18 ديسمبر، 2024 11:45 م

مملكة من البخار الساخن، بوابتها عليها حراس يمسكون المناشف او يدخنون الأركيلة، امامهم عدد من الصواني التي ملئت بالصابون واللِيَف.. ما ان يدخل عليهم أحد حتى يأمرونه بنزع ملابسه وتأمينها في خزانات خاصة ثم يغلقونها بمفاتيح تعلق على رقابهم خوفا من السرقة، إنها متاهة دافئة ضبابية الوجوه فيها لا تكاد تحسم أشكالها، فعندما تطوف تتداخل الرطوبة فتخنق انفاسك في اول وهله كأنها تقول لك لقد دخلت بأرجلك الى عالم قباب وممرات جميعا تؤدي بك في النهاية الى حوض بارد يعلوه مجون صخب، فرواده كالنحل مشغولون بين رش ماء ( طاش وطيش) وحديث لا ينتهي.. دخل ولأول مرة في حياته هذا ما لاحظه من كانت الفراسة مهنته فتقرب إليه مرحبا، لعلها المرة الأولى أليس كذلك؟ انتبه دون ان يستغرب البطن المتهدلة والضخامة التي وقفت امامة وقد ضيقت الخناق عليه بعد البخار فأجاب وهو يمسح وجهه نعم الأولى وستكون الأخيرة، لقد تورطت بها فصاحبي دخل قبلي ولا ادري اين صار! أيمكن أن انادي عليه؟
ضحك من ساله بعد ان وضع كفه على كتفه مجيبا أدعى الغول سيدي.. ولم لا هيا نادي عليه…
حاول لكن كلما فتح فمه ضاق تنفسه وابتلع البخار مع حرارة الهواء فلطم نفسه.. لا .. لا داعي بعد ان يأس فقال: جنابك تعمل هنا ام زبون؟
الرجل الضخم: لا انا اعمل هنا مدلكا دعني اتولاك، ستكون مرتاحا أنا متأكد لا تهتم لا أطلب أجرا كبيرا أنت وما تجود به هيا إلحق بي حيث الزاوية هناك عند الحوض البعيد..
ماذا تقصد الزاوية والحوض البعيد أهناك فرق عن هذا المكان؟
لا ابدا ولكنه للخلوة واخذ الراحة، فهناك اعمل براحتي سيكون بعيدا عن تؤهاتك فيما إذا أحرجتك وآذيتك فأنا موصوف عني بشدتي وتقل يدي… لا عليك يا سيدي هيا اتبعني، او إذهب هناك سأوصي على زميل لي بأن يبحث عن صاحبك ليلحق بنا حيث نكون
لحظات كان الى جانبة وقد مده على مسطبة من الرخام وهو صاغر لا ينبس بكلمة كأنه طوعه لأمره، يقول لنفسه… ماهذا الورطة التي ورطتني بها يا رؤوف الله يلعنك لقد تاهت علي فحتى باب الخروج لم يعد بمقدرتي الاستدلال عليه إلا من خلال هذا الغول لا بل كينج كونج.. والآن يريد ان يقوم بتدليك جسمي لاشك سيحطم عظامي.. أرى من وجهه أنه وجد فريسة سهلة لا يمكنها رفض طلبه وإلا سلخ جلدها لذا سأماشيه حتى وهلة من وقت ومن ثم اشكره على جهده وأطلب منه ان يخرج بي من مملكة الضباب هذه التي لو علمت بواطنها ما دخلتها، سأوريك يا رؤوف الكلب ماذا سيكون ثمن فعلتك؟ خرج عن عالمه بصوت يحدثه إن هذا لصابون نوع خاص لا نستخدمه إلا للغالين من الزبائن وانت كما يبدو عليك شاب جميل بهي الطلعة ترف وناعم الجلد، فملمس جلدك بالنسبة لي طري وترف هههههههههههههه لا تزعل من كلامي كثير من النساء يتمنين ان يكون لهن بياضك ونعومة جلدك.. لكني سأحاول ان لا اكون شديدا ولا فضا بحديثي معك إني اعتذر لقولي سيدي لكنها الحقيقة..
هيه يبدو أنك تجاوزت حدودك في لياقة الحديث والادب.. هيا سارع بإخراجي فأنا لا اريد الاستحمام..
