26 نوفمبر، 2024 5:15 ص
Search
Close this search box.

مكي الربيعي .. شاعر يصيغ كلماته من قلائد الذهب ويطّعمها بالجواهر واللآليء

مكي الربيعي .. شاعر يصيغ كلماته من قلائد الذهب ويطّعمها بالجواهر واللآليء

الشاعر والكاتب مكي الربيعي، إمتلك كل مقومات الشخصية العراقية الأصيلة ، من سماته أنه عذب مثل ماء الفرات ومتألق وشامخ كشموخ نخل العراق  ووديع طيب الأصل والمنبع كطيبة أهل العراق !!عراقي الهوى والقلب والضمير، يصيغ قلادة كلماته ويطليها من سبائك ذهبه كي تسر الناظرين ويطعمها بالجواهر الكريمة واللاليء ، بعد ان يشحنها بمشاعر الألفة والمحبة ، كي تسحر القلوب ، وترى كلماته  تنساب مثل خرير ماء صافي رقراق ، يتدفق بين الجداول ، ما ان تراه الطيور حتى تغرد فوق بحوره وتنهل من ربيع جماله الساحر الأخاذ ، وهي ترى في إنسيابية أبيات قصائده ، فرصة ثمينة لتغرد في الأعالي فرحة بموسيقى شعره وخياله الخصب ، تعانق كبرياء الزهو العراقي في أبهى صوره!!لقد كانت جريدة الجمهورية في السبعينات والثمانيات محطة تلاق وانطلاقة لكل مثقفي وكتاب واعلاميي العراق ومبدعيهم ، يؤمها الشباب المبدعين الجدد من إستهوتهم مهنة الصحافة والكتابة والأدب ، ليعملوا ضمن أقسامها الصحفية والثقافية والفنية ، باعتبارها مدخلا لولوج عالم صاحبة الجلالة من اوسع أبوابها..!!وكان الشاعر مكي الربيعي واحدا ممن عشق جريدة الجمهورية منذ صباه ، وكانت له علاقات حميمة مع الكثير من محرريها وكتابها  واعتبرها احدى المحطات التي تدخله عالم الاضواء والشهرة بعد ان شارك صفحاتها الثقافية وأسهم في تحرير الاخبار فيها وجمع بين الصحافة والادب ، بعد ان ذاع صيت الرجل ، وما كتبه من قصائه شعر شعبي ، وبخاصة كلمات الأغاني التي كانت منال كبار المطربين في ذلك الزمان ممن وجدوا في كلمات قصائده ونبعها الأصيل ما يحقق لهم الشهرة والنجاح وولوج عالم الأضواء والشهرة من أوسع أبوابها!!كان الشاعر مكي الربيعي صديق الجميع، وهبه الله من كمال الخلق وعذوبة المعشر وصفاء الطبع ونقاء السريرة ، لتضيف الى موهبته الشعرية سمة اخرى اكثر فضاء واكثر اهمية الا وهي صدق الانتماء للوطن وفي ان يكون لسان حاله لكي يزرع حالة النشوة والفرح وربما حتى الحزن الجميل الاصيل لدى الشخصية العراقية ويعبر عن آمالها وخلجاتها وما تحب وما لاتهوى من الخصال التي لا تتوافق وطبعها الاجتماعي المتسامح الاصيل ، ولكي يؤكد ان الشاعر والكاتب مهما وصل الى منجزات الابداع لن تصل به الاحوال الى التكبر والتعالي ، ان لم تزده تلك المكانة تواضعا ورقيا ، حتى تجد نفسك انك امام انسان مرهف الاحساس صادق الوعد ، تحمل من أجل الوطن الكثير وقدم له عصارة عقله وروحه وما تفتقت به قريحته من مواهب ادبية وصحفية ، وكانت قصائده الغنائية محل اهتمام الكثيرين الذين استهوتهم كلماتها الشعبية التي تتناغم وطبع الشخصية العراقية الميالة الى من يعبر عن آهاتها وأفراحها وطموحاتها بإحساس مرهف وأسلوب تعبير كلامي يبهر الجميع، فكان الشاعر مكي الربيعي واحدا ممن تنطبق عليهم مواصفات تلك الشخصية الأصيلة المحبوبة والقريبة الى النفوس ، بلا تكلف أو عقد او  مكانات زائفة يحاول “البعض ” ربما اتخاذها وسيلة لاظهار مواهبه ، بالابتعاد عن الجمهور!!