جاء الاسلام لينقذ البشرية من كل الممارسات الفاسدة التي كان يمارسها الطواغيت والجببارة، والانظمة الفاسدة بسن شرائع وسنن يكفل تطبيقها حياة حرة كريمة للإنسان، لكن للأسف فان بعض من ينتمي لهذا الدين ويدعي فهمه بات بعيدا عنه كل البعد ولم يأخذ منه الا ما ينفعه ويضمن مصالحه وديمومة هيمنته وسطوته على المجريات. فمن جهة نجد ان المتطرفين والسلفية الجهادية يبطشون بالإنسان ويقتلون الابرياء بدواعي التعاليم الدينية (الاسلامية) واوصلوا رسالة سيئة للمجتمع الدولي ان ما يمارسونه من حماقات هي الاسلام، حتى اصبح هذا العنوان ملازما لمفهوم الارهاب والدمار، وقد نفر المجتمع من الاسلام. ومن جهة اخرى هناك من يدعي الاسلام والانتماء لرسول الانسانية محمد (ص) واهل بيته وتحت هذا المدعى وصل الى حكم البلاد او قل شارك في حكمه بشكل مؤثر، وهو يمارس ممارسات لا تمت الى الاسلام بصلة.
في هذه الاسطر القليلة اريد تسليط الضوء على قضية مهمة وهي شرعنة نهب المال العام بل والدفاع عن مرتكبيه وقد اسهمت هذه القضية بتدمير البنى التحتية للبلاد وتشويه صورة الاسلام النقي والاستهتار بمقدرات الشعب . واوجه رسالتي هذه الى المرجع السيد السيستاني لأنه مرجع من ارتكب هذه الجرائم، كما اوجهها الى الرأي العام والغيارى من العراقيين ليعرفوا حقيقة من يدعي محاربة الفساد في العلن وهو يحمي المفسدين كي ما يميزوا بين الصالح والطالح.
قبل ايام وتحديدا بتاريخ 14/1/2015 اصدرت محكمة جنايات بابل حكما على المدان ( عليوي فرحان راضي ) بالحبس البسيط لمدة سنة واحدة استنادا لأحكام المادة 341 من قانون العقوبات عن جريمة تسببه بخطئه الجسيم في الحاق ضرر بأموال ومصالح مديرية بلديات بابل كان ناشئا عن اهمال بأداء واجباته الوظيفية. وهذا المدان عضو مجلس محافظة بابل و رئيس كتلة المواطن (المجلس الاسلامي الاعلى). والجميع يعلم ان هذه الجريمة ليس اهمالا بل هو سرقة لأنه كان في لجنة اعداد الكشف وفي لجنة الاستلام وكل عراقي يعلم يقينا ماذا يعني ان يكون شخصا في هذه اللجنة وتلك، اذا ما علمنا ان المال المهدور هو ثلاث مليارات دينار عراقي، وهذا قبل عام 2008.
لم يذهب المدان او السجين الى السجن، بل تم ترتيب اوراقه مع احدى المستشفيات في الحلة وذهب ليرقد فيها، علما انه لا يشكو من مرض، ولم يقتصر الامر على هذا الحال، بل بقي يرتدي بزته في النهار، وفي الليل يذهب لينام مع اسرته في داره.
طبعا فاتني ان اذكر انه كان من المفترض ان تتم محاكمته على المادة 340 التي تعني هدر مال العام متعمد ، تحولت القضية الى المادة 341 وهي هدر المال العام سهواً ، وبالتالي فان هذه المادة مشمولة بالعفو لسنة 2008.
وفي يوم 20/1/2015 اجتمعت اللجنة القضائية الخاصة لتنفيذ قانون العفو العام رقم 19 لسنة 2008 في بابل ، للنظر بشمول المدان في مواد هذا العفو، وبعد التحقق من أوراقه التحقيقية وجدت ان هذا الحادث مشمول بالاستثناء الوارد بالمادة (2) من قانون العفو العام ، لذا قررت رد الطلب وعدم شموله بالعفو. مما يعني ذهابه الى السجن لقضاء مدة حكمه. الا ان المفاجئة جاءت بعد اسبوع تقريبا واذا به يخرج من المستشفى وليس السجن ويعود ليمارس حياته بشكل طبيعي وسياراته المظللة وحماياته وكأن لم يكن شيء.
وقد اشيع ان السيد عمار الحكيم زعيم المجلس الاعلى قد تدخل وحصل له على عفو خاص، لا لأنه مواطن جار عليه القضاء بل لأنه ينتمي الى حزبه.
اقول : اين السيد عمار الحكيم والمجلس الاعلى من قول الرسول الاعظم محمد (ص):
(قال أما بعد فإنما هلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف فيهم تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد). رواه البخاري في صحيحه والنسائي في سننه وابن حجر في فتح الباري والطبراني في معجمه وابن حزم في المحلى وغيرهم..
