اغرورقت عيناي بالدموع نتيجة الحماسة والفرح الذي انتابني وانا استمع الى شريط فيديو بطله نائب ائتلاف دولة القانون وفيلسوفه السيد عزت الشاه بندر وهو يدافع عن حقوق العراقيين الذين صدرت احكامـا جائرة بحقهم وهم غياب ، او اتهموا وفقا للمادة ( 4 ارهاب ) ، كنت امني النفس انه سيتحدث عن تظاهرات الانبار ومحافظات عديدة اخرى وننتهي من لعنة تلك المادة سيئة الصيت لتعود لحمة العراقيين الى حالتها الطبيعية .
كدت اقف لأصفق له بحماسه على هذه الوطنية المستجدة والجامحة ، بل وذهبت تخيلاتي الى ابعد الحدود معتقدا ان المالكي اوعز له ان يتحدث هكذا ليعيد الثقة الى جماهير الشعب بان حكومتهم تقف على مسافة واحدة من الجميع واذ بي اكتشف بعد هنيهة ان هذا الشاه بندر يقول كل ذلك ليبرر ما فعله وفعل به وسيفعله مشعان الجبوري المحكوم لمدة 15 عام لسرقته المال العام ومتهم بالمادة 4 ارهاب لاذاعته اناشيد الجيش الاسلامي والاشادة بصدام حسين واعطاءه دروس في كيفية تفجير السيارات والالغام والمواد الناسفة لدحر الحكومة ” الصفوية ” في العراق ؟؟؟ تصوروا ياناس كيف تنقلب الامور رأسا على عقب فيصبح مشعان حبيب دولة القانون واصحاب هذه الدولة من الصفويين.
انبت ضميري على تسرعي بالحماسة ، وهو امر معروف عند العراقيين ، ولاسيما عندما لايفقدون عقولهم وهو امر كثير الحصول ، ولو كان بأستطاعتي ان اقاصص ذلك الضمير لفعلت دون تردد ، ثم قررت ان لا انجر مستقبلا اواصدق امثال هؤلاء الضباع من السياسيين ،الذين تسيدوا على مقاليد السلطة في العراق ، حتى ولو احرقوا اصابعهم امامي وحلفوا بأغلظ الايمان ذلك لان جيناتهم مؤلفة من عناصرالكذب والرياء وابتداع التبريرات التي تخدمهم وتخدم مصالحهم المادية .
ينفي السيد الشاه بندر وبراءة الاطفال في عينيه ، وبصوت رقيق يقرب من اصوات الملائكة (!!) من ان السيد نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة والمشرف على وزارتي الدفاع والداخلية ، تدخله في مسالة عودة مشعان واطلاق سراحه .. دعونا نصدق قول الشاه بندر هذا رغم هشاشته .. ولكنه اكد ان له علاقة شخصية بهذه القضية عندما قال ( مشعان فاتحني ).. وبذلك لايمكن الشك بأن المليون دولار مكافأة الوساطة قد دخلت الى حساباته البيروتية ، فهذا القول الذي يظهر في شريط الفيديو وبوضوح تام يعتبر وثيقة مهمة جدا يمكن ، لو كانت لدينا دولة حقيقية وقضاء شريف ،ان تدخل الشاه بندرالى السجن ومحاكمته نتيجة استغلال النفوذ من خلال موقعه الحكومي وجني الاموال والسمسرات بطرق غير مشروعة ولكن هيهات ان يتحقق هذا الحلم في ظل هذا النظام الاعرج .
