ملاحظات حول وثيقة الشرف و السلم الاجتماعي :
رغم ايجابية وثيقة الشرف و السلم الاجتماعي التي وقع عليها اغلب ساسة العراق , بيد انه يمكن أن نسجل عليها الملاحظات الآتية :
1 – لم تكن المبادرة موفقة من حيث التوقيت . إذ أن طرحها قبل الانتخابات اضعف من مصداقيتها . حيث أن التوقيت المناسب لتلك المبادرة ينبغي أن ينطلق في أعقاب الانتخابات و ليس قبلها .
2 – لم تكن المبادرة موفقة في تحديد طبيعة المشكلة العراقية , حيث أنها فسرت المشكلة على أنها مشكلة اجتماعية . لذلك أكدت على أن السلم الاجتماعي غايتها , بينما المشكلة العراقية مشكلة سياسية و ليست اجتماعية , فالمجتمع و مكوناته لا تعيش حالة احتراب إنما القوى السياسية هي التي تعيش حالة الاحتراب من اجل السلطة و النفوذ .
3 – لم تميز المبادرة بين مشروع الإصلاح السياسي و وثيقة الشرف . فالمشروع السياسي الإصلاحي يقتضي اعتماد خطوات عملية للإصلاح بينما وثيقة الشرف تتكفل بوضع قيم اجتماعية أو دينية أو سياسية تنظم عملية الصراع السياسي و لا تلغيه لكي لا يتصاعد إلى مستويات خطيرة تهدد الأمن الوطني . فالوثيقة التي اقرها ساسة العراق لا تقترب من مستوى وثيقة للقيم إنما هي برنامج سياسي قاصر . إن وثيقة الشرف ينبغي أن تتضمن مجموعة من القيم التي تنظم عملية الصراع السياسي لتكون مدخلا للشروع ببرنامج الإصلاح الشامل . منها :
– على جميع إطراف الصراع السياسي عدم الاستقواء بالقوى الخارجية .
– على جميع الأطراف عدم اللجوء إلى المس بالحرمات الشخصية .
– الامتناع عن الاستهداف السياسي عن طريق الإرهاب أو العنف أو حرب الملفات و التصفيات الجسدية .
– المصلحة الوطنية تعلو على أي مصالح فئوية أو حزبية أو شخصية .
– على الجميع الالتزام بالحوار بوصفه الطريق الوحيد لحل المشاكل العالقة .
– لا بديل عن المصالحة الوطنية الحقيقية و غير المشروطة . الخ الخ الخ .
4 – لم تتمكن المبادرة من إقناع أطراف مهمة داخل العملية السياسية و خارجها . لعل أهمها حركة الوفاق برئاسة الدكتور أياد علاوي و جبهة الحوار برئاسة الدكتور صالح المطلك و التيار الصدري برئاسة السيد مقتدى الصدر .
و خلاصة القول أن المبادرة لكي تكون ناجحة كان لزاما أن تتخذ الخطوات آلاتية :
1 – يجب وضع ميثاق شرف لتأطير الصراع السياسي و تحويله من صراع غير منضبط إلى صراع منضبط بمنظومة وثيقة الشرف القيمية و ليست السياسية .
2 – الاعتراف بالفشل احد أسس الانطلاق الصحيحة .
3 – بعد الاعتراف بالفشل ينبغي أن تتم مراجعة العملية السياسية بشكل جوهري من حكماء العراق و مفكريه بمساعدة الساسة .
4 – الشروع بالمصالحة الوطنية بين القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية .5 – الشروع بالمصالحة الوطنية بين القوى السياسية المشاركة بالعملية السياسية و المناوئين لها ضمن مراجعة واسعة لا تقصي أحدا .
6 – الراجح أن تلك الملاحظات راجعة إلى عدم استعانة ساسة العراق الذين وضعوا الوثيقة أو وقعوها بكفاءات العراق و مفكريه حسب نظرية الاستعلاء السياسي التي تؤمن بها القوى الإسلامية النافذة .