23 ديسمبر، 2024 2:37 م

مكنسة العبادي السياسية

مكنسة العبادي السياسية

لا يختلف أثنان على إن العراق خلال الثمان سنوات المنصرمة، قد وصل إلى مراحل مخيفة في تاريخه، بالفساد الإداري، والمالي، والسياسي، والمحسوبية، والمنسوبية؛ وفي الآونة الأخيرة صار يختزل العراق، ومقدرات البلاد بحزب وأحد، أو شخصية سياسية؛ حيث أصبحنا نصنف في مقدمة الدول الأفريقية، التي نخر جسدها هذا الوباء الخطير..
حال معظم ساسة العراق بعد سقوط النظام البعثي، لا يختلف كثيراً عن احد الشخصيات الأمنية، والسياسية في الاتحاد السوفيتي قبل عدة عقود، الذي كان السبب الرئيسي بانهيار المنظومة الأمنية، والسياسية، وتقسيم الاتحاد السوفيتي إلى دول، وأقاليم متناحرة؛ وتسبب بإفساد المؤسسات، والدوائر الاقتصادية، والخدمية، وجعلها تطفو على آفة الفساد، والروتين الممل؛ والمعقد..
الرجل الذي كان السبب الأول في انهيار أعظم دولة في وقتها، وقد كان هذا الرجل يشغل مناصب حساسة في الاتحاد السوفيتي، ويعمل لصالح الجانب الإسرائيلي، وكانت المخابرات الروسية لديها العلم؛ إنه يعمل لصالح إسرائيل، لكن لم يكن لديها الدليل القاطع حتى توجه له التهم حسب النظام، والقانون المعمول به..
بعد تقسيم الاتحاد السوفيتي قدم ذلك الرجل على إنها خدمته، وخروجه إلى التقاعد؛ فاضطر جهاز المخابرات أن يخبره بهذا الأمر، وأن لديهم علم بخيانته، لكن لم يكن لديهم الدليل القاطع، فأجابهم” بنعم” بعد أن أخذ الضمان لعدم ملاحقته في المستقبل؛ حيث قال لم التقي بالجانب الإسرائيلي إلا مرة واحدة..
فقد بدأ يسرد لهم عمله، ومهمته التي جاء من أجلها، حيث قال أنا تسنمت عدة مواقع مهمة في الاتحاد السوفيتي أمنية، وسياسية، وحتى اقتصادية، وعملت على أمر يصعب على الجميع اكتشافه؛ فقد بدأت بالمنظومة الأمنية، وحددت عمل الضباط ذوي الخبرة، والكفاءة العالية، وقد سلمت زمام الأمور إلى الذين ليس لديهم” الخبرة العسكرية الكافية”..
هكذا في المؤسسات، والدوائر الأخرى، حتى جعلت تلك المؤسسات، والدوائر الحيوية الكبيرة، وعلى رأسها المؤسسة الأمنية؛ تدور في حلقة الفساد الإداري، والمالي، وعدم الكفاءة، وسلبت منهم الروح الوطنية؛ والحفاظ على المال العام، وجعلتها تختزل جماعات، وأحزاب، وتبعيات، وتمجيد إلى أشخاص، ومجموعات؛ وبهذا الأمر قد حققت ما يطمح اليه الجانب الإسرائيلي..
هذا الأمر الخطير الذي حذرت منه المرجعية الدينية، والقوى الوطنية، منذ اليوم الأول لسقوط النظام البعثي؛ لكن أغمضت عنه الأعين، وأغلقت الأذان من بعض ساسة العراق، حيث تسلل كثير من أولئك الفاشلين، والمندسين إلى مواقع مهمة في الدولة، وخاصةً في المنظومة الأمنية؛ وتبوؤوا مناصب تتعلق بأرواح الشعب، ومقدرات البلاد..
رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي، أمام مهمة كبير، ومسارات شاقة، حيث أستلم تركة ثقيلة من الحكومات المتعاقبة، وهو الآن في أمراً لا يحسد عليه؛ فقد أستلم عراق ثلث مساحته ساقطة بيد أشد قوة إرهابية على وجه الأرض” داعش”؛ ومنظومة أمنية تعاني من أمراض الخيانة، والفاشلين، والتشظي بين صفوفها، والتخندق الحزبي، والطائفي..
إذ أراد السيد العبادي النجاح إلى حكومته، أن يبدأ” بكنس السلم من الأعلى”، ولا يسمح لهؤلاء الفاشلين بالتسلق مرة أخرى، إلى المنظومة السياسية، والأمنية؛ كون العراق مهدد أمنياً، وأن يبني منظومة أمنية وطنية، تؤمن بالعراق الجديد، والعملية السياسية، وتكون قادرة على حماية العراق أرضاً، وشعباً، ويترفع عن الاختزال الحزبي، والسياسي…