بالرغم من عدم متابعتي لقناة البغدادية الفضائية وبرامجها التي اعتبرها قد خرجت عن المعيار المهني والأخلاقي , إلا أنّ ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن لقاء السيد باقر جبر الزبيدي في برنامج حوار عراقي في 10/5/2014 , قد دفعني لمشاهدة هذا اللقاء , كجزء من اهتمامي في متابعة التطورات السياسية على الساحة العراقية , ومما شدّني في هذا اللقاء , الصراحة التي تحدّث بها السيد باقر الزبيدي , والتي عكست حقيقة خطاب كتلة المواطن بقيادة السيد عمار الحكيم , وبالرغم من حرص السيد باقر الزبيدي على الظهور بمظهر الرجل الوطني الحريص على مستقبل البلد , إلا أنّ هذا الحرص المفتعل لم يستطع أن يخفي حقيقة وجوهر خطاب كتلة المواطن القائم على منع وعدم تمكين رئيس الوزراء نوري المالكي من تشكيل حكومته الثالثة .
فالدعوة التي اطلقها السيد الزبيدي في التوّجه نحو تشكيل التحالف الوطني الجديد , ومن قبله السيد عمار الحكيم , تتمحوّر حول ثلاث نقاط جوهرية رئيسية :
النقطة الأولى : أن ترّشح الأطراف الثلاث الرئيسية , المواطن والأحرار ودولة القانون أكثر من مرّشح لرئاسة الوزراء , وهذه النقطة الجوهرية بالذات تشّكل محور هذا الخطاب , فوجود مرشح ثان لتحالف دولة القانون , يتيح لهم فرصة استبدال نوري المالكي الذي أصبح كابوسا يطاردهم في أحلامهم .
النقطة الثانية : أن يتحوّل هذا التحالف الجديد إلى مؤسسة ومطبخ لصناعة القرارات السياسية الستراتيجية , وتجريد مجلس الوزراء من صلاحياته الدستورية في رسم السياسات العامة للدولة وتحويله فقط إلى أداة لتنفيذ قرارات التحالف الوطني الجديد , وبهذا يصبح رئيس مجلس الوزراء مجرد أداة لتنفيذ رغبات الأطراف التي تشّكل هذا التحالف .
النقطة الثالثة : أن يقوم هذا التحالف على مبدأ ( التفاهمات ) , حيث يلغي هذا المبدأ تماما الثقل الحقيقي لكل طرف وما حققه من نتائج في الانتخابات البرلمانية العامة , وبموجب هذا المبدأ يتساوى الجميع بغض النظر عن عدد المقاعد التي حصل عليها كل طرف في هذه الانتخابات , حتى وإن حصل ائتلاف دولة القانون على ضعف مقاعد المواطن والأحرار مجتمعين .
فهذه النقاط الثلاث هي جوهر الخطاب الجديد لكتلة المواطن , ومن يمعن النظر فيها سيجد أنّها جميعا تلتقي عند هدف واحد لا غير , هو منع نوري المالكي تحديدا من الوصول إلى رئاسة مجلس الوزراء , ولا عبرة لالتفاف الشعب حوله , وبغض النظر عن مشروعية أو عدم مشروعية هذا الخطاب والتوّجه , فإن السيد باقر الزبيدي يعلم جيدا قبل غيره , إنّ هذه الشروط سترفض جملة وتفصيلا من قبل تحالف دولة القانون , بل وحتى أنّ لا أحد سيهتّم بها , لكّنه يسوّقها للرأي العام كتبرير لمشروعهم القادم في إحياء تحالف أربيل المعادي لنوري المالكي , فالاتفاق على إعادة إحياء هذا التحالف قد تمّ عند زيارة عادل عبد المهدي وأحمد الجلبي إلى أربيل خلال شهر آذار الماضي ولقائهم بمسعود البارزاني , وفي هذا اللقاء تمّ الاتفاق على كل شئ ووضعت الخطوط العريضة لهذا التحالف , وكاتب هذه السطور سبق له أن أشار إلى هذا اللقاء قي مقال منشور على بعض المواقع العراقية في 11/3/2014 تحت عنوان (( تآمروا على بعضكم البعض ولكن ليس على حساب الوطن )) , وفي مقال آخر في 8/4/2014 تحت عنوان (( عمار الحكيم ومقتدى الصدر يختارون شركائهم لتشكيل الحكومة القادمة )) .
فالواضح جدا أنّ كتلتي المواطن والأحرار قد عقدتا العزم على السير قدما تحت مظلة تحالف أربيل , وبالرغم من كل المبالغات التي ساقها السيد باقر الزبيدي في حديثه لقناة البغدادية , وخصوصا فيما يتعلق بعدد المقاعد التي يتوقع أن تحصل عليها كتلة المواطن , لكنّه لم يستطع أن يخفي فوز تحالف نوري المالكي الكاسح في بغداد وعموم محافظات الجنوب والفرات الأوسط في هذه الانتخابات , وإن حاول أن يشكك بنزاهتها , والرسالة الوحيدة التي أراد السيد باقر الزبيدي إيصالها من خلال هذا اللقاء هي مايلي ( على تحالف دولة القانون أن يذعن لإرادة كتلتي المواطن والأحرار حتى وإن حصل على ضعف عدد مقاعدهم مجتمعين , وأن يذعن نوري المالكي لإرادة السيدين عمار الحكيم ومقتدى الصدر ) .