يتحدث الشاعر مكي الربيعي في حوارات اجريت معه عن تجاربه فيقول  ” الاغنية ليست مهنتي لكنني كتبتها في ظروف خاصة جداً كوني كنت أعمل في الاذاعة والتلفزيون حين ذاك كاتباً وفاحصاً للبرامج وبحكم عملي في قسم الموسيقى والغناء.كانت الاغنية تشغل المساحة الاوسع من تاريخ وجدودي الثقافي غير انني تركتها منذ حوالي عشرين عاماً”.ويضيف” بدأت مع عباس جميل وأحمد الخليل ومررت على جميع الاجيال الغنائية ، حتى أكاد أن أكون الشاعر الوحيد الذي غنى شعره جميع الاجيال التي مرت على الغناء العراقي”..ويضيف ايضا..انا شاعر شعبي بامتياز ان للشعر الشعبي عليّ فضلاً في حضوري الفعلي بين الناس وأقصد بالضبط الاغنية العراقية نعم هكذا يرى الشعراء وهكذا يرى الناس ولكن بعد مرجعة طويلة لما كتبته من أغاني أكتشفت أنني لاأصلح لكتابة الأغنية”.اما منجزاته الشعرية فيتحدث عنها قائلا ” منجزي الشعري عدد هائل من القصائد المكتوبة في الفصحى منشوره في الصحف العراقية والمجلات إلى جانب مجموعة شعرية طبعت عام 1997 تحت عنوان ( مدن الفراغ ) ومجموعة قصصية مطبوعة عام 1998 تحت عنوان ( الدوشق ) وهذان الكتابان طبعا في العراق وهناك تحت الطبع الآن (13) كتابا مابين رواية ومجاميع شعرية بالفصحى وكتابا في السيرة والأدب وكتابا نقديا.وعن غربته يقول ” لكل شيء علي ثمن .. الغربة اصبحت الآن جزء من تكويني الشخصي .. ربما في بداياتها كانت صعبة الآن وبعد مضي مايقارب العشرين عاماً أصبحت شيئا آخر”لكنه يردف ويقول:  انه متواصل تقريباً بشكل يومي مع جميع اصدقائه وأخوانه الشعراء والملحنين والمطربين والصحفيين وحتى نقابة الصحفيين واتحاد الادباء ، ثم يردف مرة أخرى ليتحدث عن احتمال تفكيره بالعودة قائلا :”حتماً سأعود .. لاأريد أن أموت غريباً .. اريد أن اكون في أحضان بلدي لأحتفي بهِ ويحتفي بي .. وهناك الكثير من الدعوات .. انا قادم لامحال من ذلك؟ويواصل الحديث عن اسهامته في الغربة فيقول ” هناك الكثير من التجمعات الثقافية والندوات والاماسي التي تقام .. سواء للأحتفاء بكتاب صادر أو بامسية شعرية أو بمسرحية الخ من النشاطات .. أما فيما من يدعم هذه النشاطات فليس هناك أحد انها جهود ذاتية .. ليس للسفارة العراقية أي دور يذكر في اقامة هذه الاحتفالات بل ولايعرفون عن المبدعيين المتواجدين في المنافي أي شيء انا أكتب وانشر في الكثير من المكانات وأنا واحد من كتاب جريدة الزمان منذ تأسست ولحد الآن ، مثلما أكتب في مجلات وصحف عربية وصحف تصدر هنا في استراليا”.إنّه ذلك الشاعر العراقي الرائع والرفيع الشأن، الذي تعود بدايته في نظم الشعر إلى عام 1966، إذ كتب في سنّ صغيرة قصيدة بالفصحى سقط اسمها من ذاكرته على مدار رحلة العمر، ولما عرضها على أحد الأقرباء قال له يومها: “من أيّ كتابٍ قد نقلتها يا مكي؟!”، دون أنْ يعلم أنَّ مكي سيغدو من شعراء الصف الأوّل في العراق. إنّها عجلة الحياة وحكمة الزمن، كما يقول.ترك العراق عام 1997 ، واِرتَحلَ إلى عمان ومن ثَمَّ هاجر إلى أستراليا عام 2000 ثم استقر به المقام في سدني.تحياتنا للشاعر والكاتب والانسان المبدع والخلق الرفيع مكي الربيعي ( أبو عراق ) ..وله من زملائه ومحبيه ومن عاشرهم في الزمن الجميل، كل تحية ومحبة وتقدير، وامنيات بأن تبقى تلك القامة السامقة ، شامخة كشموخ العراق في عصر حضاراته المعطاء ، ويبقى الشاعر مكي الربيعي علما من اعلامنا الكبار الذين يشير اليهم تأريخ العراق بالبنان!! 

أحدث المقالات