23 ديسمبر، 2024 9:16 م

ملفات و بوكسات

ملفات و بوكسات

اعتدنا في اي نظام ديموقراطي واي عملية سياسية  نسمع مصطلحات ذات اسلوب جميل ووقع اجمل وقد تغلف احيانا تلك الجمالية ببطانة صفراوية اعتدنا ان نسمع مصطلحات مثل شفافية وعدالة وحريه واغلبية سياسية والكثير من المصطلحات التي تختلف في معناها ولكن تتوحد في ما هو مراد منها وهو بناء نظام سياسي قادر على ادارة اي بلد نحو التقدم والرقي . ولكن ما نتعجب منه  في العراق بلد التاريخ والحضارة والعلوم والفنون وبلد السياسيين هو ظهور مصطلحات لم نعهد سماعها او اصلا هي ليست عبارات سياسية واحيانا تصل تلك العبارات الى ان تكون سوقية وللأسف فظهرت لنا مصطلحات الشرعنه والدستره وما الى الى ذلك من مصطلحات ليست لها معاني في الفقه السياسي سوى ان السياسي العراقي يحب ان يتميز ليضحك على عقول البسطاء ليقال عنه “والله هاذ خوش يحجي “
ومن هذه المصطلحات والتي تستحق ان توصف بالسوقية هو ما صرح به دولة رئيس الوزراء اذ قال “لو ذهبت انا للبرلمان فسوف تحدث (بوكسات)!!!!!! داخله ” عجيب غريب بوكسات (مره وحده) كما يقول اخوتنا المصريون هذا المنطق يجعلنا نتساءل ما هذا الامر المهم الذي يدعو الى البوكسات كما يقول مولانا المالكي . وهل النظام الديموقراطي وكشف ملفات الفساد السياسي والاداري والمالي يدعو الى بوكسات ام ان الامر مرتبط بأجندة تنفذها احزاب السلطة المشكلة لمجلس الوزراء وتتقاسم كعكة الغنائم وان السيد رئيس الوزراء يعلم بكل هذا وهو في حالة استجوابه سوف يفضح اخوان السلطة .ان الملفات التي يتكلم عنها رئيس الحكومة ان كانت حقيقية ــ شخصيا لا اشك ابدا انها غير حقيقية لكثرتها ووضوحهاــ فالواجب الوطني والقانوني والدستوري يحتم على سيادته ان يكشف هذه الملفات وعندئذ سيكون الشعب كله معه يدا بيد فرئيس الوزراء المتشرع طبعا ــ لكونه من حزب اسلامي ــ قد اقسم باليمين الشرعي والدستوري ان يصون المصلحة الوطنية العليا والحفاظ على العملية الدستورية ورعاية الديموقراطية وهذا اليمين ملزم له شرعا من الناحية الشرعية ومن الناحية الوطنية فبمقتضى هذا اليمين على السيد الرئيس الذهاب الى مجلس النواب برأس مرفوع وصدر واسع رحب لإبراز كل ملف يتعلق بخيانة السياسيين للشعب العراقي وان لا تأخذه في الله لومة لائم للحفاظ على مكتسبات النظام الجديد وان يفضح كل من ساوم وسهل لعملية فساد امني او اداري او سياسي او مالي .
ان هذا المنطق الذي يتحدث به دولة الرئيس مخالف لكل النظم والاطر السياسية وهو كما قلنا خيانة لليمين بناحيتيه الشرعية والدستورية مما يوجب ان يحاسب رئيس الوزراء وينح من منصبه تحت دعوى الحنث باليمين وهو من الاسباب الموجبة لإقالة اي مسؤول يعمل تحت القسم , وللعلم ان هذه ليست المره الاولى التي يتحدث بها المالكي عن ملفات كان يعلم بها لكنه اخفاها لسنوات كما يقول هو ومنها ما حدث في قضية طارق الهاشمي حيث قال بلسانه ” انا كنت اعلم بما يقوم به الهاشمي واعلم كل عملياته الارهابية والملف تحت يدي منذ ثلاث سنين لكن السيد عبد العزيز الحكيم والرئيس طلباني طلبا مني ان لا اكشفه حفاظا على المصلحة الوطنية ” وهذا نص قوله ولعمري هل ان المصلحة الوطنية ان صدق المالكي بقوله تستلزم ان يتنازل مسؤولو الدولة عن دماء الابرياء ولكم ان تقدروا عدد الشهداء الذين سقطوا في ثلاث سنين , اذا نستخلص من هذه التصريحات ان رئيس الوزراء المالكي بعلمه بقضايا وملفات الارهاب والفساد مشترك بالأمر ويسكت فقط وفقط للحفاظ على منصبه .
وهناك امر اخر اختصره جدا هل ان ردة الفعل المتوقعة عند النواب بعد كشف الملفات وتعبير المالكي عنها بالبوكسات تنم عن برلمان همجي وسوقي وغير فاهم للإصول الديموقراطية وما هذه الملفات الخطيرة التي تجعل من برلماني العراق ذوي الحصانة ان يتحولوا الى مصارعي شوارع ويتشاجرون (((بوكسات )) كما يقول سيادة رئيس الوزراء