( 1 )
يحتفظ رئيس الوزراء نوري المالكي، بمجموعة من الملفات، تدين أصدقاءَ واعداءً.. على حد سواء.. فالسياسة تقوم على ان صديق اليوم عدو الغد وعدو الامس، صديق اليوم، والدولاب دائر، كما يقول اللبنانيون: يبرم.
أنه مرض، انتقلت اليه عدواه من حافظ اسد، حيث قضى عقودا يجوب الحواري المحيطة بضريح السيدة زينب.. عليها السلام، في دمشق.
نسي رجل الدولة، الذي يشغل منصبا تنفيذيا متقدما قافلة العراق السارية في ليل السياسة، ومن حوله رمل اظلم سافٍ.. بالمطمئنة والمريبة على حد الريادة، والرائد لا يكذب اهله.
لكن المالكي لم يوئدِ حق الريادة، انما اوغل بالتستر على جرائم يجيرها لمصلحته الشخصية، متى ما ساءت علاقته بشخص؛ شهر ملفه؛ ما يجعل الخلاف ليس وطنيا انما شخصي؛ فلا غيرة لديه على العراق؛ ليسارع بمحاسبة المفسد، حين توفر الملف اللازم لادانته، انما يبقي الملف تحت يديه؛ حين تستلزم مصلحته الشخصية التشهير، وهذا يضعه تحت طائلة التستر، كجريمة يحاسب عليها القانون.
( 2 )
تحت هاجس المناورة، التي تضع توقيتات لقطع نزيف الفساد، في مفصل ما، وربما هذا التوقيت لا يجيء؛ لأن ثمة من يجيدون نشب مخالب كفهم في ضلع الدولة، بينما الكف الأخرى تمسد اكتاف ولحى رجالها… فلا يأتيهم الدور في حسابات المالكي؛ بحكم كونهم لا يستفزونه، مكتفين بما يجود به عليهم الفساد المالي، في حماه.
هؤلاء يتركون الملفات التي تكشف فسادهم، بين يدي المالكي، آمنين.. طالما لا يستفزونه، وهو من جانبه آمن الى ان اعناقهم في يده، لن يشاكسوه، ولن يتمردوا.. طوع ارادته.
حتى بات العراق دولة ملفات، لا منهج سياسي واضح له، وهو بهذا يعود الى عهد الطاغية الغابر.. صدام حسين، الذي يدير دولة ذات اقتصاد مؤثر في صيرورة العالم، بمزاجه الشخصي، القائم على (تحشيشات) تأتيه عفو الخاطر امام الكاميرا.
إن شاء حارب ايران وإن شاء غزا دولة الكويت الشقيقة و… حول العمال الى موظفين وما شاء من كلام على سجيته، أضطرت الامم المتحدة الى منعه من الظهور الناطق على شاشة التلفزيون؛ لما يسببه كلامه اللامسؤول من اقلاق للسلام العالمي.
كنا نتوقع ان يلغي السبت محولا الاسبوع الى اسدوس؛ فهو يطلق الكلام على عواهنه، ودول المحيط الاقليمي تحتار في تفسير مراميه؛ لأن بعض الهذر لا يقف عند الهذيان المحموم بالادعاءات الجوفاء التي تتنافج بطولات هوجاء، انما قد ينفذ وعيده، على الاقل مرتين.. بغزو الكويت ورجم اسرائيل بالارض ارض!
فاضطرت الامم المتحدة لمنعه من الظهور الناطق على شاشة التلفزيون؛ حاول مراوغتها، فعاجلته امريكا بتحرير المنطقة من شره، وليس العراقيين فحسب!
( 3 )
المشكلة صدام حسبنا، وهو قدرنا الذي يتمظهر، مرة بالمالكي، ومرات بالزرقاوي و… حبل الجرت نوري نجرك بيه.
الطغاة يتناسلون في العراق؛ فصدام هو الآخر كان يضع رقاب الناس بيده، حسب قول وزير خارجيته د. ناجي صبري الحديثي، الذي صرح بان اي وزير يسافر خارج العراق لأداء اية مهمة يضيف صدام عائلته.. محتجزة.. تقيم تحت انظاره.
والملفات التي يحتفظ بها المالكي على الساسة، الان، تشبه احتفاظ صدام بعوائل وزرائه عند ما يسافرون، واحتفاظ الاسد الاب بملفات عن رجاله، والامر يشمل طغاة كثيرين.
المالكي نتاج الديمقراطية الذي تشبه بالطغاة، ولسوف يجد نفسه كالغراب، لا قادر على تقليد مشية الطاووس، ولا عائد سيرته الاولى؛ فلا يلقاها الا ذو حظ عظيم.
( 4 )
اضرت الملفات بمن حفظوها، فجد علاجا ناجعا لتسيير شؤون الدولة، بدلا من اساليب عمل ملتوية، ادت بمن انتهجوها الى التهلكة، فـ … لا تؤدي بنفسك الى التهلكة؛ ادي واجبك التنفيذي بشهامة الفرسان، مترفعا عن دونية العبد الذي يكسر عين سيدته عندما يضبطها مع عشيق؛ فيظل يبتزها حتى تمل آمرة عبداً ثاني بقتله ؛نظير دراهم معدودات هي قيمته الحقيقة؛ لأنه عبد دوني.. صياد أخطاء.
فلا تكن يا… عبدا دونيا يقتل بدراهم؛ لأن سقوطك يجر البلاد الى دوي يصم الآذان، فأنت محسوب علينا رئيس وزراء دستوريا، بالقوة، وان كنت على ارض الواقع غيرذلك، بالفعل.
( 5 )
قمصك الله ثوبا، يمكنك من خلاله ان تحقق امال العراقيين وتصنع احلامهم؛ ولسوف يعود عليك الربح الوفير ذاته؛ فلماذا تصر على الانزواء عن شعبك وراء متاريس المنطقة الخضراء، الملغومة بالطائفية.. تهمل شعبا، ارتقت المنطقة الى خضرتها، على جوعه وشحة الكهرباء وغياب العناية الصحية وسوء معاملة المواطن عند مراجعته دائرة رسمية.
تعلم من علي دواي لازم.. محافظ العمارة، وانظر للشيخ زايد ورفيق الحريري.. رحمهما الله، قدوة حسنة، وانسى انك تبوأت حد المقصلة التي حزت عنق صدام حيا، لا تتكور عند مدخل النفق المؤدي الى مشنقة صدام، و… تتداعى فيتداعى معك شعب على ارض ثرثارة الثراء.
أفد شعبك؛ ولسوف يعطيك ربك فترضى؛ فـ.. ان الانسان لفي خسر.