يعود الرئيس المنتخب دونالد ترامب الى البيت الابيض ، بعد اربعة سنوات من مغادرته .
في حين أن بعض خطط ترامب يمكن التنبؤ بها، فإن البعض الآخر لا يزال لغزا .
يريد الرئيس المنتخب إنهاء الحروب في العالم للتركيز على الصين. ولكن من غير الواضح كيف سيحاول تحقيق ذلك .
اعترف ريتشارد مور، المدير السياسي السابق لوزارة الخارجية البريطانية ، بأن نصف الدبلوماسيين البريطانيين كانوا يستيقظون كل صباح خوفاً مما قد يقرؤونه على تغريدات الرئيس على تويتر .
ومع ذلك فالجميع متفق على أن فترة ولاية ترامب الثانية سوف تكون مختلفة، لأن التحديات تغيرت.
ومما يشجع الرئيس المنتخب على اتخاذ قرارات فاعلة فوز الحزب الجمهوري بمجلسي الشوخ والنواب بالاغلبية .
لقد وعد ترامب بإحلال السلام في أوكرانيا والشرق الأوسط وعقد صفقة مع ايران .
وكانت لديه علاقة معقدة، وغامضة في بعض الأحيان، مع نتنياهو، لكنه بالتأكيد لديه القدرة على الضغط عليه اكثر بكثير من سلفه ، مما سيؤدي بالنتيجة لقبول إسرائيل بالتفاوض على وقف إطلاق النار .
وقد قال الرئيس الأمريكي المنتخب، إنه نصح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عندما التقيا الشهر الماضي بأن “يحقق نصره” بسرعة لأن “القتل يجب أن يتوقف في غزة .
كما أبلغ نتنياهو أنه يريد انتهاء حرب غزة بحلول موعد توليه منصبه .
وفيما يتعلق بالملف الايراني
فسوف لن يكون من اولوياته ، فمشاكل المهاجرين واللاجئين الشرعيين وغير الشرعيين ستكون من اهم الملفات التي تعرض على القادم الجديد القديم للبيت الابيض . اضافة الى الحرب الدائرة في أوكرانيا المفتوحة على آفاق خطيرة للولايات المتحدة والعالم في ظل التهديدات النووية .
وعلى مايبدو من تصريحات نائبه جي دي فانس فان “الروس سيحتفظون بالأراضي التي استولوا عليها . مع إنشاء منطقة منزوعة السلاح على طول خطوط المعارك الحالية، مع تحصين الجانب الأوكراني بشكل كبير لمنع أي غزو روسي آخر”.
على وفق مبدأ السلام مقابل الارض .
وربما سيقوم الرئيس الأمريكي السابع والأربعون بزيادة الدعم لأوكرانيا من أجل إرغام الرئيس بوتين على إبرام اتفاق سلام .
ان المشاكل المتراكمة على الطاولة والتي لم تتمكن الإدارة الأميركية على حلها، سيتحتم على الادارة الجديدة معالجتها رغم ان المستقبل لن يكون سهلاً .
ولمواجهة النفوذ الإيراني
سيعود ترامب الى سياساته السابقة ،
في إعطاء الأولوية للقوة الاقتصادية على حساب الوجود الدبلوماسي والعسكري .
ان اي تغيير للنظام الايراني سوف لن يكون ضمن اجندة الرئيس الجديد رغم اتهام ايران بالسعي لاغتياله . حيث مازالت طهران تمثل عنصر توازن للقوة في المنطقة من وجهة النظر الأمريكية .
ولكن سيتم عزل ايران دبلوماسيا واضعافها اقتصاديا كي لا تتمكن من دعم اذرعها من الميليشيات الموالية للحرس الثوري والتي تهدد استقرار المنطقة .
كما اكد ترامب بقوة على عدم تمكين ايران لامتلاك اسلحة نووية .
لقد كان أحد أهم تحركاته في الشرق الأوسط خلال فترة حكمه السابقة هو قراره عام 2018 بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني .
وفي هذه المرحلة ستكون هناك مفاوضات جديدة حول برنامج إيران النووي تحت ضغط القوة .
ونظراً للأحداث الأخيرة في المنطقة، والصراع الدائر بين إسرائيل وحزب الله وحماس، فمن غير المرجح تخيلي الولايات المتحدة تماماً عن وجودها في العراق .
واذا لم يتم كبح نشاط الفصائل والميليشيات العراقية الموالية لايران سيتم الضغط على العراق بالعقوبات الاقتصادية، ومن غير المستبعد ايضا استهداف قادة مايسمى بالمقاومة الإسلامية في العراق .
وسيجري العمل على تركيز الجهود في بناء علاقة مصالح وثيقة مع حكومة بغداد ، من خلال إحياء العمل بالاتفاقات السابقة بين البلدين . والعمل على تقليص الهيمنة الإيرانية على العراق .
لايرغب ترامب بخوض معركة عسكرية كبيرة في اليمن ، حيث ان الخيارات المتاحة للولايات المتحدة وأوروبا محدودة فيه .
سيكون الخيار السياسي وتقاسم السلطة في اليمن سيد الموقف
من خلال قبول الحوثيين للمشاركة في حكم البلد ، بعد توقفهم عن مهاجمة السفن الغربية، كما هو متوقع بعد وقف اطلاق النار في
غزة. واتباع سياسة أكثر تشددًا تجاه إيران وحلفائها .
تم تحديد سياسة ترامب تجاه أوروبا من خلال مطالبة حلفاء الناتو بزيادة الإنفاق الدفاعي، وانتقد ترامب مرارا وتكرارا الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي، وخاصة ألمانيا، بسبب ما اعتبره إنفاقا دفاعيا غير كاف .
واستنادا الى نهج “أمريكا أولا” في التعامل مع التجارة، ستتخذت إدارة ترامب مسارا” تصادميا في العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وغالبا ما تصور العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي على أنه غير عادل للمصالح الأمريكية .
امتدت شكوك ترامب إلى مختلف المؤسسات المتعددة الأطراف، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية، فضلا عن الاتحاد الأوروبي نفسه. ويعكس انسحاب إدارته من اتفاق باريس للمناخ وخفض التمويل للعديد من برامج الأمم المتحدة تفضيل الصفقات الثنائية على الالتزامات المتعددة الأطراف.
تظهر سياسات ترامب في الشرق الأوسط وأوروبا أولوية إدارته في إعادة تعريف الولايات المتحدة للمشاركة الدولية على أساس أكثر تركيزًا على الذات . وستعيد سياساته تشكيل التحالفات بديناميكيات جديدة، تستند على التحديات والفرص التي ينطوي عليها نهج “أميركا أولا” في التعامل مع السياسة الخارجية. وستكون بمثابة نقطة مرجعية لنطاق وحجم النفوذ الأمريكي في الخارج .