يعرف العراقيين بصورة عامة ، والمتخصصين بتاريخ العراق الحديث بصورة خاصة ان بدايات التمرّد الكردي في العراق ضد السلطة المركزية قد بدأ بعد خسارة الأمبراطورية العثمانية في الحرب العالمية الثانية مباشرة .. ورغم ان البعض يؤكد ان حلم الأنفصال وتفتيت العراق كان يراود الكرد منذ بدايات العهد الملكي في العشرينات من القرن الماضي ، إلا ان الكثيرين أيضا يؤكدون ان النزاع الحقيقي الدامي المسلح قد بدأ منذ عام 1943 وحتى عام 1970 .. مع الأخذ بنظر الأعتبار التمرد الدموي الأول الذي قاده الملا مصطفى البارزاني في عام 1943 .
لذلك من السهولة بمكان ان يعرف القاريء لتاريخ الكرد ان حلمهم في تقسيم العراق واستقطاع ثلث اراضيه لم يكن له علاقة بظلم حاكم ما في المركز او باستخدام سلاح مدمر على اراضيهم او باغتصاب دولة كانت تابعة لهم بالقوة .. ففترة حروب الشمال امتدت لكي تشمل النزاع الدامي المسلح اثناء الحكم الملكي في عام 1943 وقبل ذلك بكثير ، وخلال حكم الراحل عبد الكريم قاسم عام 1961 واثناء حكم الراحل عبد السلام عارف واخيه عبد الرحمن منذ 1964 وحتى 1968 واثناء حكم الراحل احمد حسن البكر في بداية السبعينات من القرن الماضي وأخرها في اوقات متفرقة من حكم الراحل صدام حسين وحتى احتلال العراق في 2003 ، وهنا تجدر الأشارة الى أن صدام حسين هو الذي وقع على اتفاقية 11 آذار التي اعطت من الحقوق والأمتيازات للكرد مالم يعطيه اي نظام سبقه .. اذن الموضوع بالضد من ما كان يريد أن يظهره البعض من مزيفوا التاريخ الذين كشفتهم تسارع الأحداث في العراق ، أن الكرد هم شعب اضطهدهم بعث صدام حسين وقتل الكثير منهم ، دون أن يشيروا الى الآلاف من خسائر جيش العراق منذ عشرينات القرن الماضي وحتى 2003 كما ذكرنا سابقا .. حيث قتل الكرد من جنود وضباط جيش العراق مئات اضعاف ما تم قتله من الكرد في معركة حلبجة السيئة الصيت .
الأهم في موضوعنا وهو ما يخص الرمزية التي وقع عليها عنوان الموضوع اعلاه .. ان الملا مسعود البارزاني اخذ من ابيه الراحل الملا مسعود البارزاني الأنتهازية واستغلال ضعف المركز والطعن الممنهج في الظهر ، والتصاق فكرة تأسيس كيان مسخ مشابه لأسرائيل ، في فكره وفي احلامه المريضة ، واحلام من سار على خطاه .. ومن شابه أباه فما ظلم .. لكن الملا مسعود البارزاني قد جاوز معظم اقرانه الكرد في تشبهه بالراحل صدام حسين .. في ايجابياته وفي سلبياته .. والكثير من العراقيين بدأوا يوسمونه بصدام حسين الجديد أو خريج مدرسة صدام .. ربما أن الملا مسعود حقيقة قد تشبه في صدام في مسكه بقوة لملف الأمن في كردستان وامكانياته المشهودة في الأعمار وفي قرارات العفو المتكررة عن من اساء اليه او الى عائلته البارزانية .. لكن الحقيقة الناصعة ان الجانب الأكثر شبها بين مسعود البارزاني وصدام حسين ، هو عدم امكانية مسعود في قراءة الوضع الجيوسياسي الأقليمي وفشله السياسي المتتالي ، وعناده وعنجهيته في عدم الرجوع عن قرارات ربما ستكون وبالا تاريخيا على الكرد منذ ان (نزحوا) من بعض دول اسيا وسكنوا جبال العراق .. مسعود حقيقة مغيب عن ما يجري من حوله .. ومغيب عن رسائل الرفض والأمتعاض الدولية والأقليمية وحتى (الداخلية) التي تصله في كل حين .. ويذكرنا ذلك بتصريح لأحد حكام دول المنطقة من اولائك المتعاطفين مع شعب العراق ، ومن الذين سمحت لهم الظروف في لقاء صدام حسين في آخر سويعات ما قبل احتلال العراق .. عندما قال .. وجدت صدام حسين شجاعا نزيها لكنه عنيدا مغيبا عن العالم الخارجي ولا يفقه بالسياسة ما قد يجلبه من ويلات على بلده وشعبه .. فهل يتعض ملا صدام الجديد ويدرك أن سياسة حافة الهاوية لن تخدم قومه وستحرق الأخضر واليابس؟؟؟ .