18 نوفمبر، 2024 5:48 ص
Search
Close this search box.

ملكة جمال كردستان

هل تتذكرون معي كيف انه لم تمض سوى ليلة واحدة على انتخاب ملكة جمال كردستان ، حتى دوت انفجارات اربيل معلنة انتهاء الهدنة غير المعلنة بين القاعدة والاقليم .. يومها لم تكن داعش موجودة على الارض .

القاعدة التي لا تحب الجمال ابدا سعت إلى تخريب كل شيء .. فهي تخالف مبدأ أن الله جميل يحب الجمال .. وتبغض كل ماهو جميل ، وتسعى إلى تدميره وإحلال الخراب محله ، وهكذا اليوم هي داعش .. أربيل المدينة الجميلة الغافية على منحدرات جبال الشمال ، والممتدة بشوارعها الرائعة المحيطة بقلعتها كأساور من ذهب .. اهتزت وأُرعبت بأفعال القاعدة القذرة .. وانتهك فيها الأمان والسلام . فقد استبيحت بخمسة انفجارات في يوم واحد ، بعد سبع سنين من الاطمئنان والسكون ، بعيداً عن دوي مفرقعات ومفخخات الظلاميين .

القاعدة استهدفت اربيل في ايلول عام 2013وهي تعيش عرسها الانتخابي ، وقبل ان تعلن نتائج الفائزين بالانتخابات لتشكيل برلمان جديد وحكومة جديدة .. لان هذا لا يعجب من اختار الموت وفضله على الحياة ، وحول كل ما هو حي إلى عالم الأموات .. لعلها رسالة موجعة وقتها  .. أو “قرصة إذن” للقائمين على الإقليم لأنهم تقاربوا مع بغداد أولاً ، ولأنهم قاتلوا جبهة النصرة السورية ، الوجه الأكثر سواداً للقاعدة في أرض الشام ..

في تلك الايام غسلت اربيل وجهها بندى الصباح ، وعطر أزهار جبالها ، واحتضنت الفراشات الملونة التي تطير فوق اناس مسالمين ساعين إلى بناء المدن .. وفوق رؤوس فتيات سعين إلى التباري أيهن أجمل .. بناء وجمال وحب وسلام  كيف يمكن أن يستمر هذا والقاعدة موجودة .. ماذا تفعل بشرورها إذن ؟..

في المقاييس الأمنية والعسكرية أن القاعدة خسرت انذاك ولم تحقق أهدافها ، بل هزمت في اربيل .. فهي لم تستطع أن تصل إلى غايتها بإقتحام مبنى ” الأسايش ” وانما حققت ضربة مفاجئة في الصفحة الأولى فقط .. وهي خارجية غير مؤثرة في حسابات السوق العسكري والاستراتيج .. واستطاعت القوى المكلفة بحماية المبنى من صد الهجوم ورد المهاجمين ، عكس ما يحدث في بغداد .. حيث تنجح دائما خطط القاعدة بإقتحام المباني الحكومية والمؤسسات المهمة ، وتسيطر عليها ثم يبدأ رد فعل القوات الأمنية بعد أن تحدث خسائر كبيرة في الأرواح والموارد ، مثلما حدث في تفجير مبنى وزارة الخارجية ، واقتحام مبنى وزارة العدل مرتين ، واقتحام مبنى مديرية مكافحة الجرائم . او ماتحدثه داعش الان .

ومع ان آثار تفجيرات اربيل غير مؤثرة .. فأنها  درس كبير للقيادة الكردستانية بأن القاعدة لا صديق لها .. فهي وإن كانت لا دين لها ولا أخلاق لها .. فقط يتوهم البعض أنه يستطيع العيش بعيداً عن شرورها .. هذا التنظيم الإجرامي الذي ابتليت به المنطقة العربية والعالم الإسلامي إنما ينمو ويمول من عقول جوفاء وأموال سحت لقتل الناس أينما كانوا .. وهي درس أيضاً بأن لا مكان ولا زمان بمنأى عن أذرع القاعدة الظلامية .. وهي تستطيع إذا ما شاءت أن تصل إلى أي هدف .. وهذا هو مكمن خطورتها ، كونها تقاتل بجيش من “الجن” وتسكن “تحت الأرض” وتستخدم “الشيطان” عوناً لبناء خططها وتنفيذها . وعودة ثانية إلى المشهد الأمني في اربيل يوم ذاك ، فأن القاعدة هزمت في حقيقة الأمر .. وقد رُدت على أعقابها .. ومنعت من تحقيق أهدافها ، وأن خسائرها فادحة أمام ما تحقق .. فهي لم تنجح حتى في الصفحة الأولى من هجومها .. وقد اجهض الهجوم ببسالة وشجاعة حماة المبنى .. وهذا ما جعل القيادات المجرمة للقاعدة أن تفكر ألف مرة ، قبل الإقدام مرة أخرى على إستهداف مبنى عسكري أو ذات طابع أمني .. وهي هزيمة لها بلا شك ، غير ان القاعدة عادت بثوبها القذر (داعش) لتضرب قلب اربيل وتستهدف القنصلية السعودية فيها بعد اشاعة الخبر الكاذب ، بأن السعودية ستفتتح سفارة لها في بغداد . إن ترويع العراقيين واستهدافهم أينما كانوا مخطط إجرامي تبنته القاعدة وربيبتها داعش .. وتكاد معظم المدن العراقية قد استهدفت بالأذى واصابها الضرر والدمار ودفعت ثمن كونها عراقية .. أربيل جنة العراق ، وحديقته الشمالية ، ومقصد ابنائه وعوائله بحثاً عن الجمال والأمان ، حاول مجرموا القاعدة تدنيسها وتخريب شوارعها وشحن أجوائها بالمفخخات .. وجعلها ساحة أخرى من الساحات الممتلئة بدماء الأبرياء . ضربات القاعدة موجعة دائماً فهي تتسم بالقذارة والخسة ، سواء ضربت فوق الرأس أم على الجنبين أم أسفل القدمين فهي تحدث الموت والدمار .. لأن لا قيم لها ، كونها جيش من الأشباح ، برؤوس خاوية ملفوفة باحزمة ناسفة ، تديرها أجهزة التفجير عن بعد .. فتختار الأسواق والمساجد والمقاهي وتجمعات الناس ومجالس العزاء .. لتزيد المدن دماراً ، والحزن حزناً ، والجريمة بشاعة ، حتى تصبح الحياة سوداء كوجوه عناصر القاعدة وداعش ، التي اسودت في الدنيا قبل الآخرة ، جراء ما ارتكبت من جرائم بحق العراقيين الأبرياء .الا ان جمال وحلاوة ملكات جمال  كردستان أبقى وأمضى .

أحدث المقالات