7 أبريل، 2024 4:29 ص
Search
Close this search box.

ملاحظات حول الأحداث الجارية في العراق

Facebook
Twitter
LinkedIn

أولاً : لا شك فيه إن الأوضاع السيئة التي عاشها العراقيون على مدى أكثر من عقد ونصف بسبب فشل السلطة التي تديرها قيادات أحزاب الإسلام السياسي وبعض الرموز المتخلفة حضارياً في إدارة شئون البلاد وإرتباطاتها بأجندات خارجية ، وعدم تحلي معظم السياسيين المتنفذين بالمشهد العراقي بالشعور الوطني الحقيقي وجُلّ إهتمامهم هو الإرتباط المذهبي أو الحزبي أو الفئوي أو العائلي على حساب الوطن ، أدى ذلك بالنتيجة الى إستياء شامل من قبل الشعب إتجاه الحكومة والسلطة وفقدان الأمل بالمستقبل . وما عزز هذا الإستياء وعدم ثقة الشعب بالسلطة هو إستمرار معاناة معظم شرائح المجتمع من أبسط مقومات الحياة الكريمة من خدمات عامة مع زيادة نسبة الفقر والبطالة وغياب مبدئ العدالة في الوقت الذي حقق فيه كافة المسؤولين وعوائلهم وأتباعهم وأقربائهم وحثالاتهم والمقربين منهم أقصى مستوى من الرفاهية المالية والمادية والمعنوية داخل العراق وخارجه بعد أن كانوا في أسفل درجات العوز ولا يملكون سوى ما يبقيهم على قيد الحياة بمستوى أبسط الناس . يضاف الى ذلك إن موارد العراق الضخمة والمتحققة خلال الفترة ٢٠٠٣ – ٢٠١٩ تقدر بمئات المليارات من الدولارات الأمريكية ، وهي موارد يمكن أن تَخَلَّق بلداً متقدماً جداً بمستوى يضاهي دول النمور الآسيوية مثل ماليزيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة لو أستثمرت تلك الموارد بشكل صحيح دون سرقتها من قبل رموز السلطة أو تبذيرها نتيجة غباء وعدم كفاءة القائمين على إدارة الموارد الإقتصادية للبلد لأصبح العراق خلال الستة عشر سنة الماضية في مصافي الدول الواعدة ولتمتع الشعب العراقي بكل مقومات الحياة التي تتمتع بها شعوب العالم المتقدم والمتحضر .
ثانياً : من حق الشعوب ، في الأنظمة الديموقراطية ، أن تنادي بحقوقها بالتظاهرات السلمية وبأي وسيلة قانونية عندما تشعر بأن السلطة أصبحت عاجزة عن تحقيق أهداف وآمال الشعب وعلى السلطة ( إذا كانت حقاً معبرة عن الشعب ) أن تتخذ الإجراءات التصحيحية بشكل سلمي يحفظ حياة المواطنين دون اللجوء الى العنف القاتل للشعب المتظاهر أو أن تستقيل . إلا إن ما حصل في العراق هو عكس لكل المبادئ الديموقراطية . فقد جوبهت التظاهرات السلمية بأقصى وسائل القمع الفاشية بإستخدام الرصاص الحي إتجاه المتظاهرين السلميين العُزَّل والإستعانة بالحرس الثوري الإيراني من القناصين لإستهداف المتظاهرين العُزَّل وذلك للتمويه عن شخصيات القتلة .
