قد تكون من اهم ايجابيات قانون التقاعد الموحد الذي شرعه مجلس النوام العراقي بتاريخ (3/2/2014) هو انه فضح الكتل الرئيسية واعضائها المجاهدين الذين كانوا يدعون بانهم يمثلون الشرائح المهمشة والمتضررة وقت النظام السابق وانهم الصوت الحقيقي المعبر عن ذوي الشهداء وانهم …. وانهم ….. مما يشبه هذا النسق الاعلامي ،ولكن هذه الصرخات النيابية التي تدعي الدفاع عن الشعب والفقراء والمساكين لم تصمد طويلا امام تجربة حقيقية لاختبار صدقها وصلابتها وهي التصويت على قانون التقاعد الموحد المشار اليه والذي تضمن امتيازات كبيرة جدا للرئاسات والوزراء والبرلمانيين وذوي الدرجات الخاصة وبشكل يفوق التوازن والمعقولية بالمقارنة مع باقي المواطنين فسرعان ما انكشف الغطاء وتمزق القناع الذي تصور الكثير من العراقيين انه الوجه الحقيقي لاولئك النواب الممثلين على الشعب ادوارا ساخرة مضحكة مبكية …
وقد ظهر جليا للشعب المسكين بكل شرائحه واديانه ومذاهبه وقومياته ومناطقه ان هؤلاء النوام لم يكونوا صادقين معه ابدا وانهم وبكل صراحة قد استغفلوه طيلة سنوات مضت فقد نسوا وعودهم الانتخابية وصرخاتهم التلفزيونية وصوتوا للقانون المذكور من اجل الحصول على الامتيازات الكبيرة الفريدة من نوعها وبقي الشعب في طي الآمال والوعود للدورات الانتخابية القادمة لأولئك النوام .
وقد افرزت عملية تشريع هذا القانون الملامح التالية :
1- منذ اشهر والكثير من اعضاء مجلس النوام العراقي ،وخاصة من الذين ينتمون الى كتل يفترض انها بحكم العقيدة الاسلامية تكون الأكثر بساطة وتواضعا وزهدا ومعايشة لاحوال الشعب، يصرحون ويتسابقون في اعلان مواقفهم بانهم رافضون للامتيازات التي يراد تضمينها في قانون التقاعد ولكن ما ان فتحت ساحة اللعب البرلماني حتى كانوا من ضمن من صوت الى جانب الامتيازات التقاعدية المالية والخدمة الجهادية ضد الشعب ليحصلوا على امتيازات كانوا يحلمون بعشر معشارها ونسوا الشهداء وحال ذويهم والارامل اللواتي صوتن لهم ووقفوا مع الباطل البرلماني ضد الحق الذي هو مصالح الشعب فبانت حقيقتهم وظهر زيف انتمائهم الى الشعب وصحة انتمائهم الى برلمان الشغب .
2- عندما رفضت المحكمة الاتحادية بقرارها ( العدد : 86/اتحادية/اعلام/ 2013 في 23/10/2013) منح رئيس واعضاء مجلس النوام الامتيازات المالية في رواتبهم التقاعدية الواردة في المادتين (3) و (4) من القانون رقم (50) لسنة 2007 وفشلت في حينها جهود بعض البرلمانيين لجعل عضويتهم قصيرة المدى فرصة تاريخية للكسب المالي تعالت اصوات الكتل كل تدعي الوصل بالشعب وانها التي قدمت الى المحكمة الاتحادية طلب الغاء الامتيازات النهبية والسلبية التي حلم بها اعضاء مجلس النوام وتسابقت الكتل لاعلان ملكيتها الخاصة لمقترح وطلب الغاء الامتيازات ….
ولكن ما الذي حصل لكم ايها الرفاق ،لماذا كنتم بعد ذلك من اوائل من صوت لصالح القانون السيء على الشعب ؟ ولماذا اخفيتم رؤوسكم بعد ذلك ؟
3- ومن الغرائب في الموضوع ان بعض الكتل البرلمانية ادعت بان القانون المشرع من مجلس النوام تضمن اضافة فقرة الامتيازات على مشروع القانون المقدم من قبل مجلس الوزراء وانهم لم يكونوا يعلمون بها وفي هذا سخرية كبيرة وضحالة عقلية اكبر منها فالوزراء في مجلس الوزراء هم ممثلون لكتل مجلس النوام وتصرفات الوزراء مرسومة من قبل كتلهم كما هو الحال للبرلمانيين وليس لهم الحق في الخروج عليها فهل ان هذه الكتل تصوت لقانون داخل مجلس الوزراء بشكل مغاير لتصرفها وتصويتها داخل مجلس النوام ؟!
ثم لماذا قبل النواب والقادة والزعماء التصويت على قانون مخالف في مضمونه لمشروعه المقدم من مجلس الوزراء ألم يكن بامكانهم رفض القانون أم ان هذه الكتل ترفض الامتيازات داخل مجلس الوزراء وتتلهف له داخل مجلس النوام ؟!
4- ولاكمال حلقات النفاق تبرأ أكثر النوام من التصويت على القانون بعد الضغط الشعبي والاعلامي الكبيرين وكلهم ادعوا بانهم رفضوه وكذلك فعلت الكتل المجاهدة ولو كان هذا حقا لما تم تمرير القانون .
فهل بعد هذا نعيد انتخاب هؤلاء النوام وكتلهم في الانتخابات القادمة