يواصل الشاه بندر في موقع اخر من شريط الفيديو فينقض كلامه السابق ويقول انه ” فاتح المالكي بقضية مشعان ” ، ولاندري هنا ما دخل المالكي بمثل هذه القضايا، وانه طلب منه ” تجميد اجراءات القاء القبض على مشعان عند وصوله الى المطار” ، فأجابه المالكي : “طيب سأبحث الامر والله … خلي يقدم طلب” …. وهكذا وصل مشعان بطائرة خاصة وذهب بمعية الشاه بندر ومواكبة خاصة من المطار الى المحكمة مباشرة ( يعني كانت المحكمة تنتظر مشعان ) ثم حكمت ببرائته من مادة 4 ارهاب واسقطت عنه تهم سرقة المال العام ، لأنه سلم نفسه حسب القانون ( وكأنه ليس هناك درجة قطعية لأي حكم بعد فترة )، بعدها شرب القهوة وتناول الغداء وارتاح في المنطقة الخضراء ثم غادر بعد ظهر ذات اليوم وبالطائرة الخاصة الى بيروت لامضاء فترة نقاهة في جبال المدينة المتوسطية من وعثات السفر الى بغداد ومقابلته القضاة الذين كانوا ينتظرونه على احر من الجمر .. بربكم هل توجد مثل هذه المحاكم في سويسرا ؟؟ التي تنتظر المتهمين وتحكمهم بالبراءة وترسلهم الى الخارج للراحة والاستجمام بطائرة خاصة وفي ذات اليوم ؟؟
حقيقة لم اكن اعلم ان السيد الشاه بندرمغرم بالقاء النكات فهو يحاول ان يظهر على شاشات الفضائيات بوجه متجهم وجبين مقطب وبعض الغرور والتعالي ليدلل ان وقته لايتسع الا للتفكير العميق وللجدية والتفلسف .. ولكنه في ذات الوقت يلقي بين الفينة والاخرى نكاتا تجعل سامعها ينفجر من الضحك واليكم واحدة وردت في شريط الفيديو حيث ينقل ويشرح بشكل دقيق النقاش الذي دار بين مشعان الجبوري والقاضي اثناء محاكمته بتهمة 4 ارهاب ويبدو انه كان ثالثهم داخل جلسة المحاكمة :
يقول الشاه بندر: قال مشعان للقاضي ” آني ، بلكنة عراقية، راح اعيش بالعراق .. جنت اعلم الناس بالتلفزيون مقاومة المحتل .. اذا انتم مع المحتل حطوني بالسجن ” ..
قال القاضي لمشعان :” يجوز المتلقي يقتل العراقيين بسبب ما تقوله بالتلفزيون وتعلمهم بالتفجيرات ” .
قال مشعان للقاضي : ” اذ كان اي تفجير او اغتيال لعراقيين قد حدث نتيجة التعلم من تلفزيوني .. احكموا علي اذن بالسجن .. انا ساعدت العراقيين على مقاومة المحتل …….
وهنا ، يقول الشاهبندر ، اغلق القاضي الملف وبرأ مشعان من تهمة 4 ارهاب .. بكل بساطة وديمقراطية وشفافية .. !!! ؟؟؟
كلام هزلي بأمتياز لايشرف قائله لاسيما ان يصدر عن نائب يفترض به ان يمتلك القدر القليل من معايير الشرف والاستقامة والصدق وان يكون قدوة للجماهير، ولكن يبدو ان ” دولارات مشعان” عند امثال هؤلاء تتفوق على اي معيار اخلاقي او تصرف قويم .
بقية القصة التي يرويها الشاه بندر بشكل متقطع يحاول فيها ارضاء المستمعين والمشاهدين بأن الجبوري بريء من دم يعقوب غير مدرك ان الشمس لايمكن ان تغطى بغربال وان عقول العراقيين لاتزال متقدة رغم الرماد الذي تحاول السلطة القائمة نثره عليها وعلى العيون ايضا ولكن هيهات فقصة مشعان ليست بهذه البساطة البليدة التي يرويها هذا الراوي فلديها امتدادات سياسية وانتخابية والترشح لولاية ثالثة ومحاولات لخلق خصوم للمنافسين السياسيين للمالكي وارباك الساحة الوطنية وتجزئة الجهود الايلة الى اقامة المشروع الوطني بأمثال هذا اوذاك ممن يستسيغون بيع ضمائرهم او تأجيرها لقاء حفنة من الدولارات اوكرسي زائل في نهــاية المطاف .
