22 ديسمبر، 2024 8:33 م

مناضل عتيد ومحاور فريد

مناضل عتيد ومحاور فريد

ان تكون شاعرا او روائيا او فنانا او فيلسوفا وتكتب عن السلطة فهذا شيء يحتاج الى حزمة تبريرات لقرائك ومتابعيك خشية من احتراق اسمك بفعل سوء الفهم ، ذلك ان علاقة المثقف الحقيقي بالسلطة تظل قلقة على الدوام ،لايتعلق الامر باسباب مهمة ، يتعلق فقط بالعلاقة غير المتكافئة بين القصيدة والقلم والريشة والتفكيرمن جهة وبين عرش السلطة والمسدس من جهة أخرى ، لكنها علاقة قابلة للاصلاح عندما تتخلى السلطة عن فكرة الحروب وتتجه الى زراعة العدالة والحقوق والحريات والعمران والثقافة والفنون.وهذا مايحدث بالفعل في اقليم كوردستان ، حاكم حكيم وشعب نبيل.سياسيون من الطراز الرفيع ،بعيدون عن الضجيج الاعلامي لسبب او آخر ،السبب الاكثر شيوعا هو ثقتهم الفريدة بانفسهم وبتجربتهم التي لفتت انظار العالم اليهم، اقول سياسيون واعني كثر في اقليم كوردستان الاخضر على الدوام ،كثيرا مااسمع عنهم او أقرأ عنهم ،ونادرا جدا مااكتب عن احدهم ،وهذا بالتأكيد قصور ليس مقصود ،لكن اليوم صار لزاما علي ان اوثق .وقد احطت بنشاطات سياسية وانسانية مكثفة لسياسي بارز وفريد أسمه المناضل فاضل ميراني يتزعم سكرتارية أول وأعرق حزب في التاريخ الكوردي هو الحزب الديموقراطي الكردستاني.
لم التقي السياسي الكوردي فاضل ميراني الا عندما لبيت دعوة قناة ال ام بي سي العالمية مع حشد من الاكاديميين والاعلاميين للمشاركة في حوار تلفزيوني ،ولقد رأيته يجلس بكامل اناقته وهدوءه المعهودين، ولقد أصغيت له وهو يشرح بقدرة الواثق العارف عن خارطة سياسة الأقليم.
ولم اكن اعرف تاريخ الكفاح الكوردي حتى قرات كتاب السياسي العتيد فاضل ميراني”قراءة في الرؤية السياسية” والذي اوصي بقراءته لاجل الالمام بالقضية الكوردية التي اخذت حيزا مهما في العالم المعاصر، بالاخص في السنوات الاخيرة بعد ان احرزت قوات البيشمركة انتصارات هائلة في حربها الاخيرة لفتت انظار العالم الى التاريخ الكوردي باكمله.
ثم بدأت اتابع نشاطاته عبر الاعلام العالمي والعربي والمحلي لأكتشف انه بحق مهندس الدبلوماسية الكوردية وبجدارة ايضا .
هو اذن فاضل ميراني احد الذين عملوا في الكفاح المسلح مع بارزاني الأب الخالد ،وأحد اهم تلاميذ مدرسته التي لاتشيخ،انضم الى الحزب عام 1966 وارتقى في المناصب حتى تربع على سكرتارية الحزب الديموقراطي الكوردستاني منذ اكثر من خمسة عشر عاما. يتسم الرجل بسمات حميدة ،ومنها نأيه عن الرد على اي تصريح عدائي او استفزازي ، هو يسمو ويرتفع أسوة بكل مناضل يحترم سنوات نضاله العتيدة ، يتقن فلسفة الحوار بل انها سجية من سجاياه، يمشي بهدوء واثق الخطو ،تحيطه هالة من الرصانة التي تخلفها قوافل التجارب المريرة والحلوة معا، ويتحرك الرجل المناضل نحو الاماكن المتوترة فيخفف حدة التوتر ثم يحوله الى هدوء واستقرار بالتدريج ،يجلس في الاماكن القلقة فيحولها الى اماكن سلام ،يجلس مع الفرقاء فلايودعهم قبل ان يرسخ لديهم فكرة الاتحاد ،ويجلس مع الخصوم فيجعلهم يتراجعوا عن الضغينة وان قليلا ، ميراني البارع بردم الفجوات وترتيق الجروح التي غالبا مايخلفها الخمول في العلاقة يين الشركاء، يخوض معارك ناعمة رغم مشقة الطريق، فالحوار هو أعمق علاقة يحترم فيها الناس بعضهم. والحوار شكل من اشكال الوجود الإنساني، وليس فقط مجرد وسيلة للتواصل.وفقا للفيلسوف الوجودي مارتن بوبر.ووظيفة الحوار رفع سوء التفاهم وتوحيد الأفكار وتكريس الائتلاف ولم الشتات وتحقيق الوئام،نقاط التقاء كثيرة تشحن الحوار وتطّعم الخمول بعقار محفز للأصغاء تمنح خلاله الحرية للشركاء نوافذ مفتوحة قادرة على الانفتاح الحواري والالتقاء بالآخرين في أفق الخير.إنها الحرية الداخلية للإنسان ، التي تتيح الانفتاح المنطقي على الآخرين والاجتماع وجهًا لوجه. ولكي يصبح الشخص مشاركًا في روح الحوار يجب أن يكون حراً داخليًا، ميراني يعرف هذا جيدا ويحاول ان يزرعه في اذهان اتباعه ،وميراني يتمنطق بهذا المبدا ويذهب الى شركائه داعيا اياهم للحوار وطالبا النأي بالخلافات الجانبية ونبذ الخصومات ،فكردستان تستحق التخلي عن كل ماهو شخصي، وكلما طفت الذكريات التي تخلفها التصريحات والمواقف المتشنجة على السطح علينا ان نتذكرايام نضالنا ومواطنينا الطيبين، ،وان من المستحسن كأشارة على حسن النية ،الترحيب اولا بالجلوس على مائدة الحوار وبعث اشارة الى الخصوم والشركاء والاصدقاء بان الكرد بخير وعلى مايرام وان لافجوة للشيطان يمكن ان ينفذ منها،وان كردستان مهما تباينت الأراء والاهواء لايمكن ان تذهب الى بغداد الا واحدة موحدة .
لان السياسي والمناضل الكوردي فاضل ميراني اسم مشرق ومهيب فقد ورد اسمه في ترشيحات رئاسة الجمهورية في العراق عام 2018 وكم اخشى ان يكيد الحاسدون هذا الاشراق فيما لو سنموه منصب رئاسة الجمهورية هذه الايام، سيجابه بسلوكيات فضة وسيصطدم بطقوس لاتليق بمناضل عتيد عاش عمره النضالي والسياسي في بقعة تحترم نفسها ويحترمها العالم بأكمله ،فهذا المنصب الشكلي شبه الافتراضي لايليق بشخصية صارمة ومرنة معا لها رصيد يزن طن من الهيبة والاحترام مقارنة بحكومات كاملة لاتزن غرام واحد ،خشيتي ان يحملوه اوزار خطاياهم ذات الثمانية عشر خريفا يوما ما،
فاضل ميراني ليس بحاجة الى مجد هذا المنصب، فاضل ميراني اسم مشرق ومهيب في سائر تخوم الاقليم ، يحتفظ باحترام فخم في الاقليم وفي بغداد وفي الدول ايضا.