23 ديسمبر، 2024 3:40 ص

ممر للفاتحين

ممر للفاتحين

أشلاء الاطفال والنساء اليومية نتاج الديمقراطية  وسبب لها في نفس الوقت , وكأن قدر العراقيين ان يكونوا على مذابح القضايا الكبرى من فجر التاريخ   حتى مشروع النظام العالمي الجديد و ديمقرطة الشرق الاوسط انطلاقاً من بغداد، تأريخ من النكبات، والجماجم والقبور تزاحم روادها وقوافلها لا تنقطع , الجغرافية ظلمت العراقيون ولم ينصفهم التاريخ عندما وضعت العراق رغماً عنه حارساً دائما لبوابة شرقية لا يعبأ احد بحجم ضحاياها قدر تمجيدهم صور جلاديها وأداة  لحماية اشقاءه ومصالح أعدائه ، , سميت بغداد (ممر الفاتحين) من الغرباء ,  واليوم ممرات للفاتحين الذاهبين الى الجنة,  التي افتقدوها في ضمائرهم ومجتمعاتهم وأخلاقهم لتكون بغداد هي المرتع وساحة المعركة  ، حتى لو كان الثمن مئات والاف وتفخيخ الاجساد للوصول الى وجبة طعام مع النبي ,  و الوطن عند حوافر خيل الفتوح بسلفية الدكتاتورية ووراثة الهمجية  والظلامية و الوعد بالنعيم الاخروي, طاقة الثقافة الاسلامية العربية هيمنت على بحور البترول ولبست  الهمجية بثوب المدنية, ثقافة ممتدة من العصور الوسطى ونظام الغابة , يبحثون على الأستيطان في بغداد  كي يعطوا لأنفسهم  غطاء عن فقدانهم  الحضارة والأنسانية والشرعية للأفكار التطرفية الجهادية بالجنس والرغبات كونها غاية كبرى من الاخضاع بفض البكارة والبطولة في تقييد أيادي الضحايا والتمثيل بالجثث وأكل الاكباد  , بأزدواجية التقنع وقت الجريمة   , المواطن  العراقي مطلوب منه ان يقاوم مئات الشاشات الملونة وعشرات الأقلام ومئات الاف القنابل والمفخخات والكواتم وملايين الدولارات وإمكانيات مجهولة المصادر والسير بحذر بجنب الحواجز الكونكريتية , , كي لا يسمح بأختراق  نسيج الامة النفسي والقيمي  والسياسي وينقاد خلف الأدعاءات  .
  المواطن العراقي بطل حقيقي وشريف وطني  يعانق الموت من اجل الحقيقة ويستنشق من دخان رماد ابنائه  ,  ينظر بالترقب والحذر والامل، ويعتمد على نسيجه السياسي والثقافي ومفهوم المواطنة ، و لا يستطيع ان يمارس حياته بطبيعتها بالتحدي والمغامرة، ، ينقل الارادة الشعبية العراقية من اليأس والأحباط  الى الفعل المتحقق وهي وصفة جديرة بالشرف وملتصقة باعمق وانبل معانيه وجعل  الارض مكانا يستحق العيش وجعل الانسان غاية الكون واساس وجود الوطن .
التأصيل الاجتماعي والثقافي للممارسة الديمقراطية موضوع متشعب وعميق الجذور ومرتبط الصلة بتاريخية نزعة الاستبداد التي سيطرت على الحياة العربية الاسلامية , احترفت الثقافة واللغة العربية مهنة التبرير لصالح مركزية مفهوم القوة والمفتقردائماً لأي محتوى قانوني اوشرعي او اخلاقي. افتقدت لغة التطرف والأنحراف عن الدين والقيم  فضيلة النقد والاعتراف بالخطأ، واحترفت منذ وقت مبكر نزعات النرجسية وتأثيم الاخر وتمجيد الذات، الأمر الذي لا يتيح تبلور مفاهيم الجماعية في الاداء العام، وليس غريباً بعد ذلك ان تبقى قيم القبيلة العربية ذاتها متحكمة بمسيرة العمل السياسي والأجتماعي والديني في القرن الحادي والعشرين ، وحتى مشكلة الارهاب التي يعول عليها اعداء التجربة العراقية هي ايضاً واساسا وليدة تلك التأسيسات الاخلاقية والتربوية التي افرزت الثقافات الفرعية ولم ترتبط بمشروع ايجابي جماعي يستلهم طاقة الفكر والثقافة على تبين مفاتيح المستقبل، وكان يبدو ان الجماعية التي حققت نجاحا كبيراً تلك المتعلقة بالجانب العسكري، وقد يكون السبب في اغلبيه مرتبط بالغنيمة والغريزة ، حتى اذا استأثر الحكام بالغنيمة واستعبدوا الجواري و ضعفت الروح المدنية والانسانية  من اقوام يؤوسسون  للخلافة  بتأويلات سلف متشبع بالدماء وقطع الرؤوس ونفي وجود الأخر والطاعة العمياء دون نقاش  , الحياة الجماعية العراقية ممتدة في عمق التاريخ الانساني ، ولا يمكن ان تصاب الشخصية العراقية الفصام التأريخي الذي اصيبت به العرب , وهم ينقشون على اثارهم أول المماليك والديمقراطيات والقانون والسياسة وفي ارضهم اول قدم انساني وطأ الأرض .