أحد القوانين الحياتية الثابتة؛ هي أن أي شخص يتصدى لتنفيذ أي مهمة معينة, لابد أن تواجهه جملة من العراقيل والمعوقات, فما بالك إذا كان هذا الشخص يتصدى لمنصب رئاسة الوزراء, وفي العراق بالتحديد. العراق البلد صاحب التأريخ الطويل الحافل بالأحداث المعقدة, التي لا يقوى على فك رموزها إلا هو تعالى, والمؤمنون ممن يسددهم تعالى لعمل الخير, للإنسانية عامة والعراق خاصة.
العراق الذي يمر اليوم بمنعطف تاريخي مهم جداَ, كان قد مر من خلاله سابقاَ, وخلال فترة الحكومة السابقة في الثمان سنوات الماضية, التي كنا نتأمل منها أن تقوم درب هذا المنعطف وتجعله سالكاَ مستقيماَ, ولكن مع الأسف فهي لم تعمل إلا على زيادة هذا المنعطف انحدارا وانزلاقا.
رئيس الوزراء العبادي حينما وقع الاختيار عليه لشغل منصب رئيس الوزراء, أصبح أمام مسؤولية تاريخية بان لا يحابي أو يجامل على حساب الحق, وإلا ينزلق بنفس الهاوية التي تقعرها سابقوه, ومن جملة المصاعب الخطرة التي سيواجهها مستقبلاَ, هي انه إذا أتم عمله بصورة صحيحة فهذا سيكشف سلبيات خطيرة جدا, وبأرقام هائلة, من فترة من سبقه.
تلكم السلبيات التي سيحاول السابق ألا تكشف, بإتمام المهام بصورة صحيحة, ستؤدي بالعبادي إلى الصدام المباشر والعنيف مع أصدقاء دربه, ورفاقه في الحزب, وستكون مطحنة تاريخية لا يخرج من رحاها إلا دقيق الحق؛ إن قرر العبادي أن يخوض غمارها, بأن لا تأخذه في الحق ملامة اللائمين.
عادل عبد المهدي وزير النفط الحالي هو الآخر, يخوض معركة تاريخية على عدة جبهات, منها الفساد الذي يجري في عروق الوزارة, والتمكن الذي يمتلكه رئيس الوزراء السابق, الذي يحاول من خلال نفوذه بمنع التوصل إلى حل نهائي مع الإقليم, الذي بدأ بالفعل عادل عبد المهدي بحله بسياسته الواعية, والمنطقية وغير المتعنتة, وان التوصل إلى اتفاق مع الإقليم سيظهر الحكومة السابقة على حقيقتها, وكيف أنها لم ترد لهذا الاتفاق أن يتم يوماَ, لأنه كان الرداء الذي يستر عورة فساد الميزانيات.
عينة أخرى من مجتمعنا السياسي, هو القاضي منير حداد, الذي صودر منه شرف إعدام صدام, ونسبوه لأنفسهم, ثم ما لبثوا أن تعرضوا لحياة القاضي بمحاولة اغتيال فاشلة, لأنه قرر فضح وكشف المستور قانونياَ, ورفع القضايا في المحاكم لاستعادة حقه, وحق الشعب المنهوب.
منصات المحاكم تنتظر روادها, وغياهب السجون وحبال المشانق تنتظر زبائنها, فأحقوا الحق ما استطعتم, وأنصفوا أرواح ضحايا المفخخات وسبايكر وفقراء القفار, وسوقوا إلى العدالة من غلب مصلحته الشخصية على أرواح وقوت المساكين, ولم يعتبر أو يزدجر ممن سبقوه.