10 أبريل، 2024 10:20 م
Search
Close this search box.

ممنوع من الدخول!!!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

لست من اصحاب الملايين .انا مجرد مواطن بسيط اعمل سائقا لسيارة تاكسي اعولها وتعولني .
ربما بدت لكم العبارة غامضة او غير مفهومة فمن المعروف ان السيارة تعولني لأنني بفضل الله تعالى استحصل رزقي اليومي من خلال العمل عليها اما كيف اعولها فهذا ما اوضحه لكم فسيارتي ليست حديثة وهي باستمرار تحتاج الى ان ادخلها ورشات التصليح وبهذا اكون انا ايضا معيلا لها .
ولي مع سيارتي واحداث الطرقات قصصا كثيرة احب هنا ان اقص عليكم ان اذنتم واحدة منها.
……………….
في يوم اعتبرته مميزا لان احد المتمكنين ماديا دعاني لاقله بسيارتي الى مكان فخم لا يدخله الا كل ذي حظ عظيم ,اجل أعزاءي كان ذلك المكان مطعما فخما للغاية تصوروا ربما كانت مساحته تزيد عن مساحات اعظم المطاعم في العاصمة الحبيبة بغداد وله كراج فخم اصطفت في اركانه الكثير الكثير من السيارات الفخمة التي راحت تنظر الى سيارتي الهزيلة القديمة بعين الازدراء بل وربما الكراهية لا لذنب جنته عليهن الا لأنها دخلت الى مكان يليق بهن ولا يليق تواجدها فيه هي اشبه بزنجية في العصور الوسطى دخلت مكانا محرما على الزنوج (رغم ان سيارتي صفراء اللون فهي اشبه ماتكون من ناحية اللون بإنسان اشقر واما السيارات الاخرى فكانت في الغالب سوداء وهي من حيث اللون تمثل الانسان الاسمر) وكاد قلبي يقف عن النبض حين قابلني العامل الذي كان عليه ان يأخذ السيارة الى مكان مخصص للوقوف في مرآب ذلك المطعم وظننت في بداية الامر انه سيقوم هو بقيادتها الى ذلك المكان المخصص كما يفعل العمال الاخرون مع السيارات الفخمة حيث يقدم اصحابها مفاتيحها فيقودوها الى اماكنها المخصصة لكن سيارتي المسكينة لم تهنأ بهذا التكريم ولم تحظى بذلك التبجيل استخفافا منهم بها واستصغارا لشأنها وهكذا اصبحت مضطرا ان اقودها الى مكان اشار العامل اليه فمضيت وانا اشعر بالانكسار وحسبت ان الامر سينتهي عند هذا ولكن كان هناك الاكثر احراجا ليس لسيارتي ولكن لشخصي ….!!!!
كيف ….؟
اعلم انكم ستوجهون لي هذا السؤال ….وها انا أجيبكم عليه .
حين تركت سيارتي المسكية في مكانها وهي تنظر الي بعين حزينة وتشكو تهكم تلك السيارات عليها همست لها قائلا : لا تغضبي سياتي يوم تكونين اسعد حالا منهن ربما لان اصحابها لا يستمرون معها طويلا فهم متعودون على تبديل مركباتهم بحسب الموديلات اولا بأول وسينتهي بهن المطاف الى استبدال الاصحاب اولا بأول اما انت فملكة متوجة ورفيقة دائمة …سكنت روعتها وايضا احسست بشيء من الرضا لأنني تمكنت من مواساتها لذا توجهت الى الممر وحاولت دخول المصعد الى الطابق الثاني حيث ينتظرني صاحبي فإذا بالعامل ينادي علي قائلا :
الى اين …الى اين…؟
الى الطابق الثاني فصاحبي ينتظرني هناك.
لا يمكنك الصعود ….!!!
لماذا ….؟
لأنك لا تلبس حذاء !!!!
نظرت الى قدمي وعجبت انني البس نعالا
-الا ترى انني البس نعالا ولست حافيا…؟
– هذا النعال ممنوع هنا …!!!!!!
وما دخل النعال او الحذاء في هذا الامر المهم الا اكون حافيا……………
هز رأسه ونظر اليَّ شزرا ومال بعنقه بعد ان نظر الي نظرة فيها من الاستخفاف اكثر من الانزعاج ولوى شفتيه بنبرة حادة قائلا:
هكذا هو البرستيج في هذا المطعم هل تظن نفسك دخلت مطعما شعبيا بسيط!!!!
وهل نحن موظفون في دائرة رسمية او عاملون في ثكنة عسكرية ….؟
بقي ينظر اليَّ تلك النظرة ولم يضف اي كلمة ومضت بضع ثوان ظل كل منا متمسكا بموقفه ثم مالبث ان هتف:
هل ستمضي او اطلب……………….
لذا لم اجد بدا من ان اتوجه له بالسؤال:
وما هو الحل …ان صاحبي ينتظرني على طاولة الطعام في الطابق الثاني…؟
اذهب الى اي محل من محلات بيع الاحذية واقتني حذاء مناسب وعد الى هنا…
بعد لحظات من التفكير لم اجد بدا من العمل وفق ما اشار الي به ذلك العامل اذ ادركت ان وقوفي لا يغير من الامر شيء سيما وان صاحبي قد استعجلني المجيء.
……………………..
لم يكن بإمكاني ان اذهب دون سيارتي فعدت اليها ووجدتها مستغرقة في نوم عميق ربما اتاحت لها تلك اللحظات الهرب من نظرات الازدراء التي تنهال عليها من جميع المركبات الفخمة حولها وهي بهذا ظهرت بمظهر التحدي والقوة بحيث بدت لهن غير آبه بهن بل هي تتيه فخرا عليهن انها رفيقة دائمة وليست مثلهن وحين فتحت الباب وجلست الى المقود فتحت عينها وابتسمت وكأنها تسألني عن سبب عودتي اليها سريعا فكان لابد لي ان احدثها بالأمر واخبرها بأنه يتحتم علينا ان نمضي الى حيث معارض الاحذية لانتقاء حذاء مناسب يمكنني من الدخول الى المطعم الفخم .
لم ترضى سيارتي عن هذا الامر لكنها مضت معي الى اكثر من معرض ووجدت ان اقل سعر لأبسط حذاء يساوي مبلغا كبيرا بالنسبة لمقدرتي المادية فماذا افعل …………………..
بعد تجوال طويل عدت بخفي حنين الى المطعم لكني لم ابادر بالدخول اليه انما قمت بأجراء اتصال هاتفي مع صاحبي اخبرته من خلاله انني انتظره خارج المطعم فراح يدعوني ان اشاركه وجبة الطعام فهو قد انتظرني طويلا لذا لم اجد بدا من ان اخبره…. لأني لا البس حذاء….فانا….ممنوع من الدخول !!!!!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب