18 ديسمبر، 2024 9:20 م

ملاحظات مهمة عن خطابات الدكتور حيدر العبادي..التشنج والتردد وتغيير المواقف تضعف من هيبة رجل الدولة!

ملاحظات مهمة عن خطابات الدكتور حيدر العبادي..التشنج والتردد وتغيير المواقف تضعف من هيبة رجل الدولة!

لا أحد بمقدوره أن يشكك في (وطنية) الدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء ،وحرصه على الوحدة الوطنية وتوقه لتحرير الارض من براثن داعش ، والرجل يبدو (بغداديا) بطيبته ، في كل توجهاته، لكن هناك بعض الملاحظات التي نود التذكير بها والتي تحكم سمات خطابه الوطني واسلوب تعامله مع الآخرين من الشركاء، نذكر منها:

1. كثرة تحميله قيادات البلد الأخرى مسؤولية الاخفاقات التي تحصل في البلد ، ويتهمهم بـ (الدواعش) وقيادة (محاولات تآمر)، وتكاد هذه (الاتهامات) تغلب على أغلب خطاباته، دون ان يحدد من هم من يمكن ان يوصموا ضمن هذا (الوصف) ، أو يدخلوا ضمن (دائرة الاتهام) ، وتكرار اتهامات من هذا النوع ليس لها مايبررها ،حتى وان اختلف الكثيرون معه حول المنهج المتبع في تدبير شؤون الدولة ، وقد يكون الرجل (محقا) مع (البعض) لكن كثرة ترديدها ، وبفترات زمنية قصيرة، يدخل الكثيرون منهم في قفص الاتهام، وهو رئيس وزراء ، وأعلى سلطة تنفيذية في البلد، ويفترض ان تكون هناك (سياقات تعامل) مع ادارة السلطة التنفيذية وحتى البرلمانية ، لاينبغي تجاوزها بهذه الطريقة ، وان كان هناك (اتهام) من عموم العراقيين بأن ساسة العراق لايحترمون انفسهم ولا مكانتهم ، وقد أصبحوا محل (سخرية) من كثيرين، ويبقى (تحديد مواقع الاخفاق والفشل) من مسؤولية رئيس الوزراء، لا ان يبقى يدور في (العموميات) ، والشعب يريد ان يعرف من يدخل ضمن دائرة (الاتهام) ولماذا لايتم (محاسبة) المقصرين والمفسدين او من يتسببون في اثارة الزوابع والمشاكل ويقفون حجر عثرة بوجه سعي رئيس الوزراء للمضي في برنامجه لادارة الدولة سواء في مهمة تحرير نينوى من داعش او خطط الحكومة للوفاء بالتزاماتها مع الشعب ومع الدول الاخرى، وهو ما يشكل (مثلبة) لا تتلائم ومتطلبات منصب رفيع وهو اعلى منصب في قيادة الدولة، يوزع الاتهامات على الاخرين دون ان يحاسب من يدخل في دائرة الاتهام او يحدده على الأقل، لكي يعرف الآخرون من يقصد ، حتى لايبقى الاخرون وكأنهم كلهم (متهمون) ورئيس الوزراء ليس بقادر على ان يحاسب او يعاتب من يراه يقف حجر عثرة بوجه طريقه للمضي ببرنامجه!!

2. المشكلة الاخرى في خطابات الدكتور حيدر العبادي ، وهي الأهم، هي فقدان السيطرة على اعصابه في أغلب الخطابات، ويرفع صوته عاليا، ويداه تذهبان يمينا وشمالا، حتى انه (يخرج) عن سياقات رجل الدولة، وكأنه في (عركة) بالغة الخطورة، وبان اعداءه كلهم من الساسة وهم جلهم من جماعته او مقربون منه، او ممن يرتبط معهم بعلاقت وثيقة ، في مجال العمل السياسي، وخروج رئيس الوزراء عن الخطاب المتزن والاتجاه نحو (العياط) في أعلى درجاته، تفقده الاحترام من الاخرين، بالرغم من ان كثيرين، ربما يعطون له المبرر لإتهام الاخرين، لكن ليس بهذه الطريقة التي يفقد فيها اعصابه، وبخاصة في مؤتمرات او تجمعات سياسية ، لايحترم فيها (هيبة المناسبة) ولا شخوص السياسة الحاضرين، حتى وان كان لديه ملاحظات على تعاملهم معه، وهم من يتسببون له بمشكلات او عراقيل لخططه لادارة الدولة، فهو لابد وان يظهر نفسه (قويا) حتى في أحلك الظروف واكثرها (مرارة) من تصرفات الغير ممن يشاركونه السلطة، ويدبرون له (المكائد) ربما، وهو لديه من الصلاحيات والامكانيات ما يبطش بأي من يرى انه (يتآمر) عليه، او لايريد له الخير في مسيرته، لكن (التشنج) في خطاباته حالة لاتليق برئيس وزراء لدولة مثل العراق، ينبغي ان تكون الشخصية التي تتسنم هذا المنصب في أعلى درجات الضبط واللياقة والتصرف المسؤول!!

3. لقد استغل خصوم العبادي وممن ينافسونه السلطة تردده في اتخاذ القرارات، لاستهدافه سياسيا مرات عدة، وحالة (التردد) وعدم اتخاذ القرارات الحازمة والمسؤولة في وقتها تضعف من (هيبة) المسؤول ، لا ان ( يتغير) وتتبدل مواقفه بين لحظة وأخرى، أو يحاول الاخرون (ارغامه) على (تبديل) مواقفه بين ليلة وضحاها!!

4. يلاحظ عدم تنفيذه للوعود التي يقطعها على نفسه عندما يتخذ (قرارات) تمس مصلحة عليا او شريحة معينة، ويبدو وكأنه قد (تراجع) عنها، ظنا منه ان بمرور الوقت يمكن ان ينسي الآخرون ما تعهد به، وقد نضرب أحد الامثلة للحصر، هو انه عندما التقى بنقيب الصحفيين السيد مؤيد اللامي واعضاء مجلس النقابة تعهد بـ (رد اعتبار) للأسرة الصحفية، ولم تر النقابة من وعوده أي شيء، واخرى مع مسؤولين آخرين رفيعي المستوى ، شكوا كثيرا من (تراجع) رئيس الوزراء عن تعهداته معهم !!

5. يلاحظ انه خلال زياراته للولايات المتحدة وبخاصة (الأخيرة) وقبلها للاردن، في قمة عمان، كان قد سرد جملة تصريحات عن أسلوب تعامل جديد مع قضايا كثيرة محل خلاف مع الدول الاقليمية ودول الجوار ومع الشعب العراقي، لكن ما ان عاد الى العراق حتى (اختلفت) تصريحاته، وراج يجد المبررات لاعادة ترديد نفس ما كان يدعو له قبل الزيارات بعد ان تعرض لـ (ضغوط سياسية محلية) ، وهو ما يدخل الكثيرين في دائرة (الشك) في الوفاء بـ (التزامات) أو (وعود) او اتخاذ قرارات جديدة او اسلوب تعامل آخر، واذا بكل ماقاله وقد ذهب ادراج الرياح، وقد يعود مرة أخرى لتأكيد ما التزم به امام الاخرين، ولكن بعد ان يظهر الاخرون (استغرابا) من مواقف الرجل، أزاء قضايا (خطيرة) ربما يكون (التهاون) بشأنها من (الخطايا) التي لاتغتفر لدى الدول الاخرى، وسرعان ماتضطر دول أخرى الى ارسال سفرائها او ممثليها لمعرفة ما حدث من ( تبدلات) في المواقف، ويعود ليؤكد لها التزامه بما وعد، وبخاصة موقف من الجماعات المسلحة ذات الولاءات المزدوجة!!

6. صحيح ان امام الدكتور حيدر العبادي ملفات كثيرة ساخنة ومهمة وربما تربكه كثرة تلك الملفات واساليب ادارتها، لكن الظهور بمظهر (المتزن) و(المسيطر) يعطي للشارع العراقي (دفعا معنويا) افضل مما يظهر حالة (التردد) أو (التشنج) في الخطاب، والشعب يريد ان يرى حاكما عادلا ، يضع الجميع امام القانون، ويؤكد حرصه على عيشهم وتوفير الحد الأدنى من الكرامة لهم، وان لايسمح لمن يريد أن (يتطاول) بأية صفة كانت وتحت أي عنوان، الا وان يردعه ويضع حدا للتصرفات الخارجة عن القانون، عندها سينال احترام الشعب وثقته به، وهو يعرف طيبته ، وتواضعه، لكن يرفض ان يستخدم ( حالة التردد) كسياق عام، فالشعب يريد حاكما ( قويا) و (عادلا) ، لا ضعيفا مترددا ، كما يتهمه الاخرون من ساسة البلد ،وهو ما نتمنى له ان يعبر مرحلته، ليسير بسفينة العراق الى حيث شاطيء الامان، قبل ان (تغرق) في عباب البحر، عندما (يهيج) الشارع العراقي وتسود (حالة الغوغاء) والفلتان، اذا ما شعر العراقيون ان الظلم وقساوة العيش بلغ حدا لايطاق، ولا أحد يجد (مخرجا) لخلاصهم من الأزمات التي تعصف بهم!!

7. هناك من يتهم الدكتور حيدر العبادي انه ينتج اسلوب (الهروب الى الامام) عند تعامله مع ازمات البلد الداخلية، وتأجيل حل الازمات يفاقم احيانا من تراكماتها، وقد تتحول تلك الازمات الى (براكين خامدة) أو ( ازمات نائمة) لكنها ما ان تجد فرصة للهيجان، حتى تبدأ نيرانها بالفوران، ومن ثم الانفجار، وعندها يصعب ايقاف تدفقها وقد تصيب البلد بكوارث لايعلمها الا الله ، وقد لايكون هناك مجال لحلها الا بعد خراب البصرة كما يقال!!

8. هناك قرارات اتخذتها الدولة اضرت بشرائح كثيرة وبخاصة قضية قطع مبالغ كبيرة من الموظفين والمتقاعدبن، وينبغي ان تنتهي تلك القرارات بأسرع ما يمكن وبخاصة المتقاعدين، كما تضررت فئات شعبية من الارامل والمطلقات والمعوقين، وبقي الاف الخريجين بلا وظائف او فرص عمل ، وساد الفقر بدرجات مرعبة، ولابد من ايجاد معالجات سريعة للحيلولة دون تفاقم الازمة الى حالة الانفجار، وان (الحرب على داعش) لاتوقف عجلة الحياة، فقد تظهر (أزمات) اخرى ربما تفوق اجرام داعش وحربها ضد الشعب العراقي، والحرب المخفية هي الأخطر، وينبغي ان يعاد النظر بكثير من القرارات وحالات الاجتثاث غير المبررة والتي عادت بصيغة اخرى اكثر ايذاءا للاخرين ممن شملوا بها، وان يتم التعامل مع العراقيين سواسية كأسنان المشط، دون تمييز على اساس الطائفة او المذهب او الانتماء السياسي ومغادرة حالة الفوضى الامنية وايجاد حلول عاجلة لمشكلات البلد الاساسية ودون ابطاء!!
هذه ملاحظات عامة عرضناها ، لكي (نعاون) السيد رئيس الوزراء، ان رغب بالمعونة والنصح، حتى لا يسير به المركب الى مالايحمد عقباه..وحفظ الله العراق والعراقيين، وحماهم من كل مكروه.. انه نعم المولى ونعم النصير!!