22 ديسمبر، 2024 2:56 م

ملامح انتفاضة تلوح في الأفق !

ملامح انتفاضة تلوح في الأفق !

ارى فيما يرى الرائي بأن نُذر انتفاضة شعبية تتجمع في الافق, رؤيتي ليست كما تهويمات المتكهنين وضاربي الودع وفتاحي الفال وقراء اوراق الكوتشينة, الميتافيزيقية.
هي رؤية واقعية, كما اعتقد, وليست رؤيا خيالية.
تستند الى اسس ومعطيات… هي استنتاج بأن الانتخابات البرلمانية القادمة اذا ما اعادت انتاج نفس الوجوه الكالحة التي سامت العراقيين العذاب ستعقبها انتفاضة شعبية غاضبة ضد احزاب الفساد ورموزها بعد مصادرتها حق الجماهير في التغيير ديمقراطياً وتعويق سبل التداول السلمي للسلطة, وبعد ما أمنتها لقياداتها من امتيازات ووسائل وظروف فوز انتخابي غير عادلة بعيدة عن مبدأ تكافؤ الفرص الدستوري.
ملامح انتفاضة حاسمة تتشكل, قد تندلع بعد الانتخابات في الشهر الخامس آيار الذي يشهد عادة ارتفاع الحرارة بدرجات تموزية, مترافقة مع اخفاقهم المخزي في توفير الكهرباء ومتزامنة مع ما تشهده البلاد من شحة مياه ستؤثر على مياه الشرب وسنضطر الى استيراد ماء الشفة من صحراء العربية السعودية.
تتوفر اسس مادية كافية لألهاب الجو السياسي… فلدينا قانون غير عادل للانتخابات – سانت ليغو 1.7 يتعارض تقنينه مع مبدأ تكافؤ الفرص لكل العراقيين وهو بمثابة وقود الاشتعال السريع, ومفوضية انتخابات حزبية لتقدح النار, ثم نتائج مزورة ستوفر حجر القدح لأيقاد الشرارة, خصوصاً بعد اغلاق الباب كلياً امام امكانية اي تعديل للقانون بعد نفاذ الوقت لذلك.
يمكن تلافي ذلك بتأجيل الانتخابات والتنازل للجماهير بالغاء القانون المجحف الحالي واستبداله بآخر جديد اكثر عدلاً. ولكن هذا بالتأكيد مجرد حلم يقظة لمن لم يفهم طبيعة تفكير اصحاب السلطة وسايكولوجيتهم الاقصائية.. فهو اجراء لن يفكروا بأتخاذه في هذه الظروف ولو على قطع رقابهم.
لست من دعاة الانقلابات والتغييرات العنفية ولكن كل شروط امكانية اندلاع انتفاضة شعبية قائمة وتتعزز, فهناك انسداد أفق سياسي, ومحاولة فرض نهج استبدادي احادي في الحكم عاجز عن جلب الامان للمواطن, بفرض القانون على مجاميع مسلحة ميليشياوية وعشائرية مرتبطة بأصحاب القرار ومتورطة في فساد مؤسساتي وسرقة وقحة للمال العام مع سخط شعبي عارم.
فأين يمكن ان نجد تعشّق هكذا عوامل مثالية, مع بعضها البعض, لاندلاع انتفاضة غير العراق ؟
واخيراً لأني اؤمن بمقولة هيغو ” عندما يصبح الظلم حقيقة واقعة, تصبح الثورة حقاً من الحقوق “. لذا فأن على سياسيينا البحث عن ملجأ آمن لهم من سُوَر الغضب الشعبي التي لا تعرف مدياتها, غير المنطقة الخضراء !
الامر لاينحصر فقط في التزوير الانتخابي فمسألة فوز احزاب الفساد من عدمه يبدو محسوماً, رغم احتمالية تراجعه بنسب اقل ( اشار احد الخبراء الى ان من المعروف بأن وجود ممثل لأي حزب في المفوضية العليا للانتخابات يعني الفوز الاكيد لكتلته ), لكن تنامي الرفض الشعبي لهم ومخاوفهم من نوايا محاربة الفساد العامة التي قد تطالهم, ستجعلهم يمعنون في عمليات التزوير وخداع الجماهير واستغلال المال العام لصالحهم, ليضمنوا فوزاً مؤثراً يقيهم محاسبات ومسائلات ومحاكمات قادمة. وهذا بالضبط ما سيلهب الوضع ويوقعهم في سوء اعمالهم ويقود الى الانتفاض !
ربما هناك بصيص أمل لتلافي ذلك, فيما لو عاد مريدو احزاب الاسلام السياسي والاحزاب المتحاصصة معها الى رشدهم, وهم بغالبيتهم متضررون من سياسات احزابهم, ووقفوا مع الذات وراجعوا حساب البيدر وسنوات معاناتهم وخسارات العراق والعراقيين وقرروا عدم التصويت الى وجوه الفساد والتقسيم واختيارالذي يحس بآلام العراقيين ويسعى الى مداواتها.
اما نحن فنقول :
” ياجدي حزنّة نجمة سيّارة
تهلهل حين ظالم ينهدم داره ” / مظفر النواب – جد ازيرج