19 ديسمبر، 2024 12:48 ص

ملفات أساسية أمام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي – الملف الإقتصادي

ملفات أساسية أمام رئيس الوزراء عادل عبد المهدي – الملف الإقتصادي

الملف الإقتصادي يعتبر من أهم الملفات التي ينبغي على رئيس الوزراء اعطائه الأولية والإهتمام الإستثنائي . كل شيء في مجال السياسة يمكن أن يُسّيّر ” بالعصا ” إلا المجال الإقتصادي فهو يسير ويخضع تماماً إلى نظريات وقواعد ونماذج إقتصادية بحتة ، كنظرية العرض والطلب والأسعار وقانون الأستثمار والإدخار والنظرية الحدية ونظرية الدخل والأستهلاك والمرونات ونظرية الإنتاج والتوزيع وقوانين التجارة وسعر الصرف ونماذج المدخلات والمخرجات وما إلى ذلك . فأي قرار أو سياسة أو إجراء أو تشريع مهما كان سينعكس بموجب تلك النظريات والقواعد الإقتصادية الى واقع ونتائج وتأثيرات مباشرة وغير مباشرة على الوضع العام للبلد سواء في الأمد القصير أو المتوسط أو البعيد . ببساطة فإن الحكومة ومن ورائها المرجعيات الدينية وبكل أنواع الفتاوى وبكل ألوان العمائم وجميع الكتل السياسية بكل أجنحتها المسلحة وغير المسلحة وكل تيجان الرؤوس المحلية والأجنبية الصغيرة والكبيرة منها سوف تعجز كلياً عن تحقيق أي تنمية إقتصادية حقيقية للبلد مالم تتفهم وتستوعب بشكل واضح كيف تعمل تلك القواعد والقوانين والنظريات الإقتصادية .
العراق ، ومنذ زمن بعيد ولحد الآن ، يتميز عن كثير من الدول بأن لديه إمكانات تنموية كامنة وهائلة سواء على مستوى الموارد الطبيعية أو البشرية وغيرها كان بالإمكان إستثمارها بشكل إقتصادي وتوجيهها بذكاء لخلق بلد متقدم ومتحضر . إلا أن جهل من تولى إدارة هذا البلد ، مع تغير النظم الحاكمة ، أودت بالبلد الى الهاوية وفقدت أي فرصة للتقدم أو التحضر . وأمام كل الأمكانات والموارد المتحققة بقى العراق يعاني من المشاكل الإقتصادية العديدة وتفاقمت الآن أكثر بسبب سوء إدارة الدولة من قبل أحزاب الإسلام السياسي المتخلف الذي لا يفهم أبسط قواعد النظم الإقتصادية لأن القواعد الإقتصادية لديهم هي عبارة عن فتاوى مباشرة أو غير مباشرة أو قرارات أو إملاءات فردية من قبل شخوص إفترشت سلم إدارة الدولة تطبق مفردات الدين في الإقتصاد ، وما يصطلح عليه ” الإقتصاد الإسلامي ” لصالحها فقط . وكانت نتيجة حكم الجهله بأبسط القواعد الإقتصادية هي تراجع العراق الى أسفل القائمة في معيار التخلف والتأخر ينافس موقعه بعض البلدان مثل الصومال وأريتيريا وليبيا على سبيل المثال . وكانت حصيلة حكم هؤلاء الجهله مايلي :
١- سرقة علنية لمعظم موارد الدولة بصيغ مختلفة تحت مظلة القانون أو خارجه
٢- تراجع القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية والخدمية إجمالاً
٣- زيادة معدلات البطالة الى مستويات عالية جداً
٤- تراجع البنى التحتية عموماً
٥- تردي الخدمات جميعاً في مجال التعليم والصحة والبيئة والمياه والكهرباء والصرف الصحي
٦- تراجع الإستثمارات المحلية والإعتماد على الإستيرادات