ثالثا : إن جميع الأدلة تشير الى أن التظاهرات التي عمت العاصمة بغداد وبعض المحافظات الأخرى كانت عفوية وسلمية تماماً دون أي تأثير أو توجيه من قبل جهات مشبوهة داخلياً أو خارجياً ومع ذلك جوبهت بكل وحشية وفاشية من قبل السلطة الحاكمة والمُسَيّرة من قبل الجارة الشرقية لأن هذه التظاهرات لو إستمرت فسوف تُنهي حلم الملالي المتخلفين عقلياً وحضارياً من جعل شعوب المنطقة عبارة عن قطعان بشرية تُقاد وفق عقلياتهم المتخلفة والعفنة . وعليه سوف تحاول السلطات الأإيرانية بكل جهدها أن تنهي هذه التظاهرات الوطنية السلمية بكل الوسائل الفاشية من قتل جماعي وإغتيالات وتفجيرات وإفتعال ظروف معينة وزرع عناصرها لتحريف مسارات التظاهرات السلمية لإيجاد مبرر ” غبي ” لإحداث تصادمات مميتة بين المتظاهرين والقوات الأمنية أو بين المتظاهرين وبعض شرائح المجتمع . وأول الدلائل على خبث السلطة الحاكمة للتعامل مع التظاهرات السلمية ، وبتوجيه من الإدارة الإيرانية ، خرجت مجاميع من الحشد الشعبي ” العراقي ” الموالية لإيران في تظاهرة ” سخيفة ” ترفع شعار المرجع السيستاني وهي تركب أحدث السيارات المضادة للرصاص وتنادي بأسخف شعار في محاولة غبية للتأثير على مسار التظاهرات الشعبية السلمية ومحاولة خلق ثغرة بين مكونات الشعب العراقي ، مع العلم إن من يريد التظاهر فعلاً للمطالبة بالحقوق لا يتظاهر بسيارات حديثة آخر موديل ومزودة بكل وسائل الحماية، حتى إن تلك المسيرة ” الغبية ” لم ترافقها أي حماية من قبل الأجهزة الأمنية على إعتبار هم أصحاب السلطة . لا أعلم كيف لا يخجلوا هؤلاء ومن ورائهم من هذه المسرحية الرخيصة. وهذا الموقف لا يختلف عن ممارسة الجاهل والأحمق مقتدى الصدر عند مشاركته التظاهرات في كربلاء ، بعد عودته من إيران لتنفيذ ما طُلب منه بسيارته الحديثة المصفحة . فمن يشارك فعلاً بالتظاهر عليه أن يسير مع المتظاهرين وليس بسيارة مصفحة وحماية غير مرئيّة . على الجهلة والمغيبين من أتباعه أن يستفيقوا ويندمجوا بالمد الوطني المجرد دون الخضوع الأعمى لرمز جاهل متخلف .
رابعاً : لقد أثبت معظم الساسة العراقيون الذين تصدروا المشهد العراقي منذ عام ٢٠٠٣ ولحد الآن بأنهم مجموعة من المافيات تدربت على كيفية السيطرة والتحكم في شئون البلد وإستثمار جهل معظم شرائح المجتمع العراقي لتحقيق أهدافهم الشخصية والعائلية والفئوية والقومية والمناطقية والرمزية على حساب الوطن بحيث إستحوذت تلك المافيات على جميع موارد البلاد لصالحها وتركت المجتمع لعقود يعاني من مشاكل الحياة من فقر وبطالة ونقص الخدمات وإنعدام أبسط مقومات الحياة الكريمة للإنسان ، في الوقت الذي أصبحت الفئة الحاكمة في أقصى درجات الرفاه المادي والإجتماعي لهم ولأجيالهم وتوابعهم . أليس مثل هذا الواقع المزري المستمر على مدى ما يقارب العقدين من الزمن أن يؤدي الى موقف أو ثورة أو إنتفاضة شعبية من قبل الشباب أولاً وبقية شرائح المجتمع الذين فقدوا الأمل بالمستقبل لكي ينادوا بأبسط حقوقهم الإنسانية . هل الشعب العراقي ، بتاريخه ، بهذه السذاجة التي يمكن للجهلة مثل ( مقتدى الصدر الذي لا يحمل أي مؤهل علمي أو ثقافي ( ولكنه مُؤطر بفصيل مسلح ) والذي كُلف من قبل المرشد أن يدخل بأتباعه القطعان في صفوف المتظاهرين لتحريف الإنتفاضة الشعبية ، وهادي العامري الذي لا يتعدى تعليمه مستوى الإبتدائية وهو جندي مرتزق لإيران ضد بلده ( وله فصيله المسلح ) ، وفالح الفياض الذي ثقافته محدودة تنحصر في كيفية إرضاء أسياده مثل قاسم سليماني وغيره ، وقيس الخزعلي الذي لا يحمل أي مؤهل علمي يُنَفِذ بشكل أعمى ما يطلب منه من قبل القيادة الإيرانية ، أو عادل عبد المهدي رئيس الوزراء الذي عليه أن يطلب الإذن من سائرون والفتح لدخول الحمام ، أو رئيس البرلمان الحلبوسي الذي أراد نزع سترته للإِنْضِمام الى المتظاهرين إلا إنه أجبن في اللحظات الأخيرة ، أو رئيس الجمهورية برهم صالح بإجتماعاته مع الرئاسات والكتل الحزبية وخطابه وتصريحاته الغبية غير الفاعلة وهو عبارة عن دمية لا يمكن له أن يخرج عن المعادلة المرسومة ،،أو ،،أو ،، وهم كثيرون من الحثالات ) .
