22 ديسمبر، 2024 5:26 م

مليون تحية للمركز الدولي لإستقبال وإغاثة النازحين في سامراء

مليون تحية للمركز الدولي لإستقبال وإغاثة النازحين في سامراء

ألعمل في الجانب الانساني والتطوعي له طعم خاص ولذة كبيرة لايعرفها إلا الذي مارسها وآمن بها فليس من السهل أن يتبرع شخص ما بوقته وجهده وصحته وحتى ماله من أجل قضية انسانية يؤمن بها ويسخر لها كل شيء ولايبتغي من كل ذلك مصلحة دنيوية ولاجاه ولامنصب ولا مردود مادي.
أعتقد ان هذا النوع من البشر يعتبر فئة قليلة في المجتمعات لأن في الغالب مايبحث الانسان عن مقابل أو مصلحة أو منفعة عندما يقوم بأي جهد لذلك فان هذه الفئة القليلة تستحق من المجتمع أن يذكرها دائماً ويسلط الضوء على أعمالها الانسانية الجليلة وقد رأيت من واجبي كإعلامي أن أبحث عن هذه النماذج الراقية التي نذرت نفسها لخدمة الانسانية وأعطيها جزءً من حقها علينا وأكتب كلمة حق فيها ومن هذه النماذج في بلدي مؤسسة انسانية راقية أسسها مجموعة من العراقيين الأصلاء الذين شعروا بمعاناة أبناء بلدهم من النازحين والمهجرين الذين يعيشون أقسى أنواع المعاناة ونقص كل أنواع الخدمات الانسانية ولاحظوا عجز الحكومة عن اسعافهم وتلبية احتياجاتهم فهبوا لتأسيس مشروعهم الخيري التطوعي بإسم (ألمركز الدولي لإستقبال وإغاثة النازحين في العراق – سامراء) وكان الفضل الأكبر في ذلك لرجل عراقي غيور هو (الدكتور علي فرحان حسين) الذي جمع ثلة من الخيرين من أبناء محافظته سامراء واتفقوا أن ينذروا أنفسهم ووقتهم وجهدهم لتقديم يد المساعدة لأبناء وطنهم من النازحين والمهجرين الذين أجبرتهم ظروف الحرب القاسية والدمار الى ترك ديارهم وأحبابهم وأموالهم ليسكنوا في خيم بسيطة في معسكرات النازحين أو في هياكل متروكة لاتتوفر لهم أبسط الاحتياجات الانسانية الضرورية ,وقرروا التركيز على النازحين القادمين الى بلدتهم سامراء ليكون العمل مركزاً وواضح الخطوات.
أهم الصعوبات التي واجهتهم هي قضية التمويل ولأنهم اختاروا أن يكون مشروعهم انسانياً بحتاً ولوجه الله تعالى فاختاروا الاستقلالية التامة من كل الأحزاب والكتل السياسية والحكومية حتى لاتسرق جهودهم كما سرقت خيرات هذا البلد ففكروا بتنظيم حملات لجمع التبرعات البسيطة عن طريق صناديق تبرعات تم وضعها في المساجد والأسواق والمقاهي وبدأوا أعمالهم التي كانت كبيرة بكل المقاييس ولو أردت ذكرها لماتمكنت في هذه السطور القليلة ولكن سأذكر البعض منها بايجاز فلقد ركزوا على إغاثة النازحين والمهجرين في خمسة جوانب رئيسية وهي (المياه والاصحاح البيئي والصرف الصحي )و(التعليم) و(حماية الطفل) و(الصحة) و(الطواريء).
الشريحة التي تم شمولها بتقديم الخدمات الانسانية من المركز هم الوافدين الى قضاء سامراء من النازحين من أربع محافظات وهي (الانباروالموصل وديالى وصلاح الدين) والنازحين من القطر السوري الشقيق حيث بلغ عدد العوائل النازحة التي تمكنوا من إغاثتها هي 106645 عائلة اي مايقارب 746515 فرد حيث تم تأمين (ملاذاَ آمناً وخدمات صحية ومياه نقية وصرف صحي وتأمين تعليم وحماية طفولة وطواريء) والاهتمام بشريحة الايتام والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة وتم فتح دار أيتام خاص بالنازحين, وكانت هذه المنجزات الكبيرة التي قدمها أبطال المركز محط احترام وتقدير المنظمات الانسانية الأممية والعالمية ففتح ذلك الباب لتسجيل المركز بشكل رسمي واعتماده كمركز دولي معترف به عالمياً وكانت هذه الخطوة مشجعة لأبطال المركز من فتح آفاق جديدة للتعاون وتوسيع حجم الأعمال الانسانية والخدمات المقدمة للفئات المستفيدة فتمكن المركز من الاشراف بشكل مباشر على 66 مجمع سكني ومخيم وبنايات وبيوت غير مكتملة وبيوت مستأجرة وبيوت مضيفة داخل وخارج المدينة وتم توفير الحماية والإيواء وتنسيق شؤون المجمعات والمخيمات وادارتها بشكل رائع وقبل وصول الجهات الحكومية والمنظمات العالمية لها.
