مرة اخرى استطعنا الحصول على نسخة من مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية عن طريق العلاقات الخاصة ببعض الأخوة اعضاء مجلس النواب وليس عن الطرق الطبيعية الشفّافة التي تقتضي نشر أي مسودة مشروع او مقترح لقانون عبر وسائل الأعلام المختلفة والمتداولة لكي يتمكّن جميع المهتمين وذوي العلاقة من الأطلاع عليها واشباعها نقاشاً وحواراً وابداء الآراء فيها لكي تخرج تشريعاتنا أكثر رصانة وفائدة للعموم.
عند الأطلاع على مسودّة مشروع هذا القانون نسجل عليه ملاحظات موضوعية وشكلية مقرونة بتوصياتنا ومقترحاتنا.
أولاً- نصّت المادة 6 بفقراتها الأربعة من المشروع ، (اولاً: تجري انتخابات مجالس المحافظات في 20 /4 من السنة التي تنتهي فيها الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات غير المنتظمة في اقليم. ثانياً: تجري انتخابات مجالس الأقضية في 20/10 من السنة التي يتم فيها اجراء انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة في اقليم. ثالثاً يكون يومي الانتخابات المنصوص عليهما في (اولاً) و(ثانياً) من هذه المادة عطلة رسمية. رابعاً: لمجلس النواب باغلبية الثلثين تأجيل انتخابات مجالس المحافظات والأقضية في محافظة او اكثر بناءً على اقتراح مفوضية الأنتخابات وموافقة مجلس الوزراء.)
الملاحظة الأولى على هذا النص في الفقرتين الأولى والثانية انهما حدّدتا موعد اجراء الانتخابات مسبقاً وبما يتناقض مع نص المادة 49 /اولاً من مسودة هذا المشروع التي تنص على ( يُحدّد موعد الأنتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناءً على اقتراح من المفوضية يعلن عنه بوسائل الاعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لاجرائه بـ(60) ستين يوماً.) أي ان تحديد مواعيد هذه الانتخابات من اختصاص مفوضية الانتخابات ومجلس الوزراء وليس من اختصاص القانون، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فان هذا الموعد يجب ان يكون متوافقاً مع ما نصّت عليه المادة 4 من قانون المحافظات غير المرتبطة باقليم رقم 21 لسنة 2008 والتي نصت على (تكون مدة الدورة الانتخابية للمجالس 4 سنوات تقويمية تبدأ بأول جلسة) وبما ان تاريخ انعقاد اول جلسة لمجالس المحافظات تختلف من محافظة الى اخرى فأن نهاية الأربعة سنوات التقويمية ستختلف من محافظة الى أخرى، ناهيك عن احتمال تأجيل الانتخابات في بعض المحافظات عند توفر مبررات التأجيل يجعل من اختلاف السنوات الاربعة التقويمية يختلف ايضاً من محافظة الى أخرى. كذلك فأن الفقرة الرابعة من هذه المادة التي اناطة قرار تأجيل الانتخابات بمجلس النواب باغلبية “الثلثين” هي ليست من اختصاص مجلس النواب، بل من اختصاص الجهة التي تحدّد موعد الأنتخاب فلها الحق في اصدار القرار بتأجيلها اذا كان لذلك مقتضى ومبرر تقدره مفوضية الانتخابات والسلطة التنفيذية.
ايضاً انا اقترح بضرورة اجراء انتخابات المحافظات والأقضية في يوم واحد وعملية انتخابية واحدة بدلاً من عمليتين انتخابيتين مكلفتين مادياً وكما يلي:
1. بما ان انتخابات مجالس المحافظات هي انتخابات محلية وليست اتحادية فيجب ان يكون لكل محافظة موعد انتخابي خاص بها يبدأ بعد انتهاء الاربعة سنوات التقويمية للدورة الانتخابية للمحافظة، ويقوم مكتب انتخابات المحافظة باجرائها وباشراف المكتب الوطني للمفوضية.
2. ان يكون تحديد موعد اجراء انتخابات مجلس المحافظة والقضاء باقتراح من المفوضية وبموافقة المحافظ أو رئيس مجلس الوزراء.
3. يكون يوم الاقتراع عطلة رسمية في المحافظة التي يجري فيها الانتخاب.
4. والمقترح الأهم ان تدمج انتخابات مجلس المحافظة مع انتخابات مجلس القضاء في عملية واحدة وحسب التفصيل التالي:
* تقسم المحافظة الى دوائر انتخابية بعدد الاقضية التابعة للمحافظة.
* يتم الترشيح لانتخابات مجلس المحافظة والقضاء في الدائرة الانتخابية بقائمة واحدة لايقل عدد المرشحين فيها عن 4 على ان تكون من بينهم امرأة واحدة على الاقل مع الحق بالترشيح الفردي ككيان سياسي فردي، ولا يزيد عدد المرشحين على عدد المقاعد المخصصة للقضاء كدائرة انتخابية لانتخابات مجلس المحافظة زائداً عدد المقاعد المخصصة للقضاء لانتخابات مجلس القضاء.
* تكون عملية التصويت على المرشحين حسب الطريقة التي يختارها المشرع، ونقترح ان يكون تصويت الناخب لمرشح واحد فقط من قوائم المرشحين الحزبية او للمرشح الفردي.
* بعد فرز النتائج يتم ترتيب جميع المرشحين في الدائرة الانتخابية بقائمة واحدة تبدأ بمن حصل على اكثر الأصوات وتنتهي بمن حصل على اقل الأصوات.
* (لو فرضنا ان الدائرة الانتخابية – القضاء – حصته من مقاعد مجلس المحافظة هي 7 مقاعد وحصته من المقاعد كمجلس قضاء هي 12 مقعد) فيتم في المرحلة الأولى اختيار أول 7 مرشحين لعضوية مجلس المحافظة من القائمة التي اعيد ترتيبها لكل المرشحين في الدائرة الانتخابية من الأكثر وتنتهي بالأقل اصواتاً. والمرحلة الثانية باختيار 12 مرشحاً من المتبقين في القائمة ممن حصلوا على اعلى الاصوات ليكونوا اعضاء في مجلس القضاء، طبعاً مع مراعاة نسبة النساء وحصة (كوتا) الأقليات.
* يحق للفائز من المرشحين السبعة لعضوية مجلس المحافظة طلب الانسحاب وعدم ادراجه لعضوية هذا المجلس اذا كان يرغب بعضوية مجلس القضاء ويبقى اسمه ضمن قائمة المرشحين لمجلس القضاء وبتسلسل حسب ما حصل عليه من اصوات. وايضاً يحق للفائز بعضوية مجلس القضاء طلب الأنسحاب وعدم ادراجه ضمن الفائزين لمجلس القضاء ويبقى ضمن قائمة المرشحين الأحتياط التي من المحتمل ان يحصل على عضوية مجلس المحافظة في حال شغور احد مقاعد مجلس المحافظة.
* ان يشترط في القانون ان كل من مجلس المحافظة المنتخب ومجالس اقضية المحافظة المنتخبة يجب ان تعقد اول جلساتها خلال اول عشرة ايام بعد المصادقة على نتائج الانتخابات وبخلافه
يعتبر المجلس المتخلف عن ذلك منحلاً وتعاد الانتخابات لمجلس القضاء المتخلف عن الموعد او مجلس المحافظة المخالف لهذا الشرط ، ومن الأفضل تغريم المتسببين الذين لم يحضروا الى مقر المجلس المعني في اليوم العاشر المحدد لانعقاد المجلس المعني لمخالفتهم هذا الشرط غرامات او عقوبات يحددها المشرع. وفي حال تعذر حضور اغلبية اعضاء المجلس المعني لسبب او عذر مشروع او لظرف طارئ للمكان المحدد لانعقاد الجلسة الأولى للمجلس المعني فيعتبر تاريخ اليوم العاشر انعقاداً شكلياً للمجلس تحتسب من تاريخه الأربعة سنوات تقويمية.