خامساً : ستحاول السلطات العراقية بأجهزتها الأمنية المختلفة وبتوجيه وإشراف الحرس الثوري الإيراني من قمع التظاهرات السلمية بكل وسائل القمع بإستخدام الرصاص الحي إتجاه المتظاهرين العُزَّل وتفجير بعض المواقع وحملة واسعة من الإعتقالات والإغتيالات والقنص ومحاولة تحويل التظاهرات الى إصدامات بين مكونات الشعب .
كل ما أتمناه أن يستمر الشباب بتظاهراتهم السلمية وان لا يسمحوا للمتصيدين من إسغلال هذه الإنتفاضة .
سادساً : سؤال بسيط جداً ، كيف لا يستوعب هؤلاء الساسة العراقيون هذه الأحداث الرافضة لجميع الطبقة السياسية فهم إما جهلة أو رؤساء عصابات . فتعامل السلطة مع التظاهرات السلمية بوحشية تشير الى ان الحكومة عبارة عن زمرة من المافيات مستعدة للقيام بكل المحرمات من أجل بقائها والإستحواذ على مقدرات البلد .
سابعاً : ليس أمام الشعب العراقي الثائر في حالة الإجهاض على تظاهراته السلمية بوسائل القمع المحرمة من قبل أجهزة الأمن العراقية وبإشراف الأجهزة الأمنية الإيرانية إلا أن يتحول الى إنتفاضة مسلحة ضد النظام بحيث يستطيع الشعب الثائر وبمساندة القوى الوطنية أن تجعل جميع رموز النظام مهما كانوا تحت طائلة الإستهداف مما سيُربِك حياة هؤلاء المجرمون في السلطة .
سابعاً : أمام تصريحات المسؤلين الإيرانيين الصريحة وفي مقدمتهم ” المرشد السياحي الأعلى لإيران ” علي خامنئي حول تظاهرات الشعب العراقي وإعتبارها أعمال شغب والطلب من السلطة العراقية ( التابعة لإيران ) أن تعالج الموقف ( أي القضاء على التظاهرات بشتى الأساليب القمعية ) توضحت للشعب العراقي بدون أي لَبْس إن جميع السياسيين في السلطات التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية ما هي إلا عبارة عن أدوات حقيرة تابعة لإيران ، وإلا ما ذَا يفسر سكوت كل من ما يسمى برئيس الوزراء أو ما يسمى برئيس مجلس النواب والنواب أو ما يسمى برئيس الجمهورية وغيرهم إتجاه تصريحات ” المرشد السياحي الأعلى ” التي تمثل تدخل صارخ في الشأن الداخلي ودعوته ، وهي شبه فتوى ، لقتل العراقيين الأبرياء من المتظاهرين ، هؤلاء الرؤساء جميعاً لم يملكوا الشجاعة ولا حتى أبسط مقومات الشعور الوطني للتعبير صراحةً عن مواقفهم إتجاه مثل هذه التصريحات المُذٍلّة لأنهم جزء من مسرحية الخنوع والتبعية . وماذا يفسر موقف هؤلاء الضعفاء من رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء من مجيئ قاسم سليماني بطائرة هيليكوبتر خاصة الى المنطقة الخضراء فجأة لترأس إجتماع قيادي للأجهزة الأمنية العراقية لكيفية التعامل مع الأحداث . أين وطنيتكم أيها الحثالات ؟
ثامناً: النتيجة ، حسب قراءتي المتواضعة ، هي دخول ألأجهزة الأمنية الإيرانية بقيادة قاسم سليماني لإنهاء زخم التظاهرات السلمية بإستخدام كل أساليب القمع من قتل مباشر وقنص وتفجيرات مصطنعة واغتيالات خصوصاً للناشطين الذين يُديرون زخم المظاهرات من قبل عناصرها وبعض عناصر الحشد العراقي الموالي لها. وستكون هذه المرحلة بداية لتَحَول التظاهرات السلمية عند قمعها بوحشية الى إنتفاضة مسلحة مدروسة غير معلنة لتصفية كل الرموز الحاكمة .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب