22 ديسمبر، 2024 2:19 م

مكسيم غوركي— الام وكلمات اخرى

مكسيم غوركي— الام وكلمات اخرى

 نجدد لقاءنا عبر هذه السطور وهنا نقف قليلا لمعرفة المزيد عن هذا الكاتب  مكسيم غوركي.

من هو…؟

هو اليكسي مكسيموفيتشبيشكوفويعرف باسم مكسيم غوركي وهو اديب وناشط سياسي ماركسي روسي وهو ايضا مؤسس مدرسة الواقعية الاشتراكية التي تجسد النظرة الماركسية للأدب اذ انه يرى ان الادب مبني على النشاط الاقتصادي في نشأته ونموه وتطوره ويوكد غوركي ان الادب يؤثر في المجتمع بقوته الخاصة ,لذلك ينبغي توظيفه في خدمة المجتمع .
ولد غوركي بتاريخ 28 مارس 1868وتوفي  بتاريخ 18/يوليو/1936
جنسيته – روسية
الولادة –  روسيا  نيجي  نوفنغورد

عاش طفولة فقيرة وقاسية اذ توفي والده بوباء الكوليرا ولم يكن عمر غوركي الا خمس سنوات كما ان امه تزوجت مرة اخرى لذا قام جداه لامه برعايته وتربيته وكان جده رجلا صارما وقد ضربه جده حتى ادماه لأنه لم يلتزم بأوامر البيت لكن غوركي رغم هذا ظل يعترف بفضل جده عليه فهو من علمه القراءة والكتابة.

اما جدته فقد كانت امرأة حنونة تروي له ما تحفظه من الحكايات الشعبية .

كان ينام وحيدا دون ان يخبر أحد بأحلامه خرج قبل ان يشتد عوده وهام في الموانئ والطرقات التي تعتبر المدارس التي تعلم فيها دروس الحياة ومارسها عمليا فقد اضطر غوركي الى العمل وهو في سن الثامنة حيث عمل كمساعد حرفي  وغاسل اطباق على سفينة وعامل في مصنع وفي هذه الفترة تعلم غوركي القراءة والكتابة .

عند بلوغه الواحدة والعشرين من العمر  تحول غوركي الى متشرد جال في انحاء روسيا لمدة سنتين .

عمل في عدة وظائف قبل ان يصبح مشهورا.

بدأ الكتابة عام 1892 باسم غوركي ومعناه (المرارة) وركز في كتاباته على الجانب القاسي والحزين من الحياة .

اثناء رحلته الى الولايات المتحدة اعجب غوركي بالروح الامريكية وقد سببت رحلته هذه فضيحة وذلك لأنه سافر برفقة عشيقته ماريا ولم يصطحب زوجته .
تم نفيه مرتين الى ايطاليا.
سافر لمدة خمس سنوات عبر انحاء روسيا بعد  محاولته الانتحار عام 1887.
كان لتنقله الاثر الكبير على كتاباته.

كان غوركي في بداية الامر احد مؤيدي الثورة البلشفية لكنه اصبح معارضا لها بعد ان استأثر فلاديمير لينين بالسلطة لان غوركي كان انسانا يؤمن بحرية التعبير وحرية الانسان ويريد تطبيق هذا المبدأ الذي يؤمن به عمليا وهذا ما لا يمكن ان تحققه سياسة المتنفذين في الدول التي تعتبر اي نقد او رفض للعنف او التسلط عداء لسياسة الدولة وتجعل الفرد متهما بشتى انواع الاتهام الذي قد يؤدي به الى السجن او النفي او الموت وهذا ما كان لغوركي نصيبا فيه .

ترأس غوركي  اتحاد الكتاب السوفييت

…………………….

ما هو دور مكسيم غوركي في الادب الروسي في القرن التاسع عشر …؟

جواب هذا السؤال هو الاتي:

يعتبر مكسيم غوركي أحد أهم الكتاب في الادب الروسي فهو مؤسس الطريقة الادبية الواقعية الاشتراكية وناشط سياسي  وقد تم ترشيحه لنيل جائزة نوبل خمس مرات وقد حاول الانتحار ذات يوم حين اشتد به اليأس من تحقيق اهدافه السامية في الحياة.

