لعل بلدنا العراق من أكثر البلدان التي تعرضت إلى كوارث وحروب وأوضاع غير طبيعية .. فمنذ مئة عام والعراق يبحث عن الإستقرار للبدء بعملية بناء حقيقية تجعل منه بلداً متطوراً مرفهاً يعيش مواطنوه بأمن وسلام .. إلا أن الساعة لم تحن، والوقت لم يأزف بعد، وكأن عملية الإستقرار في العراق مؤجلة إلى وقت مجهول لا أحد يعرف مدياته .. هذه صورة واقعية .. فالفرح في العراق شكلي والسعادة عبارة عن مظاهر لأنها لا تعبر عن الواقع . غير أن الشعب العراقي تحدى كل هذه الاوضاع وسجل ظاهرة قد تكون نادرة بين الشعوب حتى غدونا مثلاً للصمود والنهوض من الكبوات والتجدد وحب الحياة . هذه المقدمة التي بدأت متشائمة وانتهت إلى أمل وتفاؤل، هي صورة قريبة جداً إلى الواقع العراقي .. فرغم كل ذلك هناك إنتصارات عراقية على الإرهاب لفتت أنظار العالم .. والعسكرية العراقية تقدم دروساً جديدة في علم الإستراتيج، ستكون نماذج تدرس في أكاديميات الأركان، والجندي العراقي ما زال باسلاً، ولم يكن فاسداً كبعض السياسيين . عام 2016 شهد أحداثا كبيرة منها مأساوية كتفجير الكرادة، ومنها مفاجأة كبيرة للعراقيين والمحللين، هي تحرير قضاء الفلوجة معقل الإرهاب، وسوى المجال الأمني هناك صفحات مشرقة في قطاع الإقتصاد سجلتها أيام العام الماضي .. فالحديث عن الإنجازات يقودنا إلى أن نقف عند أمرين لهما صدى إيجابيا على الإقتصاد العراقي وهما إتفاق تحجيم إنتاج النفط عالمياً، وتحقيق الإكتفاء الذاتي للبلد في صناعة السمنت، لأن تحجيم إنتاج النفط أدى إلى إرتفاع الأسعار وهو ما يقود إلى خروج العراق من دائرة الضائقة المالية وينتقل إلى مرحلة أفضل .. وهذا ما يدعو المعنيين بالشأن النفطي في الفترة المقبلة إلى التخطيط لبناء صناعات تحويلية من خلال إستثمار النفط الخام وتحويله إلى منتجات نفطية . كما أن حجم التداول في البورصة العراقية وصل إلى ترليون سهم بإرتفاع 67 بالمئة عن العام الماضي .. وأسهمت مزادات بيع سندات الخزينة الخاصة بوزارة المالية التي يشرف عليها وينظمها البنك المركزي بتقليل عجز الموازنة بنحو 3 ترليونات دينار .. وسجل القطاع المالي حضوراً واضحاً وقابلاً للتطور بعد أن نفض غبار الزمن وتحدياته الكبيرة محققاً إنجازه بوجود ثلاثة مصارف عراقية بين أكبر المصارف العربية .. كما أن إفتتاح معرض بغددا الدولي ومشاركة (12) دولة و (400) شركة في دورته الثالثة والأربعين يعد مؤشرا مهما . هذه بعض الملامح وحتماً هناك ملامح أخرى لكنها غير منظورة وربما يصبح عام 2017 عام التحولات الكبرى بعد القضاء على تنظيم داعش الإرهابي وإنهاء وجوده في العراق، حين ذاك سنشهد تنمية واضحة ونهوضاً في القطاعات كافة، مصحوباً بنسبة من الرفاه والإستقرار النسبي.
رعى الله العراق وشعبه وسدد خطا أبنائه في بنائه وتطويره والدفاع عنه ودفع عدوان المعتدين.