23 ديسمبر، 2024 6:59 ص

ملاحظات عن الرفع الجزئي لحظر التجوال

ملاحظات عن الرفع الجزئي لحظر التجوال

دعت اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية ( الأحد ) جميع المواطنين إلى الالتزام بارتداء الكمامات الطبية خارج المنازل تزامنا مع رفع حظر التجوال جزئيا ابتداء من الثلاثاء المقبل ، محذرة من تعرض المخالفين إلى الإجراءات القانونية ، وقال مكتب رئيس مجلس الوزراء، في بيان نشرته ( وكالة المعلومة ) ، إن اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية / مكافحة جائحة فيروس كورونا عقدت اجتماعها الخامس برئاسة السيد عادل عبد المهدي عبر دائرة تلفزيونية ، وقررت الاستمرار بغلق المدارس والجامعات ودور العبادة والمقاهي والملاعب الرياضية والمولات وقاعات الأفراح ومنع إقامة مجالس الفاتحة والعزاء والتجمعات ، و السماح بمواصلة الدوام بالمؤسسات الحكومية بالحد الأدنى من العاملين وللضرورة حصرا ، على أن لا تتجاوز نسبة العاملين 25% ومنع عمل وسائل النقل الكبيرة التي يزيد عدد ركابها عن أربعة أشخاص والسماح لمركبات الأجرة ( الصالون بالعمل) ، ومنع السفر الخارجي والداخلي والتنقل بين المحافظات ، وشددت اللجة على أن تكون حركة الشاحنات الكبيرة ( 3 طن فأكثر) من الساعة السابعة مساءً إلى السادسة صباحا ، داعية الجميع إلى ارتداء الكمامات خارج المنزل بدون استثناء وستتخذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين ، وأشارت إلى أن الفرق الصحية والرقابية والتفتيشية والجهات الأمنية ستقوم بمتابعة تنفيذ التعليمات واتخاذ الإجراءات اللازمة ، وخولت تلك التعليمات السادة المحافظين فرض شروط او قيود إضافية او الاستمرار بفرض حظر التجوال الشامل في محافظاتهم او مناطق محددة منها حسب تطورات الموقف الوبائي محليا ، بالتنسيق مع وزارة الصحة والبيئة وعدم السماح بمنح استثناءات إضافية او تخفيف الحظر خلافا لتوجيهات اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية .
وتعد هذه القرارات من القرارات المهمة الهادفة لحماية الفرد والمجتمع من الإصابة بالوباء وفسح المجال لحركة الأفراد جزئيا بعد فرض حظر التجوال الكامل الذي استمر لشهر ، وهو حظر اقل ما يقال انه كان مهما وحقق العديد من المؤشرات الايجابية وأبرزها الحماية الوبائية ومنع انتشار الفيروس وتقليل الوفيات ، رغم ما انعكس عن الحظر من تضرر العديد من مفاصل الحياة للأفراد والشركات والحكومة ولكن مبرراته كانت أعظم من أية خسائر مادية ، والعراق لم ينفرد في إتباع سياسات الحظر لان معظم الدول التي وصلها الوباء قد التزمت الحظر لأنه أفضل الحلول في مثل هذه الحالات ، ولعل بلدنا كان أحوج ما يكون لاستخدام الحظر نظرا لما يعانيه القطاع الصحي الحكومي من ثغرات وقصور جعلته غير قادر على تلبية الاحتياجات في الظروف الاعتيادية التي تقل فيها الأخطار عن حالات الوباء ، ولا يعني ذلك إن الحظر كان مثاليا او انه كان ينسجم مع الحالات المعيشية ومستوى الخدمات كما إن ذلك لا يعني إن مستويات الالتزام كانت بالمستوى المثالي ، فالثغرات كثيرة ولكن الوقت غير ملائم لإلقاء العتب او اللوم لما شهده من قصور وتقصير لأننا لا نزال في خضم الأزمة ولم يرفع الخطر والرفع الجزئي للحظر سيراقب وقد يلغى عند استشعار الخطر من قريب او بعيد ، ولعل ابرز ما يوجه للحظر انه كان بحاجة لإعلان حالة الطوارئ لكي تتناسب إجراءات الطوارئ مع إجراءات الحظر او بالعكس ولكن كما هو معروف فان فرض إجراءات الطوارئ يحتاج إلى تحديد وقت معين للسريان ولكن عمر الحكومة القائمة مؤقت لأنها حكومة تصريف الأعمال وقد تنتهي أعمالها عند المصادقة على حكومة المكلف بتشكيل الحكومة ، لان الحكومة الجديدة ستباشر أعمالها عندما تحظى بتصويت مجلس النواب وان باشرت فأنها ستكون ملزمة بتطبيق برنامجها الحكومي دون التزامها بكامل قرارات الحكومة السابقة .
