23 ديسمبر، 2024 10:17 ص

ممّا بينَ العراق وما بين مصر !!

ممّا بينَ العراق وما بين مصر !!

كانَ من المفترض ان يغدو العنوان اعلاه بصيغة < بعضٌ من بعضٍ ممّا بينَ العراق وممّا بينَ مصر > , لكنّ طول العنوان والإعتبارات اللغوية والصحفية قد إختزلت ذلك , كما جليّاً يتّضح انَّ عبارة او مقطع ” بعضٌ من بعضٍ ” اعلاه هي لتناولِ رموز او شرائح يمكنُ القياس عليها لِما هو اوسع وابعد
1) في جمهورية مصر العربية هنالك قانون او نظام او قرار وما الى ذلك من تسمياتٍ رسمية , وفحوى هذا القرار انه على كلِّ مواطنٍ مصريٍّ يرغب التسجيل في او الإنتماء الى الكلية الحربية المصرية فعليه ” إلزاماً ” أن يؤدي القَسَمْ – المُوَثَّق بتعهّدٍ خطّي – على عدم الأنتماء الى ايّ احزابٍ سياسية او دينية , واذا ما اُكتُشِفَ عكس ذلك لاحقا واثناء عمله , فسيجري فصله على الفور من القوات المسلحة ” ولعلَّ قرار الفصل هو الحدّ الأدنى المعلن في ذلك لما فيه من دلالاتٍ وابعاد , وهكذا حافظت وما برحت القوات المصرية على تماسكها ووحدة صفوفها وضباطها وجنودها منذ رحيل الرئيس جمال عبد الناصر ومرورا بإغتيال السادات وثمّ إسقاط نظام مبارك وما جرى لاحقا من تنحية ” الرئيس محمد مرسي ” وهي حقّا نقطة تٌسجّل لصالح القيادة العسكرية المصرية … بينما في العراق فهو العكس في هذا السياق .! فعلناً وبقراراتٍ رئاسيّةٍ رسمية يجري دمج وإلحاق وإلصاق اشخاصٌ مدنيون ميليشياويون في القوات المسلحة العراقية سواءً على اصعدة الجيش او الشرطة او المخابرات في اجهزتها ووكالاتها المتعددة , وليس ذلك فحسب .! كلاّ , بل يجري منحهم رتباً عسكرية تتناسب طردياً مع تأريخهم ونضالهم الميليشي , بل ذكرت بعض الصحف والمواقع الالكترونية ذات مرّه ان جرى منح رتبة عقيد الى بعض رجال الدين النافذين في حزب السلطه , وهكذا : مصريّاً وعراقيا فشتّانَ بين الثرى والثريّا
2)  – قبلَ بضعِ سنواتٍ خَلَتْ , وقبل سقوط نظام ” الرئيس حسني مبارك ” والأمر لا علاقةَ له بالسياسة , كان قد جرى في مصر تخرّج او تخريج دورة متميزة او خاصة من طلبة العلوم الدينية في جامعة الأزهر , وقد تميّزت تلك الدورة بسمة ذات خصوصيةٍ بارزة , إذ كان ومنذ السنة الأولى للدراسةِ الجامعيةِ فيها , أن جرى وضع منهاج دراسي مكثّف للغاية باللغة الانكليزية على ايدي خبراء واساتذه متخصصين بحيث يغدو الطالب او الخرّيج على درجةٍ عالية من التحادث والتخاطب باللغة الانكليزية , النقطة الأبرز في هذا الموضوع أنّه وفي اليوم التالي لتخرّج تلك الدورة فقد جرى توزيع طلبتها وارسالهم على شكلِ مجموعتين , الأولى الى عددٍ من الدول الأوربية بغية تفنيد بعض الطروحات التي صارت تظهر هنا وهناك في الغرب والتي تسيء الى شخصية الرسول ” ص ” وتشويه الديانة الاسلامية , وثمّ لمحاورة الرأي العام الغربي فكريا وبلغتهم عن نقاء واصالة الاسلام كدين حيوي مُنزل الى البشريةِ بأكملها , أمّا المجموعة الثانية فقد تمَّ ارسالها الى بعض الدول الافريقية التي ينتشر فيها الإلحاد ولا علاقة لهم بأيّ من الديانات , وهذا هو حقّاً المكان المناسب والمطلوب لرجال الدين المسلمين , > وفي الصددِ هذا فإنّ مصر كبلدٍ فقير الموارد ويعاني من اَزَماتٍ مالية ,   واقتصادية وديون ونراه يتحمّل هذه الأعباء المالية لنشر الفكر والثقافة الاسلامية في بُقَعٍ متعددة من الكرة الارضية , فلا يسعنا إلاّ ان نقدّم تحية تقدير لهذه المسؤولية وهذا الجهد الذي تتبناه مصر وبغضّ النظر عن عمّن يتولّى نظام الحكم فيها , وكم كان مهمّا ومفيدا ان تحذو البلدان العربية الاخرى حذو مصر سواءً بجهدٍ عربيٍ مشترك او فردي > ,”  لكنّه في العراق ” فكأنّه توجّهٌ مرسوم للغوصِ في خفايا وزوايا التأريخ , بغية استخراج صورٍ جديدةٍ مغايرة لهذا التأريخ لا تؤدّي إلاّ الى فِتنٍ وخلافاتٍ وشقَّ صفوف تُجزّئ روح المواطنة وتُصهر المشاعر الوطنية والقومية , وشتّانَ بين الثريّا والثرى
3) – بغضّ النظر عن موقف الشعب المصري من الرئيس محمد مرسي الذي جرت تنحيته بواسطة الجيش وضغط التظاهرات  المناوئة , كما بغضّ النظر ايضا عن الموقف من حركة الأخوان المسلمين والتي هي حركة دينية ومتطرفة ” ولعلَّ تطرّفها كان احد اسباب إزاحتها والإطاحة بها ” , لكنَّ كلمة الحقّ تُقال انّهُ وطوال عامٍ من حُكم الرئيس مرسي , فَلَمْ يجْرِ إغلاق النوادي الليلية والمراكز الترفيهية ولا حتى مئات الأعداد من ” الكوفي شوب ” المنتشرة في مصر ” ولا ايضا مداهمتها ولا اقتحامها لا مِن قِبل الجيش ولا من قِبل الشرطة , ولمْ تهاجمها اي ميليشيات مرتبطة بأحزاب دينية -إنْ وُجِدَتْ- وظلَّ الشعب المصري يمارس حرياته الاجتماعية والترفيهية , فمالنا وماذا جرى لنا في العراق – لمْ يُروِ غليلَ اعداء الحياة لاتفجير المفخخات في الاماكن العامة , ولا زرع العبواتِ في الطُرُقات ولا لصقها في السيارات , ولم يتوقف نهمهم بالأغتيالات سواءً بالكاتمِ او المعلن , بل انَّ رغَباتهم الشريرة الجامحة فتحت ابواب الشّر على مصارعها فراحوا يسدّون منافذ التنفس الاجتماعي بمهاجمة المقاهي واماكن الاستراحة وما الى ذلك مما تبقّى من جزيئيات الحياة , الى اين سينتهي المطاف بهم والى اين سينتهي بنا ..!!؟؟ إنّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم

[email protected]