* العبرة من هذه الطريقة ان الناخب في الدائرة الانتخابية (الحدود الادارية للقضاء) قد اختار من يعتقد انه يمثله وباختيارة سواء كان عضو في مجلس المحافظة او في مجلس القضاء، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فأن من حصل على اعلى الأصوات يستحق ان يمثل دائرته في مجلس المحافظة (المحفل الأعلى) عن ان يمثل دائرته في مجلس القضاء (المحفل الأدني) مع احتفاضه بحق الأنسحاب في حال رغبته هو بتمثيل دائرته في مجلس القضاء، وهكذا بالنسبة للفائزين بعضوية مجلس القضاء في حال رغبتهم بعضوية مجلس المحافظة على أمل حصول شاغر في عضوية مجلس المحافظة.
* اذا كانت كلفة انتخابات مجلس المحافظة الواحدة مثلاً (50 خمسون مليون) فأننا وفّرنا (50 خمسون مليون) اخرى على الأقل لانتخابات مجالس الأقضية في تلك المحافظة الواحدة. بالاضافة الى توفير يوم عمل للدولة في حال عدم اجراء انتخابات المحفلين – المجلسين- في موعدين مختلفين.
ثانياً- اشترطت المادة 7 بفقرتها أولاً ان يكون المرشح قد اكمل (30) الثلاثين سنة من عمره في السنة التي تجري فيها الانتخابات وهذا قيد غير مبرر على حرية ممارسة العمل السياسي كون معظم المرشحين ينتمون لاحزاب سياسية وواحدة من وظائف المجالس التمثيلية المحلية هي الطبيعة السياسية، وايضاً هذا قيد يرد على حرية الناخب في الأختيار حيث من الممكن ان يكون كثير المرشحين ممن لم يبلغوا سن الثلاثين هم ممن يتمتعون بمكانات اجتماعية أوسياسية او علمية أو مهنية مهمة تؤهلهم لممارسة الوظيفة الرقابية والتشريعية إضافة للوظيفة التمثيلية في هذه المجالس. وهذا ايضا ينسحب على الفقرة ثانياً من هذه المادة التي اشترطت الحصول على الشهادة الجامعية الأولية ذلك ان هذا الشرط يصلح للوظائف العامة وليس للوظيفة التمثيلية فكم من قادة سياسيين ونقابيين ووجهاء وشخصيات اجتماعية مهمة لم تحصل حتى على الشهادة الأعدادية أو اقل منها في بعض الأحيان. مع ملاحظة ان نص هذه الفقرة في مشروع القانون جاءت مطلقة دون اشتراط ان تكون شهادة البكالوريوس صادرة من جامعة او كلّية معترف بها من قبل الجهات المعنية بذلك. بالاضافة الى ماذكر آنفاً بخصوص المادة 7 من المشروع فأن الفقرة السادسة منها اشترطت على المرشح ان لا يكون محكوما بسبب الإثراء غير المشروع على حساب “الوطن” أو المال العام بحكم قضائي، وهنا اتسائل عن الوصف القانوني والتفسير لمعنى (على حساب الوطن)!. مع هذا فقد اغفل كاتب هذه المسودّة المحكومين عن الجرائم المخلة بالشرف والجنايات الأخرى كجرائم القتل العمد والسرقة والتزوير وغيرها ممن صدرت بحقهم احكام قضائية.
ثالثاً- اشارة المادة 13 الى استخدام طريقة سانت ليغو المعدّلة التي تبدأ بالقسمة على 1,7 – 3 – 5 ….الخ وليس حسب طريقة سانت ليغو التي تبدأ بالقسمة على 1 – 3 – 5 ….الخ التي تكون اكثر عدالة واقرب الى القسمة على القاسم الانتخابي الحقيقي للدائرة، ان هذه الطريقة هي عملية التفاف وأحتيال على القاسم الانتخابي الحقيقي للدائرة الانتخابية وتتعارض مع الدستور كونها تعيق تحقيق ارادة الناخبين في اختيار ممثليهم سواء من القوائم الحزبية او من مرشحين بعينهم، ذلك ان هذه الطريقة ستؤدي الى عدم فوز مرشحين حصلوا على أصوات أعلى من مرشحين فازوا باصوات اقل منهم وحصلت سوابق في ذلك في عمليات انتخابية سابقة.