وحين يقال إن الوقت غير مناسب لتوجيه النقد لإجراءات الحظر فان ذلك لا يمنع من تأشير بعض نقاط الخلل او توجيه النقد الايجابي البناء لغرض زيادة فاعلية الحظر وتقليل معانات الناس ، فالعبرة ليس في إنقاذهم من الإصابة بالفيروس وتعريضهم لأخطار تتجاوز أخطار كورونا ، فقد كان فرض الحظر فجائيا ولم تعطى الفرص الكافية لتهيئة أمور وأعمال وتحوطات الأفراد والعوائل والشركات بحيث بقى مئات العالقون خارج الحدود كما انقطعت ارتزاق الكثير من أفراد الشعب لانقطاع أعمالهم واغلبهم بدون مدخرات لأنهم يعيشون يوما بيوم ، ناهيك عن توقف أعمال الشركات العامة والمختلطة والخاصة والكثير من الأعمال بدون سابق إنذار او إعطاء بعض الاستثناءات لتمشية الأعمال او الحفاظ على الأموال ، وقد كانت اغلب الإجراءات التنفيذية حازمة مما أعطى انطباع للبعض بان الحظر أكثر من صحي بدليل تسجيل آلاف الحالات من الغرامات وحجز المركبات وتوقيف الإفراد وغيرها من الإجراءات التي اتخذت تحت عنوان كسر الحظر دون تفهم الغرض من الكسر لبعض الحالات والاعتماد أحيانا على الاجتهادات ، وإذا كانت الحكومة تعتقد بان المبادرة التي أطلقتها في تعويض الفقراء بمنح شهرية بمبلغ 30 ألف دينار شهريا قد عالجت بعض الحالات وان تسجيل قرابة 12 مليون من خلال التطبيق الهاتفي للاستفادة من المنح ، فإنها على وهم لان اغلب المسجلين يطمحون بان يسجلوا في قاعدة بيانات الفقراء لان مبلغ 30 ألف دينار أدنى من المتواضع بكثير كما إن الموضوع قيد التقاطع والتدقيق ولم يحسم بعد ، والله وحده يعلم متى ستتم المباشرة بالدفع في ظل عدم كفاءة أساليب الدفع التي لا تزال تمنع استلام بعض الموظفين والمتقاعدين لمستحقاتهم الفعلية لشهري آذار ونيسان رغم أنها جاهزة للدفع ، ومما يثير التساؤل هو كيفية حصول المواطن على ( الكمامة ) لكي تقيه فرض الغرامة عليه أثناء فتح الحظر الجزئي وهذه الغرامة هي 50 ألف دينار عن كل مخالفة ، والغريب ليس لان مبلغ الغرامة هو ضعف المنحة الحكومية الشهرية للفقراء ( تقريبا ) التي لم تصرف بعد وإنما كيفية الحصول على الكمامة وهي لم توزع يوما من قبل الأجهزة الحكومية الصحية او غيرها كما إنها لا تتوفر في الصيدليات لكي تشترى مقابل ثمن ، مما سيعني أما عدم تمتع الكثير من الفتح الجزئي للحظر او تشجيع ضعاف النفوس لإنتاج كمامات وهمية لأغراض تفادي الغرامات او رفع أسعار الكمامات الموجودة من قبل تجار الازمات ممن يرقصون على جراحات الشعب ، والخلاصة إن الكثير من المواطنين يقفون إلى جانب الأجهزة التنفيذية في تنفيذ الحظر رغم ما يترتب عليه من مخالفة للمنطق أحيانا او تقييدا للحريات ، ولكنهم في الوقت نفسه كانوا ولا يزالون يتمنون أن تتم رصد المضايقات والصعوبات التي يسببها الحظر للتخفيف عنها بما يحقق الغايات المشتركة ويحدث تفاعلا ايجابيا يضاعف المنفعة ويقلل المعاناة والأضرار ، والفرصة لا تزال متاحة لتطبيق ذلك لان الأزمة قائمة بوجود الجائحة التي يتمنى الجميع انجلائها بأسرع ما يكون وبأقل الأضرار .