23 ديسمبر، 2024 6:55 ص

ملايين عاشورائية إحتياط للمعركة

ملايين عاشورائية إحتياط للمعركة

الحديث عن الشجاعة؛ ليست مجرد كلمة تٌقال؛ دون أن تختبرها عند ساحات الوغى، وهناك تظهر حقيقة الدعوى وصدق النوايا، ولعل مشهد عاشوراء خير مثال على الإقدام والبسالة والعطاء الأزلي، الذي يمتد الى حاضرنا، ونعرف من أين يستمد الأبطال على السواتر هممهم وعزيمتهم وشجاعتهم.
يذكر لنا التاريخ أن الشجاعة التي إمتلكها أصحاب الأمام الحسين عليه السلام لا مثيل لها، ولم يتحدث أحد عن جبن أو خوف أو تمسكن، أو تراجع من هول المعركة وبريق السيوف.تحدث التاريخ عن مشاهد مرعبة، ورجز وصهيل خيول؛ مقابل ثلة قليلة من الأصحاب واحدهم يمثل جيشاً، وبعضهم ينزل حاسراً او بدون درع ورغم ذلك ينهزم أمامه الأعداء، وكل مقاتل من اصحاب الامام الحسين يتقدم راجزاً، ويقدم حسبه ونسبه، وينزل المعركة مقابل فرار عدو متلثم خائف متردد رغم كثرة عددهم، وفي حالة إقدام وشجاعة وإندفاع ويقين يرعب العدو.
رسم المشهد العاشورائي خطوط عريضة؛ يستمد منها الأحرار قوة وصلابة وعزيمة، ورأينا أثر المدرسة العاشورائية في نفوس المقاتلين في مواجهة داعش، وتحدث كثيرون عن بسالة لا مثيل لها، وتفاني وتسابق على التضحية، وعند الحاجة لعشرة اشخاص يتقدم اضعاف، ويُقدم آخر نفسه ضحية لإنقاذ طفل وأمرأة، وتتأصل ملحمة عاشورائية مهما تقادمت الأزمان وإختلفت الأمكنة، وهكذا كأصحاب الأمام الحسين لا يهابون موت بينهم وبينه خطوات، ولولا شجاعتهم لما إستمرت المعركة ساعة.إستمد أبطال كثيرون عزيمتهم من عاشوراء؛ ما بين شباب لم يتجاوزوا 17 عام وشيوخ تجاوزوا 80 عام، وجنباً الى جنب تفاوتت الأعمار كأصحاب الحسين، وكأن بصيرتهم وشعورهم لا يجعل للتراجع ذكر في نفوسهم، وهنا إختبار الشجاعة التي ربما يتحدث عنها كثيرون بالرخاء ويتخلفون بالشدة،
إن المعركة اليوم في حالة تشابه كبير مع كربلاء، وهنا أبطال صامدون مضحون، وهناك عدو لا يُجيد سوى الغدر، ويسمع معظمنا عن أبطال واجهوا الغدر بصدور عارية، ولم تشهد المعركة الإنهزام، وما تلك الملايين الزاحفة الى كربلاء؛ إلا مواقع خلفية وجيوش إحتياط للمعركة، وهم يتغذون من مدرسة الحسين، ويهرلون “بركضة طويريج” كأصحاب فاتتهم المعركة، وبصيرتهم تشعل الحماسة بالدفاع عن الوطن والمقدسات.
المدرسة العاشورائية مشعل لإنارة دروب الثوار والأحرار، ولولا تأصلها وإمتداد عطائها الى اليوم؛ لما كان في المعركة من يُحارب كل أفكار الضلالة والإنحراف والإنحطاط؛ بعطاء كبير وفكر سامي.
أتصف أصحاب الإمام الحسين بالشجاعة والإقدام، والرجز والحديث عن النسب والأصل؛ بينما تلثم أعداءه، وتنكروا لأنسابهم ولا سبيل لديهم سوى الغدر، وهكذا المعركة اليوم؛ بين مقاتلين تطوعوا وعرفوا بأنسابهم وعوائلهم وعشائرهم ومدارسهم العقائدية والوطنية؛ لردع عدو غادر إتخذ من المدنيين دروع بشرية، وإستخدم شتى وسائل الدناءة والخسة؛ بإستهداف وغدر الأطفال والشيوخ، ولكن شتان بين مدرستين؛ مدرسة عاشوراء للعطاء والتضحية والجود والإباء، ومدرسة يزيد والوهابية والقاعدة وداعش، ومحل المقارنة ان مدرسة العطاء باقية ومدرسة الغدر فانية، ومثلما للإمام الحسين فكر يتجدد ويتجذر بالنفوس؛ هناك فكر مضاد يتجذر أيضاً كوبال على معتنقيه.