رابعاً- المادة 14 بفقرتيها من المشروع اشارت انه في حال اذا حصل مرشحان او اكثر في قوائم مختلفة او في القائمة الواحدة من الذين يكون ترتيبهما الأخير للفوز في بالمقعد الأخير للدائرة الانتخابية فأنه يصار الى اسبقية ترتيب اسمائهم في القائمة الحزبية وهذا مجافٍ للعدالة وكان الأجدر أجراء القرعة بينهم ليكون أكثر عدالةً.
خامساً- هناك ملاحظات حول المادة 16 من المشروع التي تنظم حصص تمثيل المكونات منها على سبيل المثال الفقرة تالثاّ /أ / (1) التي اعطت مقعد واحد للصابئة المندائيين في مجلس قضاء الرصافة مع ان أغلبية هذا المكوّن هم من سكنة الكرخ وان المعبد الرئيسي لهم (المندى) موجود في الكرخ، كذلك طريقة توزيع بعض المكونات الأخرى.
سادساً- المادة 17 من المشروع ألزمت مفوضية الانتخابات بتزويد وكلاء الكيانات بنسخة مصدّقة من نتائج العد والفرز عن كل محطة اقتراع، وكان يفترض ان تزودهم اضافة لذلك بنتيجة العد والفرز لكل مركز الأقتراع لليتأكد اصحاب الشأن من صحة جمع نتائج المحطات.
ثامناً- المادة 26 نصت على ان مجلس القضاء يتكون من 5 مقاعد يضاف اليها مقعد واحد لكل 50,000 نسمة… ولم يذكر عبارة لما زاد عن مثلا 100,000 نسمة وكما جاء بالمادة 25 حول عدد اعضاء مجلس المحافظة.
تاسعاً- لقد أُثقِلت مسودّة المشروع بفصلين من المواد التي تحكم موضوع الدعاية الانتخابية (الفصل السادس) والمواد التي تحكم الجرائم الانتخابية التي وضعت خطئاً مع الفصل السابع الذي يتحدث عن محافظة كركوك، وبما ان اصول واحكام الدعاية الانتخابية والجرائم الأنتخابية وعقوباتها واحدة في كل انواع الأنتخابات فكان من الأحرى بمن وضع هذه المسودّة ان يحيلها الى ما ورد من فصول ومواد في قانون انتخابات مجلس النواب.
عاشراً- المادة 50 التي اشارةعملية تصويت العسكريين وقوى الأمن الداخلي ومن لا تسمح الظروف لمشاركته في التصويت العام….، ان هذه العملية تنطوي على تأثيرات على ارادة الناخبين من ابناء هذه الشرائح اضافة الى الأرباك الذي يحصل لادارة الانتخابات والتكاليف المادية الكبير، فتصور ان تحتوي مراكز التصويت الخاص على اوراق اقتراع لأكثر من 100 مئة قضاء على مستوى العراق عدا اقليم كردستان وايضاً عملية سوق وتفويج اعداد الناخبين العسكريين الى مراكز التصويت
الخاص معبئين بدعاية انتخابية لجهة بعينها مما يولّد لدى هؤلاء الناخبين مخاوف من معرفة اتجاه النتيجة العامة لأصوات مركز التصويت الخاص، ان تصويت ابناء هذه الشريح هو حق دستوري لا يمكن الغاءه ولكن بالمقابل لا يجوز التطرّف بتطبيقه بشكل يؤدي الى التأثير على ارادة ناخبي هذه الشريحة المهمة، لذلك اقترح ان يصار الى اجراء عملية التصويت الخاص قبل 3 ايام من موعد التصويت العام ليتمكن الناخبين من منتسبي هذه الشريحة من النزول الى مَحال اقامتهم والتصويت في دوائرهم الانتخابية الأصلية مع ملاحظة حضر دخول العسكريين بالزي العسكري قدر الأمكان.
هذا عرض سريع عن اهم الملاحظات والتوصيات لأصلاح العملية الانتخابية من خلال ما اوردناه حول مسودة مشروع قانون انتخابات مجالس المحافظات والأقضية، ناهيك عن ملاحظات اخرى تتعلق بالصياغة القانونية والاخطاء اللغوية.