقادة ما زالوا يعملون ويحاولون تجذير وتكريس الفساد في مفاصل الدولة والمجتمع وفي كل حدب وصوب والعمل من خلال فساد المحاصصات التي تعتبر بؤرة الفساد الحقيقي.
ولهذه الاسباب تصدى الاعلام المهني الوطني الشريف الذي تمثل مرجعيته الوطن والمواطن، للفساد والفاسدين مطالبا ببناء وتقوية أجهزة الدولة و منع الجهات السياسية والحزبية التحكم بمؤسساتها حسب الاهواء، والعمل على أعادة التقييم العلمي الدقيق لاجهزتها والاهتمام بالخبرات و الكفاءات العراقية المتميزة التي تحتاج الى رعاية و حماية الدولة والعراق لديه مخزون كبير جدا من الكفاءات والاختصاصات المهنية التي يراد الإجهاز عليها كما يتم اليوم الاجهاز على ثروات العراقيين وسرقتها .
ان تصريحات المسؤولين والوزراء والمعنيين بشأن الارصدة المصروفة والمخصصة لمشاريع وزاراتهم و ميزانية الدولة العراقية التي تتحدث بالمليارات وهي مصدر قلق للعراقيين الذين يعانون من الحرمان وانعدام الخدمات والتضخم، باتت محط تساؤل وشكوك .. و لهذا يراد ان تكون للعراقيين حكومة ورئيس حكومة في كل عام.. وحكومة الاربع سنوات ضحكا على الذقون والبعض يريد ان يجعل من مسألة الدمقراطية لهوا وتراجعا عن الحريات وتهديد للامن والاستقرار وهذا ما نلمسه ونعيشه كل يوم من خلال الصراع على السلطة و الضغط من اجل الانحراف عن مسار الديمقراطية ، بعد كل هذه التضحيات التي قدمها العراقيون فهم يرفضون الضغوطات من أي طرف كان يريد وضعهم بين مطرقة المصالح الشخصية للقادة والسياسين وسندات الفساد المالي والاداري وعنف الارهاب والفلتان الامني وانعدم الحياة الطبيعية و عدم الاستقرار والتهديد بالحرب الاهلية.
ان من يتحدث عن الدكتاتورية و الديمقراطية وحقوق الانسان عليه ان يتحمل مسؤولياته تجاه تصحيح مسار العملية السياسية والعمل على تجاوز المحن والازمات وتحقيق الاهداف والحفاظ على وحدة الشعب ، وتجاوز المخاطر وطرد صناعها وادامتها، واما الذين يتحدثون عن الحصص في الدولة العراقية عليهم ان يتحدثوا اولا عن حصة العراق الذي يعرضه المتصارعون على المصالح للاخطار والدمار، العراقيون يطالبون المعنين بادارة العملية السياسية وقيادتها الاجتهاد والحرص على توازنها وازالة مخلفات الاحتلال وازاحة كل الفاسدين في اي موقع كان، و هذا يتطلب من القادة والسياسيين التلاحم وتعزيز ثقتهم ببعضهم ودعم سلطات الدولة كما اقره الدستور ، وتعبئة المواطنيين صوب التوحد والعيش المشترك و القضاء على امراض الطائفية والعنصرية .
وهذا يتحقق عندما يخلص القادة والسياسيون انفسهم من هذه الامراض و يعملون على اشراك المواطنين بشكل فعلي وحقيقي في البناء الوطني وفسح المجال امامهم لدخولهم اللعبة السياسية و اعطائهم الحق ليقرروا ويقترحوا لتكون الانطلاقة شاملة لا يتخلف عليها احد من العراقيين ، و هذا هو الدور الحقيقي الذي يجب ان يضطلع به الذين قبلوا تحمل المسؤولية اتجاه الشعب و الوطن اذا ارادوا اعادة اللحمة الاجتماعية و الانسانية للعراقيين بحيث تقترن كل هذه الفعاليات والنشاطات السياسية والوطنية بتحقيق خطى الاستقرار و السيادة و مقاومة وردع من يحاول او يريد تخريب هذه الانطلاقة الوطنية وعمليتها التي يجب ان نعززها بالمصالحة الوطنية الصادقة لتقريب رؤى الجميع للحوار و تحقيق المناخات التي تتعدد فيها الاراء و تعطي القوة لتطبيع العملية السياسية ووضعها على الطريق الصحيح.
ان هكذا ممارسات من لدن القادة والسياسيين و الاحزاب والتكتلات سوف تنقل العملية السياسية الى المرحلة الوطنية الحقيقية من اجل النهوض بالعراق من الواقع الفاسد واظهار العراق الجديد من خلال تقديم افضل الخدمات للمواطنين عندها سوف يعرف كلا منا واجباته وحقوقه في البناء الوطني وسوف تتضح الخارطة السياسية الوطنية امام الجميع لاننا اليوم جميعا بحاجة الى نقلة نوعيه على كل المستويات ولسنا بحاجة الى صراعات القادة والسياسين وكتلهم واحزابهم على السلطة.