23 ديسمبر، 2024 5:00 ص

(مناضل) فخري.. (دكتوراه) فخرية

(مناضل) فخري.. (دكتوراه) فخرية

(فخرية) هذه إمرأة كانت تجلس في البيت وتبحث عن عمل. اليوم وقد حالفها الحظ في عمل تعتاش عليه وهي الأن تربح الكثير من وراء هذه الصنعة. بعد أن فكرت فخرية كثيراً في عمل يسد حاجاتها ويؤمن لها حياة سعيدة، قررت ركوب الموجة. ومن منطلق “الدنيا خربانة خربانة بقت عليّ” قررت فخرية فتح مكتب لبيع الألقاب العلمية والشهادات وفي مختلف الصنوف العلمية والأدبية والفنية وما إلى ذلك وبحسب الطلب.
من يروم الحصول على شهادة عليه أن يقصد فخرية وهي تقوم بالواجب. تمنح أكبر الشهادات من الماجستير وحتى الدكتوراه والأستاذية ما بعد الدكتوراه، بعد أن أصبح البكالوريوس درجة لا تغني عن جوع. خلال أيام تتمكن فخرية من منحك الدكتوراه أسرع من أكبر جامعة في العالم، دون بحث ودون تعب ودون الحاجة إلى الليالي وسهرها ووجع القلب وتباً لجامعة اكسفورد. وأضافت فخرية مؤخراً خدمة أخرى إلى خدماتها الجليلة الكثيرة وهي خدمة التوصيل المجاني. أطلب شهادة تجيك للبيت.
لم يقتصر عمل فخرية هذه على منح الشهادات والألقاب العلمية فحسب. فمن باب تطوير العمل والإنفتاح ومواكبة عصر النهضة، بدأ زوجها فخري هذه المرة بمنح الألقاب السياسية أيضاً. نعم فبإمكانك الأن أن تصبح (مناضلاً) دون مبالاة. فكما إننا نجد أمـيّـاً قد تحول بين ليلة وضحاها إلى دكتور أو سفيراً للنوايا الحسنة بفضل فخرية، نجد كذلك أسماءً لم نسمع بها من قبل وقد تحولت إلى (مناضل) بفضل فخري. حتى أصبحنا نشاهد لافتات تملئ الشوارع حزناً لوفاة (مناضل) ونحن نسمع به لأول مرة. تساءل الجميع عن السيرة السياسية للشخص والتي جعلت منه (مناضلاً) ولم نجد جواباً شافياً لتساؤلنا هذا. حتى إكتشفنا أن درجة (المناضل) هي الأخرى تمنح من فخرية وزوجها فخري، تماماً كما منحت الدكتوراه الفخرية دون ماضٍ يذكر.
فخرية هذه التي تمنح الشهادات العلمية دون البحث في التأريخ العلمي للشخص، زوجها يمنح كذلك لقب (المناضل) دون الرجوع إلى التأريخ السياسي للشخص وماضيه. فكما أصبح خريج الدراسة الإبتدائية دكتوراً بغمضة بصر، أصبح كل من هب ودب (مناضلاً) برمشة عين.
نحن نناشد فخرية وفخري هذا بالكف عن منح الشهادات عجافاً. فليس المال غاية لكل شيء وكسب المال لا يعني الإضرار بالعامة. فقد إختلط الحابل بالنابل وأصبحنا لا نفرق بين المضمد والطبيب وبين الأمي والدكتور وبين المتقاعس والمناضل.
لطفا.. إنتبهي لنا يا فخرية، فقد بدأنا نسأل كل دكتور (هل شهادتك جامعية أم من فخرية؟ ونسأل كل سياسي هل أنت مناضل بتأريخ مشرف أم من جماعة فخري؟).