اتسعت أعمال المركز الانسانية وتنوعت حيث قاموا إضافة لما تقدم بتقديم آلاف السلال من المواد الغذائية وكميات كبيرة من الأدوية والمواد الصحية وتم توفير المياه الصالحة للشرب ومياه الغسل لآلاف النازحين وتم اعادة 31662 طالب الى مدارسهم وجامعاتهم وتزويدهم بكتب تأييد نزوحهم وتم تأمين المستلزمات الدراسية من المصاريف والزي الموحد والمناهج واعفائهم من القسط السنوي خاصة لطلاب الجامعة واعادة المتسربين منهم, وتم فتح مئات المشاريع الصغيرة الفردية لعدد كبير من النازحين لمساعدتهم لتجاوز محنتهم,وتم فتح ورشات عمل ودورات للتمريض ودورات القابلة المأذونه والاسعافات الاولية لمئات من النساء الأرامل ساعدتهم على تأمين مورد رزق ثابت, وتمكن المركز بجهود تنسيقية عالية من استقطاب مساعدات كبيرة من المنظمات الانسانية الدولية للنازحين في سامراء وساعدت في توزيعها, وتمكن المركز من توفير أطباء اختصاص في علم النفس وباحثات اجتماعيات مجاناً لتوفير الخدمات الصحية والنفسية للنازحين وكذلك تمكنوا من التنسيق مع المؤسسات الحكومية في الاسراع بتقديم خدمات كثيرة للنازحين منها توفير الوقود ومفردات البطاقة التموينية وأدوية الأمراض المزمنة واصدار البطاقات الموحدة لتسهيل كافة معاملات النازح وتسهيل استلام المنح المخصصة لهم من قبل الحكومة, وساهموا في توفير اجراء عمليات طبية مجانية لآلاف من كبار السن والنساء الحوامل والاطفال وبلغت عدد العمليات 2256 عملية مختلفة و 820 عملية ولادة قيصرية للحوامل وكذلك تمكنوا من توفير المئات من الكراسي المدولبة والكراسي الثابته للمعوقين وسماعات الاذن والفرش الطبية الخاصة بالوقاية من تقرحات الفراش والحفاضات وغيرها.
ان كل هذه المنجزات الكبيرة التي قام بها المركز الدولي لإغاثة النازحين قد جعل منه موضع احترام وتقدير وثقة من قبل المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية حيث تم اعتماد بطاقة النازح التي يمنحها المركز للنازحين وفق آلية دقيقة وقاعدة معلومات دقيقة من قبل المؤسسات الحكومية والمنظمات الدولية وساعدت هذه البطاقة النازح كثيراً في الحصول على المنح والمساعدات والتسهيلات في الجامعات والمدارس والمؤسسات الصحية وكافة الدوائر الحكومية.
هناك الكثير من المنجزات التي لايسعني ذكرها هنا ولايسعني في الختام إلا أن أتوجه بأخلص التحيات والاحترام الى هذا الصرح الانساني الكبير والى مؤسسه الدكتور علي فرحان حسين ولجميع أعضائه الذين هم قلة في عددهم ولكن كبيرين في انجازاتهم الرائعة حيث دفعتهم الغيرة الوطنية والشعور الانساني النبيل أن يتطوعوا وبدون مقابل ولا أجر لمد يد العون والمساعدة الانسانية لأخوان لهم اضطرتهم الظروف الصعبة ولجأوا ضيوفاً على بلدتهم سامراء فأكرموهم وساندوهم ولم يألوا جهداً ولا وقتاً ولامالاً فقدموه لهم فضربوا أروع الأمثلة في نكران الذات والتعبير عن القيم الانسانية النبيلة وعن الكرم وحسن الخلق فألف تحية وتقدير لهم وجزاهم الله ألف خير عن كل مافعلوه.