ان قضية مشعان الجبوري هي احدى ابتكارات حاشية المالكي وفيلسوفها الشاه بندر ، فهذا الشخص حكم عليه بالسجن بعد توفر الادلة الكاملة بسرقة المبالغ الخاصة بأطعام افواج حماية المنشاءات النفطيـــة التابعة لوزارة الدفاع خلال عامي 2004و2005 وتأسيسه شركة وهمية للاطعمة سجلها بأسم ابنه ( يزن ) ، اما تهمة 4 ارهاب فقد اتهم بها بعد ان كان يعرض في تلفزيونه الزوراء ثم الرأي المسجلة في دمشق بأسم زوجته السورية ( روعة الاسطة ) مشاهد عن كيفية تفجير القنابل والمفخخات بالاضافة الى اذاعته بيانات الجيش الاسلامي واناشيد تمجد صدام حسين وتصف الشيعة بالصفويين والحكومة الحالية بالعميلة لايران.
ان محاولة تبرئة مشعان الاخيرة بدأت مع بداية مطالبة محافظة صلاح الدين وبعض المحافظات الغربية بالفيدرالية ومحاولة ادخاله ، كعميل للسلطة القائمة ، كمنافس سني للبعض ممن يقفون ضد المالكي ونزعاته الدكتاتورية وترشحه للمرة الثالثة لمنصب رئاسة الوزراء ، لذلك تراه يركز في مقابلاته التلفزيونية على مهاجمة الدكتور اياد علاوي والكتلة العراقية في محاولة لنيل رضى الجانب المقابل وتحشيد الشارع النسي لهذا الغرض ، اما تكليف السيد الشاه بندر بهذه المهمة ودفاعه العنيد عن الجبوري فلاأنهما يرتبطان بمصالح مالية واسعة احداها قيام الجبوري ببيع شركة الطائرات الخاصة به ( اجنحة الشام ) للسيد الشاه بندر والتي تسير رحلاتها الجوية بين بغداد ودمشق.
من الغريب حقا ان الشاه بندر واوساط دولة القانون تقول لغاية يومنا هذا ان مشعان الجبوري لم تجر تبرئته من سرقة المال العام وانه خرج ” فقط ” بكفالة وهو الان خارج العراق في ربوع لبنان .. لو صدقنا هذا الامر فكيف يستطيع ان يرأس مجموعة للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المقبلة عام 2013؟؟
فقد نشرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قائمة بموقف الكيانات السياسية المصادق عليها لأنتخاب مجالس المحافظات للعام 2013 وجاء تحت رقم ( 54 ) اسم الكيان ( جبهة الانصاف ) واسم رئيس الكيان ( مشعان ركاض ضامن طوير الجبوري ) رقم المصادقة ( 54) نوع المصادقة ( جديد ) ، نوع الكيان ( مجموعة ) مكان التقديم ( صلاح الدين ) تاريخ المصادقة 20/11/2012 .
السؤال كيف يحصل هذا ان كان هذا الشخص محكوم لفترة 15 عام وبالدرجة القطعية ؟؟ وكيف يستطيع الترشح للانتخابات ؟؟ وان كانت قد جرت تبرئته بشكل سري فاين ذهبت الاموال التي سرقها ؟؟
هذه الاسئلة وعشرات غيرها نضعها امام اصحاب دولة القانون وامام مفوضية الانتخابات واننا بأنتظار الاجوبة وعند ذاك لكل حادث حديث . والله من وراء القصد .
انظر واستمع الى الشاه بندر بصوته ولسانه ولك الحكم
http://www.youtube.com/watch?v=Rvgexlsm1GU