إذا ما كان للحظّ دوراً ما في المؤتمرات الدولية للإعلام او سواها , فيبدو أنّ مثل هذا الحظ قد تسللَ من بعض ثغرات هذا المؤتمر العلمي للأعلام , والحظّ هذا في جانبه السلبي والنقدي , ولا يعني ذلك تجاوز ما يقابله في الجانب المقابل بما حظي به المؤتمر كذلك .. وايضاً فأنّ المسحة النقدية المفترضة فأنها لا تكتسي سمة التعميم على كلّ الأساتيذ الذين أعدّوا وهيأوا للمؤتمر من زواياً عدّة نوعياً وكمياً .. وكي لا يُساء فهم الحظ او سوء الحظ هنا على مضامين وفحاوى بحوث المؤتمر وادارته , فنشير أنّ هذا المؤتمر المرموق والأول من نوعه في كلية الإعلام , فأنه لم يحظَ برعاية واهتمام الدولة والمسؤولين فيها , وكأنّ تجاهلهم له كان متعمّداً .! , واذا ما كان عدم اكتراثهم لماهية الأعلام وتأثيراته اصلاً , فأنه عدم احترامٍ للحضور الدولي فيه من الباحثين والصحفيين العرب والأجانب , وعدم احترامٍ للعملية العلمية والأكاديمية عموماً < بينما لاحظتُ أنّ العديد من الأساتذة من مختلف الجامعات العراقية في بغداد والمحافظات قد شاركوا وتجشموا عناء السفر وتقديم بحوثهم الى المؤتمر ومن كلياتٍ اخرى غير كليات الإعلام > . فوزير التعليم العالي لم يحضر الى المؤتمر ولا اي من وكلاء الوزارة , كما لم يكن من حضورٍ او تمثيلٍ من رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية , بل حتى من لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان .
وفي الصددِ هذا فأنّ وزارة الثقافة ” التي كانت العديد من دوائرها تتبع الى وزارة الإعلام المنحلّة ” فأنها أبت المشاركة في المؤتمر حتى على مستوى مدير عام .! , والى ذلك فبالرغم من أنّ ادارة المؤتمر قد وجّهت دعواتٍ خاصة الى بعض الشخصيات الثقافية والأعلامية لحضور المؤتمر , لكنّ الترويج لعقد المؤتمر في وسائل الإعلام لم يكن كافياً بالمرّة , وكان من المفترض ايضاً توجيه دعواتٍ للحضور الى مدراء القنوات التلفزيونية والى بعض رؤساء تحرير الصحف البارزة , والى مؤسسات ثقافيةٍ اخرى ” اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق ” كمثال .
وبعيداً عن ذلك , فلاحظنا في الجلسة الأفتتاحية للمؤتمر أنّ رئيس جامعة بغداد ” السيد علاء عبد الحسين عبد الرسول الكشوان ” و رئيس رابطة المصارف الأهلية – السيد وديع الحنظل ” الذي او التي دعمت المؤتمر ” وكذلك الرئيس التنفيذي لهيئة الأتصالات والأعلام ” السيد علي ناصر الخويلدي ” أنْ خطاباتهم جميعاً تضمنت ذِكر آياتٍ قرآنية واحاديثٍ لبعض الأئمة , دونما اعتبارٍ لوجود اجانب يستخدمون سماعات الترجمة , بالأضافة لحضور عدد من الأخوة من قوم عيسى ولربما من الصابئة ايضاً , كما جرت الأستعانة بأحد الطلبة من كليةٍ اخرى ليفتتح المؤتمر بتلاوة مطولة من القرآن الكريم , فهل هذا مؤتمر علمي أم اسلامي .! , بينما إتّسم خطاب د. ارادة الجبوري معاونة عميد كلية الأعلام بالموضوعية وعدم الأطاله وخلوّه من ايّ redundancy – الحشو والزيادات التي لا معنى لها .
وحيثُ أنّ المؤتمر لم ينهِ اعماله بعد , فلعلّه من المفيد أن نعرج او نتعرّض الى بعض اساسيات المؤتمر , وحيث ايضاً أنّ عنوان المؤتمر هو < الآخر في النتاج الأتصالي > , فليس صائباً ترجمة مفردة ” ألآخر ” على شاشة المؤتمر واوراقه بِ The Other , وكان الأجدر ترجمتها الى الأنكليزية بِ : The position or status of other .
ثُمَّ , وحيث أنّ ادارة المؤتمر اختارت تسمية بعض محاورها وعناوينها بِ < الآخر والأنا والنحنُ > , فهنالك تحفظات لغوية على اضافة ” ال ” او الف لام التعريف الى الضمائر الأساسية , وتستثنى منها ” الأنا ” آخذين بنظر الأعتبار بين Ego + super Ego حسب تعريف فرويد ” سيغموند فرويد ” , وبين كلمة Selfish المعروفة , ولعله ايضا كان من الأنسب التعبير او وضع ” نحن ” خارج الف لام التعريف بصيغة < ال ” نحن ” > , وذلك تحسّباً وتجنّباً لفهمها بطريقةٍ خاطئة كأستخدام الضمير ” هي ” وكتابتها ” الهي ” وبالتالي وكأنها إلهي .! , وما نذكره هنا هو وجهة نظر بالدرجة الأولى .
من زاويةٍ اخرى , واراها او اجدها بالزاوية الذهبية اذا ما أجيزت التسمية , فبالرغم من كل التباينات الأعلامية في العراق ” ولايوجد فعلياً ما يسمى بالإعلام العراقي ” , وبجانب ما يتوفر من Mass Media Anarchy – فوضى وسائل الإعلام في العراق وتأثيرات ومداخلات إعلام احزاب الأسلام السياسي على عموم العملية الأتصالية في القطر , لكنّ ادارة هذا المؤتمر وعمادة كلية الإعلام ونخبها المشاركة في الإعداد لهذا المؤتمر الدولي , فأنها اظهرت العراق كدولة متكاملة ورصينة وذات سيادة مستقلة وبمكانة عالية من المستوى الثقافي والعلمي والأدبي , بل وتباري دولاً عديدة في رقيّها على الصعيد الإعلامي الأكاديمي وسواه كذلك , ويتضاعف كلّ ذلك عند الأخذ بنظر الإعتبار للأمكانات المالية الشديدة التواضع للإعداد لهذا المؤتمر ومستلزماته الفنية وغير الفنية .