٧- أعداد كبيرة من النازحين العراقيين عن ديارهم في مخيمات لا تليق ببلد يحترم الإنسان
٨- مدن عديدة شبه مدمرة لا تصلح للعيش تحتاج الى برامج إستثمارية تخرج عن إمكانية العراق في ظل الرؤوس الحاكمة المتخلفة ” إقتصادياً ” .
٩- سيطرة قوى سياسية مسلحة بمباركة مرجعيات محلية وخارجية على بعض مفاصل الدولة المهمة لتحقيق موارد مالية ومادية لها خارج سيطرة أو معرفة الدولة
١٠- ضخامة الديون وخدمة الدين
هذه فقط أمثلة عن بعض المشاكل الإقتصادية التي يعاني منها العراق الآن . والسؤال هنا كيف يفهم رئيس الوزراء عادل عبد المهدي هذا الواقع وكيف سيتصرف لمعالجة هذا الملف المعقد جداً ؟ أعيد وأكرر إن المشكلة ليست في شخص عادل عبد المهدي ، كونه إقتصادي ، وإنما في المحيط الذي يدير الدولة من خلاله . مع الأسف إنه أسير هؤلاء الجهلة ، لا يستطيع مجابهتم لأنه لا يمتلك قوة حقيقية داعمة له ومخلصة لتطوير البلد . لا أعلم كيف سيتعامل رئيس الوزراء بكل هذه المشاكل مجتمعة وهو أسير الرؤوس التي نصبته ، وكل رأس من هذه الرؤوس له أجندته وهم من يتخذ القرارات عموماً .
يبدوا ان النظريات والقوانين والقواعد الإقتصادية ستكون غير مجدية التطبيق في العراق لتحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية وإنما الفتاوى التي صدرت والتي ستصدر من المرجعيات هي الأساس لمعالجة جميع مشاكل العراق . ولذلك سيلجأ رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لأخذ رأي المرجعية الدينية ، أو أي من الرؤوس المعروفة ، في أي قرار إقتصادي أو إستثماري أو إجتماعي مهم لأن المرجعية والرؤوس عندما تبارك أي قرار يتخذه رئيس الوزراء سيحقق أهدافه بمعزل عن تلك القوانين الإقتصادية ،،،، إنها حقاً معجزة . مشكلة البطالة ستحل بفتوى المرجعية أو بقرار من الرؤوس ، تنمية القطاعات الإنتاجية ، الصناعة والزراعة ، والخدمات ستحل بفتوى المرجعية أو بقرار من الرؤوس ، توفير المياه والكهرباء والخدمات التعليمية والصحية ستتحقق بفتوى المرجعية أو بقرار من الرؤوس ،،،،،وهلم جرى .
ولمعلومات رئيس الوزراء فإن إعادة إعمار المدن المخربة وحل جميع المشاكل الإقتصادية المذكورة يمكن أن تتحقق بفترة قصيرة جداً بفتاوى إن أرادت المرجعيات وستكون المعجزة الأولى للعراق أمام العالم .
وبعيداًعن الإستهزاء السياسي ، أنصح رئيس الوزراء تعيين خلية من كبار الإقتصاديين المجردين عن أي إنتماء لأي جهة عدا الوطن ، ترتبط به مباشرةً وشرط أن تكون غير معروفه للآخرين ، لتضع خطة علمية واضحة وإطار عام وأولويات توزع بموجبها الموارد الإقتصادية بين مختلف القطاعات وفق القواعد والنظريات والنماذج الإقتصادية المعتمدة في جميع الدول المتقدمة والمتحضرة . أذا نجح رئيس الوزراء بوضع مثل هذه الخطة فإن الأمور ستكون مختلفة تماماً ، ولكن الواقع سيثبت عكس ذلك تماماً ، وسيبقى العراق أسير التخلف في جميع المجالات الى عقود عديدة قادمة مادامت العمائم تحكم البلد .