10 أبريل، 2024 9:04 م
Search
Close this search box.

ملاحظات حول الدستور العراقي الدائم الملاحظة الرابعة

Facebook
Twitter
LinkedIn

هناك نقاط عدة يمكن من خلالها الاستدلال على ملامح القصور الواضح في الدستور العراقي الدائم منها :
1 – التدخلات الخارجية و خصوصا تدخلات الاحتلال الامريكي و التي اتخذت الصيغ الاتية :
– وضعت قوات الاحتلال الامريكي سقفا زمنيا ضاغطا لعملية الانتهاء من كتابة الدستور الدائم حسب المادة ( 61 ) من قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية الذي سنته , و التي نصت على تكليف الجمعية الوطنية الانتقالية المنتخبة بكتابة الدستور الدائم و الانتهاء منه في 15 آب 2005 . و للعلم انتهينا من كتابة الدستور ليس داخل لجنة كتابة الدستور انما في اجتماع ضم قيادات الصف الاول من العملية السياسية و بعد انتهاء المدة القانونية بحوالي نصف ساعة . حيث عقدت الجمعية الوطنية جلستها المخصصة للتصويت على الدستور في الساعة الثانية عشرة من ليلة 15 آب 2005 و الدستور وصل في الساعة الثانية عشرة و النصف بعد منتصف الليل .
– فرضت قوات الاحتلال الخيار الفدرالي في العراق في المادة الاولى من الدستور رغم انعدام الثقافة الفدرالية في العراق . حيث لم يتعاطى الشعب العراقي و القوى السياسية العربية مع هذا المفهوم الجديد على الثقافة العراقية بأستثناء التعاطي الايجابي الكردي مع هذا الخيار . ان هذا الفرض السياسي اثار جدلا و خلافا عميقا حول شكل الدولة العراقية لم ينته لحد الان .
– لم تسمح قوات الاحتلال باعتماد الخيار الثيوقراطي في العراق و فرضت الخيار الديمقراطي رغم انه يتعارض مع اطروحات القوى الاسلامية المهيمنة في حينه و ذلك في مواد دستورية متفرقة منها ( المادة الثانية , فقرة ب / المادة 6 / ) . ان ذلك ربما يكون ايجابيا لكنه احدث شرخا في مصداقية القوى الاسلامية الحاكمة .
– فرضت قوات الاحتلال اعتماد المكونات الاجتماعية أسا للدولة بدلا من اعتماد معيار المواطنة ( المادة 3 ) , الامر الذي شكل قصورا واضحا في الدستور .
– فرضت قوات الاحتلال عدم تعاطي اي حكومة عراقية مع الاسلحة النووية و الكيميائية و البايلوجية و كل ما يمت لها بصلة ( المادة 9 فقرة هاء ) . و بذلك شلت القدرة العسكرية العراقية في عالم يتسابق حول تلك الاسلحة .
– فرضت قوات الاحتلال حرية العقيدة خلافا للشريعة الاسلامية ( المادة 42 ) اي ان الدستور كفل حرية الانتقال من ديانة الى اخرى , و هذا الحق ربما يؤثر على هوية العراق العربية الاسلامية .
– فرضت قوات الاحتلال كوتا النساء في مجلس النواب 25 % ( المادة 49 فقرة خامسا ) رغم انها لا تتسق مع نسبة النساء المتعلمات و خبراتهن في العراق و لا نجد لهذه النسبة مثيلا حتى في البلدان الغربية المتقدمة .
2 – و من اوجه قصور الدستور انه لم تكن رئاسة اللجنة من ذوي الاختصاص في القانون الدستوري . و مما عزز من اوجه هذا القصور ان اغلب اعضاء اللجنة لا يمتلكون تخصصا في القانون الدستوري ايضا . لذلك نلحظ عدم الدقة في اللغة و في استخدام المفاهيم و المصطلحات . و اتسمت تلك النصوص احيانا بالمصطلحات العاطفية او الميول السياسية او الطائفية .
3 – و من اوجه قصور الدستور خلو لجنة كتابة الدستور من تمثيل اهل السنة العرب تمثيلا حقيقيا , رغم انهم يشكلون مكونا فاعلا في ارث الدولة العراقية . اذ ان اضافة 15 عشر عضوا من اهل السنة العرب الى اللجنة لم يكن كافيا لأنه لم يكن لهم حق التصويت باحتساب انهم من خارج مجلس النواب .
4 – تدني مستوى الثقافة الديمقراطية و ثقافة التأسيس لدى اغلب قيادات العملية السياسية باستثناء القوى الكردية ترك اثرا واضحا في فصور الدستور و اضفاء المصطلحات العاطفية على ملامحه .
5 – ضعف الثقافة الشعبية الدستورية احيانا و عدم الاكتراث احيانا اخرى ادى الى قصور واضح في الدستور . حيث لم يعترض الشعب على اي مادة اساسية و لم يفرض أي مادة اساسية بل مررت عليه بعض المواد التي الحقت الضرر به .
6 _ اداء القوى الكردية شكل احد اوجه القصور في الدستور لأنهم كانوا يكتبون الدستور معنا لكن أعينهم على مشروع الدولة الكردية و توفير المقدمات اللازمة للدولة الكردية من خلال الدستور . و لذلك نجحوا في تثبيت مبدأ ازدواجية اللغة في المخاطبات الرسمية ( المادة 4 ) و نجحوا في التأسيس الى فدرالية اقرب الى الكونفدرالية ( الباب الخامس – الفصل الاول ) . و اسسوا لوحدة وطنية هشة ترتكز على الدستور فقط ( المادة 1 ) و التي نصت على ان هذا الدستور ضامن لوحدة العراق رغم ان وحدة العراق اعمق من ذلك بكثير .
7 – ساهمت القوى الشيعية ايضا في وضع نصوص ادت الى قصور واضح في الدستور منها :
– الغاء الانتماء الى الامة العربية ( المادة 2 فقرة ثانيا – و المادة 3 ) رغم ان نسبة السكان العرب في العراق تصل الى حوالي 80 % . و هذا الاجراء احدث شرخا في هوية العراق الجامعة .
– تأييد دولة المكونات بدلا من دولة المواطنة ( المادة 3 ) افضى الى صراعات اجتماعية متعددة .
– اعتماد المعايير المذهبية في الاحوال الشخصية و في الشعائر الدينية ( المادة 41 – و المادة 43 ) بدلا من المعايير الاسلامية الجامعة ادى الى انشاء اوقاف دينية متعددة , الامر الذي ولد نزاعات حول الكثير من الاوقاف الاسلامية .
– فكرة اقليم المحافظات الشيعية التسعة الذي طرحه السيد عبد العزيز الحكيم ساهم بأضعاف سلطات الحكومة الاتحادية لصالح سلطات الاقليم ( الباب الرابع و الباب الخامس ) رغم ان العراق بحاجة دائمة

الى حكومة اتحادية قوية لتكون قادرة على الحفاظ على وحدته الوطنية . لذلك ساهم هذا التوجه السياسي في احداث احد اوجه القصور في الدستور العراقي الدائم .      

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب