(المياه هو تحد القرن الواحد والعشرين بكل أدبيات الأمم المتحدة د. حسن الجنابي وزير الموارد المائية))
((إن كل البلدان التي تتجه نحو تحديث اقتصادها تتشابه شيئا فشيئا، إذ ينبغي أن تتوحد على الصعيد القومي متبعة قواعد الدولة المركزية، وعليها أن تنظم بناء المدن، وتستبدل الأشكال التقليدية من التنظيم الاجتماعي، العشائر، والطوائف، والقبائل العائلية، بتقسيمات عقلانية اقتصاديا مرتكزة على الفعالية الوظيفية كما عليها في النهاية أن تعمل على تثقيف مواطنيها. فرانسيس فوكوياما نهاية التاريخ والأنسان الأخير)).
هكذا هو المستقبل، فان مراحل تطور الأمم والشعوب، وصناعة المستقبل، تتم من خلال رؤية مستقبلية، ووضع حلول وبدائل، ومعالجات للنهوض بالواقع، أو لإصلاح وضع ما، كل الشعوب المتقدمة تشكل حلقة متماسكة فيما بينها عند حدوث عارض ما، فما بالك بوضع حساس يتسم بأهم مرفق من مرافق الحياة وهو الأمن المائي.
أصبح من البديهي الأن لدى الكثيرين ولكل من اطلع بحرص على وضعنا المائي أن الشحة المائية هي ناتجة من تغيرات مناخية مستمرة، وليست بالغريبة، بالإضافة إلى تأثيرات تخلل الغازات في الغطاء الجوي وظاهرة الاحتباس الحراري، المؤثرة في المناخ بشكل ملحوظ يضاف اليها العدد الكبير من السدود المنشأة على نهري دجلة والفرات من الجانبين الإيراني والتركي، مما أدى إلى خفض إيراداتنا المائية.
**********
أود أن ادخل في صلب القضية كون المعلومات الباقية أصبحت من البداهة أن يعرفها الجميع وما تشكل مؤخرا من مرحلة أملاء سد اليسو التركي. مما شكل وعيا جمعيا لدى المواطن ولكل فرد تهمه مصلحة هذا البلد، وحريص بدوافع وطنية على مستقبل بلده.
تشكلت في أول بادرة امل، نقطة قوة تمثلت بأبناء هذا البلد من الوطنيين والحريصين على مصلحة البلد، أن تظافرت هذه الجهود، وشكلت رايا فنيا، وإعلاميا، وعلميا، في مواجهة الشحة، والتثقيف نحو عدم الهدر، وإيصال المعلومات الحقيقية للمواطن، وهذه من الإفرازات الإيجابية لموضوع الشحة المائية.
*********
كيف نظر المرجفون إلى هذه الأزمة؟, ففي عيونهم نار, وفي جعبتهم سم, وخلف عباءتهم الف خنجر لطعن الحقيقة, تمثلوا بأبشع صور التضليل, والإيهام والشتيمة, سعيا منهم إلى النيل من جهود كانت ولا زالت استثنائية في إنتاجها, وكبيرة في منجزاتها, كوادر الوزارة من اصغر موظف إلى اكبر مسؤول هي عقول تعمل فوق العادة وفوق الطاقة, لكن لم ينصفها بعض المرتزقة, وأجراء الرأي العام, وهبوا من اجل غنيمة كان هدفها لا إصلاح الوضع, ولا التعاون, ولا إيجاد الحلول, بل كل مبتغاهم السعي نحو الإساءة لأهداف شتى, مغانم ربحية, لأسقاط هيبة الجهود المبذولة, والحلول المطروحة, فصموا أذانهم عن سماع الحل, واظهروا أنيابهم من اجل المناصب, والحيازة الشخصية, وكان مؤسسات الدولة خاضعة للتبعية, وللمشاطرات التسقيطية , وترك الجانب المهم وهو خدمة الصالح العام, كذا كان نشيد “الأرملة الطروب”! على جسد ظنوا انه كان يحتضر، فتكالبوا عليه من اجل الغنيمة. وهذا امر مؤسف بحق، أن نرى هكذا سهولة في شراء الذمم وتغييب الحقائق، والسعي إلى رفع النقط عن الحروف!
*********
كانت استعدادات الوزارة ولا زالت هي إجراءات فنية علمية من اجل ضمان العدالة والسيطرة على الشحة المائية وتوزيع الحصص المائية بصورة نظامية إلى الجميع من ضمن هذه الاستعدادات والتوصيات المشتركة بينها وبين المؤسسات المعنية ومنها المنفصلة عن مسؤوليات وزارة الموارد المائية.
1-العمل على حل مشكلة الربط بين مياه الشرب والقطاع الإروائي. إذ لا يمكن أن تربط مياه الشرب بنظام يتعرض إلى المناوبة أو المناورة في الإرواء بالنسبة للأراضي الزراعية وربطه مع المياه التي تصل لغرض الشرب لان المناورة وفقا للنظام المعمول به ستقلل من المناسيب وهذا ما يسبب عدم وصول الماء الخاص بالاستخدام المنزلي، وهذا عمل يجب أن يكون مشترك. ومحطات الإسالة يجب أن تكون على الأنهار الكبيرة ثم توزع بأنابيب ناقلة إلى المواطنين
2- إيجاد طرق غير تقليدية في تحلية مياه البحر في مدن الجنوب بطرق أو بأخرى من خلال تحلية المياه المالحة وجعلها صالحة للشرب وهذا عمل أيضا مشترك.
