عمل شركة ” سيمنس ” ليس جديدا في بلادنا , فهي اشتغلت مع الحكومات المتعاقبة ومشهود لها بالرصانة والجدية واحترام العقود التي تبرمها , ويذكر لها العراقيون انها لم تتلوث بالفساد الذي استشرى في عقود وزارة الكهرباء , وكذلك سمعتها في المنطقة جيدة , وكان اخر المشاريع التي نفذتها في مصر يشار اليها بالبنان ويشاد لها بالجودة .
لقد وقع العراق اكثر من مذكرة تفاهم بشان الكهرباء ,ولكن الحال بقى على هو عليه من ترد وتخلف , ورغم الارتياح من زيارة رئيس مجلس الوزراء الى المانيا وتوقيع مذكرتا تفاهم بشان الكهرباء والغاز , ولكن القلق يساور المواطنين من المآل الذي قد تؤول اليه هذه الاتفاقات الاولية التي تتطلب تغطية تشريعية من مجلس النواب لتدخل حيز التنفيذ واطمئنان الجانب الالماني على مصالحه .
حسب ما اعلن ان مذكرة التفاهم سيضاف بموجبها 11 كيكا وات الى الشبكة الوطنية في غضون خمس سنوات واستغلال الغاز المصاحب الذي هو الاخر يشكل اضافة مهمة حيث يمكن ان يولد 7000 ميغا وات , الارقام تتحدث عن نفسها ولكن كي تتحول الى واقع ملموس تحتاج الى عمل جاد وهمة وغيرة عراقية ونزاهة ورقابة صارمة خشية من العراقيل التي قد تضعها بعض الجهات المتضررة لعدم طي صفحة الكهرباء في البلاد .
وهذا امر ليس بخاف على احد , فعلى سبيل المثال كلنا نعلم عن العراقيل التي واجهها مشروع ميناء الفاو ولايزال لثني الحكومة عن تنفيذه , وكم من المشاكل واجهت الشركات المنفذة لمشاريع الطاقة الاجنبية , مما اضطر قسما منها الى مغادرة البلد. لذا تقتضي الضرورة حماية سيمنس من الابتزاز وتوفير المناخ المناسب لها للنجاح .
هذا القلق عبر عنه المستشار الألماني في المؤتمر الصحفي الذي عقده مع السوداني , كما تمس الحاجة الى ان تتعامل الحكومة بحزم وشدة مع الفاسدين الذين يسيل لعابهم عند تنفيذ هذه المشاريع , الى جانب اهمية تحسين اداء الوزارة وانقاذها من الترهل والتكاسل الذي عرف عن العاملين بها …الخ
المذكرة تتضمن مشاريع في النقل والتوزيع ومحطات التوليد وصيانة الشبكات وتحسين الاداء خصوصا في اتمة جباية اجور الاستهلاك , وهي مسائل تعاني منها الشبكة الوطنية للكهرباء , بل انها عموما متهالكة , مما يحتم على الجهات المسؤولة الاسراع في تيسير البدء في تطبيق الاتفاقات ,انه يشكل فرصة استثمارية لتطوير قطاعي الكهرباء والغاز والاقتصاد الوطني مجتمعة ووضع نهاية لمعاناة المواطنين , لذلك الاولوية الان تهيئة الاجواء المناسبة لعمل سيمنس على وجه السرعة .
كما ان اعطاء مؤشرات على جدية الوزارة ودوائرها موضوع له اهميته ,كمثال الاسراع في حسم القضايا المتعلقة بالفساد في قطاع الكهرباء وازالة التجاوزات .., لتشكل رادع قوي لإيقاف الهدر ودعم البرنامج الحكومي وأزله التصور بانه كسابقه .