23 ديسمبر، 2024 2:50 ص

ملوك على أبواب النجف‎

ملوك على أبواب النجف‎

بعد سقوط النظام البعثي في 2003 مباشرة ظهرت على الساحة الاعلامية والعراقية الكثير من الشبهات والتسريبات كلّها تحوم حول بعض الشخصيّات السياسية والاجندة الاجتماعية العميلة وطرق تلقّيها التعليمات والتوجيهات من منظّمات ودوائر أجهزة المخابرات العالمية (الموساد اميركا بريطانيا)، وقد كان صدام حسين من ضمن الشخصيات المتهمة بالعمالة للاميركان، وأذكر ظهر حينها من على شاشة قناة (العربية) الموجهة الى العراق (اذ لم يكن الستلايت قد دخل العراق بعد) ظهر مدير جهاز المخابرات الامريكي (متقاعد) لاأذكر أسمه ألتقت به القناة، ومن ضمن ما قاله بحق صدام (أنه نذل، لكنه نذلنا وقد تمرّد علينا) وقد سأله مذيع القناة عن ما هيّة هذه النذالة؟ قال له (كان يتلقّى تعليماتنا ضد شعبه، وكنّا نستخدمه ونُهدّد به دول المنطقة..) كذلك سأله المذيع عن الكيفية وما هي طرق ايصال التعليمات الى صدام؟ قال (كنّا نوصلها له عن طريق بعض الرؤساء العرب). لاحقا ظهرت بعض الاسماء اللامعة وأنه فعلا كان صدام يتلقّى التعليمات والتوجيهات الخارجية عن طريق رؤساء عرب، منهم، (حسني مبارك و ياسر عرفات، و الملك حسين ملك الاردن..الخ) ويذكر الشعب العراقي جيدا ان هؤلاء الرؤساء كانوا يتعاقبون في زياراتهم للعراق. اذ لايكاد يغادر حسني مبارك بغداد حتى يحط مكانه عرفات او ملك حسين وهكذا..

ايضا بعد سقوط النظام تحوّلت الزيارات السريّة والمعلنة رؤساء دول ومسؤولي مؤسسات ومنظمات عالمية اجانب وبصورة مكثّفة الى دار السيستاني، ولانعرف او يعرف الشعب العراقي لماذا يأتي هؤلاء الاجانب للسيستاني وماذا يريدون منه، وماذا يعطوه وماذا يعطيهم في المقابل؟ سوى ما يشيعه الاعلام (الخاص) حول انطباعات المرجعية واستشارتها حول بعض الامور السياسية التي تخص العراق والمنطقة.

صادفتني في أحد الايام مقولة نُسبت للنبي او للامام علي (عليهما الصلاة والسلام) مفادها (اذا رأيتم العلماء على ابواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، واذا رأيتم الملوك على ابواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء). شخصيّا، بحثت كثيرا عن مصدر هذا النص او هذه المقولة لعلّي أجد مخرجا او مسوّغا شرعيا لمرجعية السيستاني عندما تستقبل وتلتقي المسؤولين الاجانب، او لغيره من باقي العلماء (علما يندر زيارة المسؤولين الاجانب العلماء الاخرين) واقول لعلها تدخل في حيثيات الشرعية لهم. لكن باءت الجهود بالفشل ولم أجد لهذه المقولة أي مصدر شرعي او تأريخي يعتدّ به. وظهر ليست اكثر من مقولة قالها رجل من اشراف جنوب لبنان خوفا او تقية من أحد الامراء عندما دعاه أليه ولم يلبّي دعوته. ويبقى الحال بلا خيرا يُرجى ابدا لا في العلماء ولا في الملوك المتزاورون.

الآن الخبر من قناة الغدير يقول (وصل المبعوث الأممي السابق في العراق نيكولاي ميلادينوف، الثلاثاء، الى محافظة النجف الاشرف، فيما ألتقى فور وصوله بالمرجع الديني الاعلى السيد علي السيستاني..) نظن ان من حقّنا ان نتساءل بأريحية وهدوء، عن معنى زيارة شخصيات سياسية ودولية وأمميّة اجنبية، من اردوغان الى باي كي مون الى ميلادينوف مبعوث الامم المتحدة وغيرهم الكثير من السابقون واللاحقون مما لايسعنا تعدادهم. عن معنى زيارتهم للسيستاني!. علما هو ليس برجل سياسة ولايتدخّل بالسياسة حسب كذب أدّعاء مريدوه. اذا ماهي العلاقة التي تربطهم بالسيستاني حتى يتناوبون على زيارته بين الفترة والاخرى، أليس هذا مدعاة للشكّ والريبة به؟.

ما هو وجه الحاجة السياسية او المسوّغ الاجتماعي او الشرعي الذي يحتاجه هؤلاء الاجانب من السيستاني في تهافتهم على زيارته، فهل هي للتبرّك به، أم ليقبّلوا يده المباركة وطلب الاستخارة، أم ليتمسّحوا بثوبه أم هي لكي يدعوا لهم لأن دعائه مستجاب، أم طلبا لخبرته (الفلكية) لكي يعيد لهم قمرا صناعيا قد شذّ عن مساره، أم لماذا؟ إلّا اذا كان الغرض منها ايصال تعليمات وتوجيهات الـ C.I.A الامريكي او الـ M.I.6 البريطاني او الـ Musad الاسرائيلي او مجتمعة الى قيادة فرع اللوبي الصهيوني في النجف تل أبيب الثانية.

ماعدى هذا، فليعطينا الخيّرون وذوي الخبرة السياسية والاجتماعية والشرعية أي مسوّغ آخر يتقبّله العقلاء ويُثبت، قد جلبت لنا هذه الزيارات الخير منذ سقوط النظام الصدّامي والى الآن.