الا ينطبق عليه هذا القول؟ اليس من يدعي في كلماته انه يحارب الفساد ؟؟ ولا بد من محاسبة المفسدين؟؟؟ انما نرى العكس انه يدافع عن المفسدين والسارقين ؟؟ قال تعالى : ( كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ) الصف3
ورد عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : اتقوا الله واعدلوا ، فإنكم تعيبون على قوم لا يعدلون . الكافي ج2 ص 147
واذا دققنا النظر في قول الرسول (ص) : (هلك الناس قبلكم) نجد ان فعل السيد عمار ومجلسه الاعلى انما نذير الهلاك فبعنوان الاسلام يقتل المسلمون، وهذا لا يقل خطرا عن افعال الدواعش والمتطرفين القتلة.
فأين المرجع الاعلى السيد السيستاني ليردع هذا الظلم وينهى عن المنكر ويأمر بالمعروف؟؟ ام انه لا يعلم بهذه الحادثة؟ فان كان لا يدري فتلك مصيبة وان كان يدري وساكت فالمصيبة اعظم؟؟؟ الا يعلم معتمدوه ووكلائه في محافظة بابل بقضية عليوي فرحان؟؟؟ الم يحركوا ساكنا؟؟ اليس هذا مرض خطير ينخر جسم الشيعة ؟؟ أيحق لهم بعد ان يطالبوا المجتمع الحلي خصوصا بنصرة الاسلام الذي يقوده امثالهم الساكتين عن قول كلمة الحق؟؟؟
من الضروري ان نلخص الكلام بعدة رسائل:
اولا: الى السيد السيستاني او من يمثله عليكم بالتحقيق بهذه القضية وقول كلمة الحق، هناك المئات من البسطاء الذين حكموا بالسجن ولسنين عدة من اجل عشرة الاف دينار او اغراض بسيطة (خردة) ! ومن يسرق المليارات يفرج عنه ويكون طليقا؟! الا تعلمون ان هذا يعني انكم تشرعنون للسراق سرقتهم؟ وهذا يعني انكم تقولون لأصحابكم المتنفذين اسرقوا ما شأتم ونحن نضمن لكم الحرية وعدم العقوبة؟ اليس هو هذا معنى من امن العقاب اساء الادب؟؟؟ ام ان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر يشمل فقط الموظف البسيط؟ لا تترك الدوام قبل عشرة دقائق! واذا فعلت فعليك دفع ما بقيمة عمل عشر دقائق! اي مفارقة هذه؟؟ تحاسبون الموظف والعامل البسيط على العشرة دقائق وتبيحون لمن يسرق المليارات؟؟؟ هذه الممارسات المشينة افقدت ثقة الناس بالدين وهي تهرب منكم وتلجأ الى العلمانيين وغيرهم. أتعلمون خطورة هذا الامر؟؟
ثانيا: لولا وجود مفسدين في دائرة صحة بابل كيف احيل الى الرقود في المستشفى وهو لا يعاني من شيء؟ ولولا وجود المفسدين كيف يمكن لمحكوم عليه ان يتصرف بحريته ويخرج ويعود؟؟ فعلى المسؤولين في وزارة الصحة التحقيق بهذه القضية.
ثالثا: الى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كيف يمكن لعضو مجلس محافظة يمارس مهامه وهو عليه قيد جنائي، الا ينص القانون على استبعاد من عليه قيد جنائي؟؟ علما ان العفو العام لا يزيل عنه القيد..
رابعا: الى المجتمع العراقي الا تشعرون بالظلم والاهانة والاستخفاف بعقولكم عندما يولى عليكم سارق مفسد؟؟ الم تشعروا بخداعهم عندما قالوا وتبنوا في حملاتهم الانتخابية محاربة الفساد والاعمار والدفاع عن المظلومين والمحرومين، وهاهم يسرقون اموالكم ويدافعون عن السراق؟؟ وقد امتلأت السجون بالأبرياء الذين لم يبت بقضياهم لسنين، في حين شخص يسرق ثلاث مليارات ولم يشم رائحة السجن، هل ان السجن وجد لأبناء الخايبة ؟؟؟
خامسا: اتوجه بالشكر الجزيل والامتنان لمحكمة جنايات بابل واللجنة الخاصة بالعفو لموقفهم الشريف الذي سيخلده التاريخ بأحرف من ذهب، على الرغم من كل الضغوطات والتهديدات الا انهم حكموا بما يرضي الله وضميرهم ومهنتهم… وعليهم اثارة القضايا الموجهة ضده التي لم يتم اثارتها فهناك عدة قضايا في ادراج المحكمة، وكل من سرق اموال الشعب العراقي…