رغبة الرئیس الإیراني “حسن روحاني” باقامة علاقات حمیمة مع الغرب ، لاتخفی علی أحد ، تماماً کرغبة سلفه محمود احمدي نجاد ، مع الفارق ، انَّ الاخیر ، کان مکبلاً أواخر حکمه بعد ان اَبعدَ حلفاءهُ و اصدقاءهُ واحدا تلو الاخر ، فأسقط عن نفسه دعم النظام في نهایة المطاف و خسر ثقته بادارة ملفات خارجیة کبری ، کالعلاقة مع واشنطن ، و النووي ، و دور ایران في الاقلیم .
و في احدی مقابلاته قالها صراحةً ، الرجلُ المتواضع احمدي نجاد ، اِنه غیر معني بالملف النووي ، و فعلاً ، فقد داره امینُ المجلس الاعلی للامن القومي الایراني “سعید جلیلي” بعد ان اوصله “علي لاریحاني” من نفس الموقع
الی مراحل متقدمة ، قبل
تعنُّتٍ فرنسيٍ حینها افشل التوصل الی اتفاق ، و عقوباتٍ امریکیةٍ شملت قطاع النفط و الغاز و البنك المرکزي الایراني ، انهت مسیرة التفاوض .
اما الرئیس الاصلاحي حسن روحاني الذي یرفض احتسابه علی جناحٍ بعینه رفضاً قاطعاً ، و ذلك لنزع اکبر قدر ممکن من تأیید النظام لتنفیذ سیاساته في الداخل و الخارج بسلاسة، فیتمتع بصلاحیاتٍ واسعة ،
اقل مایقالُ عنها ، انها مثالیة ، مقارنة بما حظي بها سلفه و لعدة اسباب ، ابرزها ظروف البلاد في ظلِّ العقوبات ، و متغیرات المنطقة المتشابکة .
هکذا وجدَ روحاني المُناخ مناسباً جداً ، بل فرصة ذهبیة لاستثماره ، فاطلقَ مشروعاً للتقارب مع الغرب ، ابتدأهُ بالمفاوضات النوویة و توصّّلَ الی اتفاقْ ، و واصلهُ عبر فتح علاقاتٍ ثنائیة مع عواصم القرار الأوروبیة ، تجسدت بزیاراتٍ متبادلة ، آخرها لوزیر الخارجیة البریطاني فیلیب هاموند لطهران ، وجاءت بالکثیر ، سیاسیاً و اقتصادیا .
و رغم تزاید حدَّة الانتقادات الداخلیة الموجَّهة لروحاني ، من قِبل مؤسسات و وجوه سیاسیةٍ لامعة تُحسَبُ علی التیار الاصولي في البلاد ، لمایُبدیه الرجل من مرونةٍ زائدة في التعاطي مع الغرب ، لکنه مستمرٌ بنهجه دون تردُّدْ .
و من مصادیق مرونة “شیخ الاعتدال” کما یُطلِقُ علیه مؤیدوه ، تصریحاته الجريئة بین الفینة و الأخری ، آخرها ما اورده خلال لقاءٍ جمعه بوزیر الخارجیة البریطاني هاموند ،
عندما اشار الی ضرورة عدم نبش -احداث الماضي- ، في رسالةٍ فُهمت علی انها وُجِّهت لخصومه في الداخل ، لمن استنکروا اعادة الحکومة ، العلاقاتَ مع لندن ، لتاریخها الاسود في التعامل مع ایران ، بدءاً من مساعیها لعدم تأمیم النفط و اسقاط حکومة “مصدِّق” في اواسط القرن الماضي ، مروراً بقمع الشعب الایراني ابان ثورته علی الشاه ، ختاماً بمساهمتها في فرض العقوبات و ضلوعها في اغتیال علماء نوویین و ادارة جزءٍ کبیر من الاضطرابات التي تلت الانتخابات الرئاسیة عام 2009 حسب تقاریر استخباراتیة .
الحملاتُ الکلامیةُ ضد الرجل الثاني في ایران في الأسابیع الأخیرة لم تصدر من السّاسة فقط .
فبینما یطالبُ انصارَه -بالکفِّ- عن اطلاق شعار الموت لامریکا ، خرج مساعد رئیس هیئة ارکان القوات المسلحة الایرانیة اللواء مسعود جزائري بتصریح عکس مدی التباین مع توجهات الرئیس ، عندما قال نصاً : “شعار الموت لأمریکا و بریطانیا و اسرائیل لم یلد بین لیلة و ضحاها ، لیُرفَعَ من خطابِ الإيرانیین ، بتوصیةٍ
من هذا و ذاك” .
التصریح هذا ، تلی مقالاً لقائد الحرس الثوري اللواء “محمد علي جعفري” ، طالب فیه المسؤولین الحکومیین باطلاق تصریحات أکثر اتزاناً و درایة .