سيدي أني اعتذر صدقني ما عنيت زعلك لكني استغرب النعومة!! يبدو أنك إبن ذوات، لم تتعب او ترهق نفسك ويديك في عمل او كد، أنا لا أحسدك لكن طبيعتي هذه ومن يعرفني يدرك أني لا اعني إلا الخير ارجوك سيدي لا تقطع عيشي بالشكوى لصاحب الحمام
حسنا دعني اضع الماء على نفسي لاستخدم الشامبو الذي جلبته معي هذا هو إنه خاص للجسم فقط
سيدي ماهذا!!؟ إنك في حمام بخار للتدليك والاستحمام بالطرق القديمة التي يمكنها ان تعيد لك نشاطك وتخليصك من اوجاع المفاصل او الظهر، سترى فقط اترك لي نفسك… لم يقاومه.. سارع الغول بمده وجر احد رجليه على كتفه وأخذ يفركها بالصابون ومن ثم لبس كف خشن وراح يفركها بشدة، صاحبه الذي تحت رحمته يئن ويصيح على مهلك لست بغلا قذرا او ثورا حتى تفرك بي هكذا!!! لقد نزعت جلدي عن ساقي اتركني الله لا يعطيك عافية لقد دمرتني!؟ لكن الغول لم يأخذ بكلامه سارع الى ساقه الثانية وفعل بها مثل الاولى دون مبال بما يسمعه شارفنا على الانتهاء سيدي ارجوك اجعل إكراميتي بقدر جهدي لك .. هيا انقلب على بطنك؟ جن جنونه ماذا تعني على بطني ألا تخجل؟!!!
سيدي إنها لحظات ثم أنتهي منك، ما ان تنقلب عليها حتى ترتاح صدقني، فالكثير يقاومون مثلك لكن ما ان اركب عليهم حتى تتغير فكرتهم ويشعرون بمتعة والراحة، سأريك فكل ما عليك أن لا تصرخ ولا تتوجع من غلظتي..
أمجنون أنت!!!؟ قبل أن يكملها كان قد قلبه على بطنه وصعد فوق فخذيه دون ان يجعله يستطيع الحراك ضاقت انفاسه لم يستطع الصياح كأنه فقد وعية… تبسم الغول بعدما رآه، سارع الى فرك ظهره بذلك القفاز الخشن كأن يعيد تنجيد جلده قلب لونه من الابيض الى الاحمر، سلخه حيا وهو يقول في نفسه ستكون هذه المرة الاخيرة لك بالتجربة، فقبلها ستفكر ألف ساعة قبل ان تعيد الكرة ههههههههه لكني واقسم اشعر بالأسف عليك جيل خرع لا يعلم كيف تكون الحياة صعبة متى ما استهلها إرثا…
فز وهو يصرخ آه يا حيوان لقد سلخت ظهري أشعر بالألم يا رؤوف الكلب لقد استبدلوا جلدي لقد سلخني هذا الغول أين أنت يا ابن الكلب؟ ساريك يا حيوان سأردها لك… سكب الماء البارد عليه مرة ثانية وثالثة شعر بالانتعاش والصحوة فصاح اسكب علي الماء البارد إنه منعش يبرد ظهري… هيا خذني الى باب الخروج الله يلعنك.. كان الغول يسير امامه ومن خلفه يصيح ساردها لك يارؤوف كن واثقا… كان رؤوف ينتظر في الخارج مع الجالسين فما ان رآه صاح ها انا قد رددتها فعلتك بي الآن يا هارون بتنا متعادلين مقلب بمقلب.. إنقض هارون عليه وقال:
رؤوف:لقد قام هذا الغول بسلخ ظهري اراد ان يفعل بي العجائب لقد اخافني..
ضحك كل من سمعه من الجالسين وحتى الغول قهقه الى أن سقط على الارض،
الغول: لقد كان هذا الاتفاق ان اخيفك على نفسك آه لو ترى وجهك يا سيد برهان كنت وإن غطاك البخار تتغير ألوانك وهدرجة صوتك شعرت بك تخاف ان اغتصبك ههههههههههه لقد وفيت بوعدي يا سيد رؤوف فهات مكافأتي…
لا زال هارون يتذكر المقلب الذي تلقاه من رؤوف ووعد قاسما بأن لا يطيح به بمقلب حتى لا ينال ما تلقاه على يدل الغول في مملكة البخار.