3- استخدام المياه الجوفية في كردستان، لأنها وفيرة، واستخدامها لمياه الشرب من خلال شبكات إسالة وإيصالها إلى المواطن.
4- لأي متابع لأعمال دوائر الموارد المائية في مختلف المحافظات, سيجد الوتيرة متصاعدة في توفير سهولة جريان الماء, وعدم ضياعه, من خلال عمليات التطهير التي تجري, وعمليات الإزالة للآفات المائية, ومكافحة النموات المائية الضارة, وتوفير إطلاقات عادلة للمياه في كل البلاد, هذا الأمر يجري بعمل خاص بالوزارة وضمن مسؤولياتها ووفقا لخطط مدروسة وأولويات ذات صلة مع بعضها, إذ لا يوجد شيء يتم بشكل عشوائي, وبإمكان أي منصف أن يبحث عن أي دائرة أو صيانة في أي محافظة ليتابع جهودها من خلال غرفة أعلامها, ليشهد ذلك موثقا بالشرح والصور.
5- الاستراتيجية الكبرى، هم يسموها استراتيجية حسب قول خبراء الموارد المائية وأساتذتها، أنا من منطلق صحفي حر، اسميها خطة الأمل، ونبض الحياة، تلك الخطة التي تشرك جميع الأطراف في المساهمة فيها، هي التي ستكون المقياس العملي، والحقيقي، لوطنية الجميع، تمتد لعشرين سنة قادمة وفق رؤية مختصة وعميقة، قابلة للمرونة والتعديل تسمح لنا بالانتقال والتأقلم مع الظروف وفقا لكل القراءات المتوقعة للوضع المائي، وتمت مراجعتها مع خبراء من هولندا، وفيها برنامج متكامل لمواجهة الشحة والظروف الأخرى وتحت أي نوع من المفاجآت.
*********
أنصاف الحق هو أنصاف للوطن, إن الجهود, والعقلية, والبراعة, التي يتعامل بها الدكتور حسن الجنابي في مختلف الملفات, ومنها ملف الشحة المائية, تقف لهذا الرجل أجلالا وإكبارا بحقه, أنا كمواطن, وكاتب صحفي متتبع لنشاط هذا الرجل, يسعدني جدا أن يظهر في كل يوم يحمل لنا معلومة, ومكاشفة, ورأي, وحل, الرجل التكنوقراط المهني الذي ينئ بنفسه عن أي مجالات غير اختصاصه, تجده وافر الهمة, والعطاء فيما يقدم من منجزات, رفيع المستوى العلمي, الحضاري والمهني, في كل مرة أتتبع له نشاط, أو لقاء, اجد فيما اسمع أو اقرأ مفتاحا لمعلومة جديدة, وبابا لمعرفة كنت اجهلها. أوصل لنا رسالة مفادها إننا ((شركاء وطن))، ولسنا “أجراء عمل”، إننا نحمل رسالة تعاون، وليست رسالة سيادة وتسلط، إننا ندير وزارة بعقلية ديمقراطية قابلة للأخذ والرد، وليس بنظام اعمل ولا تناقش، إن وزارة السيد الجنابي نجحت وعبرت أشواطا كبيرة في إرساء مفهوم العلمية والمهنية، بمعية تبادل الآراء والنقاش، والاختلاف المصاحب لأفضل إنجاز، إنها وزارة ديمقراطية بحق. غادرنا منذ سقوط الطاغية الأنظمة الشمولية, والأنظمة الفاسدة, ومن المستحيل أن نتراجع ولو خطوة واحدة إلى الوراء والى تلك الأنظمة, هذا ما يسعى له السبابون, والشاتمون, اللاهثون خلف سياط العبودية, وهذا ما تسعى له كل طغمة فاسدة, لا تجيد سوى الشتيمة, والكلام البذيء والتغافل عمدا عن المعلومة أو عن قولة الحق, انه صراع المستذئبين, ولسنا منهم ولا السيد حسن الجنابي من هذا النوع حتى يدخل في صراع وضيع كهذا!, للرجل قيمه, ومبادئه, وعليمته, وكفاءته التي يشهد بها القاصي والداني من المنصفين, فليس من شيم الفرسان أن يتبع نفس أساليب المرتزقة, وأصحاب المنافع الضيقة, الأمر في هذه المقارنة مستحيل, وغير متوفر مطلقا.
لاشك أن ظروف التقشف أعاقت الكثير من تطلعات ومشاريع الجنابي, لكن لو نظرنا للأمر من زاوية أخرى انه كان بارعا أيضا في إدارة وضع التقشف, واستمرار العطاء, والمنجز الميداني, فيما حققته الوزارة من تقدم, لا تضعوا اللوم كله في خانة الجنابي, ولا تحملوا الوزارة ظلما وإجحافا مسؤولية الآخرين, فأساليب تقطيع الكلام, واجتزاء العبارات, والدمج الصوري, ومنتجة الكلام, والصياغات الدرامية, لجعل الأمر يبدو وكانه حقيقة, وجعله مادة للسخرية, بطريقة وضيعة ومبتذلة, لتحقيق مارب دنيئة وقذرة, هذا أسلوب رخيص في مواجهة الخصوم, لو كنت تشعر بخصومة مع المقابل كن شريفا في مواجهة تلك الخصومة, وتحلى بأخلاق الشجعان بالرد, والمواجهة بطريقة تجعلك خصما شريف يحظى بالاحترام, وليس خصما وضيعا يحظى بالاحتقار, المؤسسات ترتقي بالنبلاء وليس بالمهرجين فاقدي الضمير.