اما السؤال الآخر الذي يطرح نفسه وهو لماذا حاول الانتحار ….؟

فجوابه ان سبب الانتحار هو وفاة جدته التي كان يحبها كثيرا والتي كانت في طفولته ترعاه وتحنو عليه وتحكي له الحكايات الشعبية والتي كان لها الاثر في بداياته الادبية ولهذا شعر بحزن عظيم وحاول الانتحار .

لغوركي الكثير من الاعمال الادبية والان نتناول أهم اعماله الادبية مع ملخص بسيط لتلك الاعمال:-

اولا -الام

وقد سبق لنا الحديث  عنها سابقا إذ يتناول غوركي فيها ظروف الثورة البلشفية في روسيا عام (1917) والتي جسدها العمال واظهر فيها دور العمال الثوري الكبير مصورا الواقع كما هو ,وكانت بطلتها (الام بيلاجيا ) وهي في الاربعين من العمر تناضل في بداية الامر من أجل ولدها ثم تتجه للنضال من أجل الجميع بعد ان تعلم الاهداف والطموحات التي يسعى لها ولدها وفي هذه الرواية نجد غوركي يتحدث عن زوج (بيلاجيا )وهو والد (بافل) واصفا اياها بالقسوة وادمانه السكر ويمتاز بالفضاضة التي تكسبه عداء الاخرين وتتحمل زوجته (بيلاجيا ) انواع الالم النفسي والجسدي لسنوات طويلة حتى كبر ولدهما (بافل ) ووقف ذات يوم بوجهه صارخا بالرفض لتلك القسوة فما كان من الاب الا ان صمت للحظات ثم افتر ثغره عن ابتسامة ربما كانت ابتسامة رضا عن هذا التصرف لكنه ختم الحدث بان قال لزوجته سوف لن تنالي مني اي مبلغ من المال لان ولدك( بافل )هو من سيتكفل امرك .كان من المفروض ان تتخلى (بيلاجيا )عن رعايته والقيام بشؤونه لكنه استمر بقسوته واستمرت قائمة على شؤونه ورعايته وفي الختام  تنتهي حياته بالموت بعد اصابته بوعكة لم يقبل ان يراجع اي طبيب او يدخل اي مشفى وهكذا انتهت حياته ولم يشيعه الى مثواه الاخير الا زوجته وولده واخرين اضافة الى كلبه الوفي الذي ذكر (غوركي) انه كان شبيها به من حيث الفضاضة والضخامة والذي ظل ملازما قبره الى ان وجد بعد حين مقتولا  والملاحظة التي تثير الاهتمام وتصف معاناة (الام بيلاجيا ) مع ذلك الزوج هو قول احدهم اثناء تشييع الجنازة عبارة مفادها( ينبغي على بيلاجياان تشعر بالارتياح لموت ذلك الزوج).!!!

ترى بعد هذه السنين وفي مختلف المجتمعات كم من الازواج والاباء ينطبق عليهم هذا المثال …تصرف والد (بافل )…؟وكم من النساء والاولاد عانوا ومازالوا يعانون هذا العنف…؟ .

طبعا هناك الكثير الكثير من الاباء الذين ينطبق عليهم مثال والد( بافل) والكثير الكثير من النساء اللواتي ينطبق عليهن مثال الام (بيلاجيا ) وكذلك الكثير الكثير من الاطفال او قل الابناء في مختلف ادوار الطفولة والصبا ينطبق عليهم  مثال الابن (بافل) في رواية الام وهنا اذكر ان احد اصدقائي كان يتحدث ن ابيه قائلا:

ابي وما ادراكم ما ابي ,فظ غليظ القلب ,صوته حين يجلجل في المنزل كانه الرعد وعينه التي تعودنا رؤيتها محمرة بفعل الغضب او السكر ترمينــــــــا بنظرات كأنها الصواعق المحرقة وويل لنا ان دخل المنزل ووجدنا نتبادل الاحاديث المضحكة او الشجار البريء اذ ذاك تثور ثائرته ويوقفنا قصاص حتى نسرد له سبب ضحكنا معلقا على الامر بعبارة:(ضحك بلا سبب من قلة الادب) او سبب شجارنا معلقا على ذلك بعبارة (نعوذ بالله من الشقاق والنفاق وسوء الاخلاق)ويضيف عبارة (الشقاق) يؤدي الى قطع الارزاق  ولم يكتف بهذا بل يضيف (الشقاق )يؤدي الى الفراق…!!!

نتساءل نحن الصغار فيما بيننا وما معنى قطع الارزاق  ونشدد السؤال وهل رأيناك يوما حريصا على جلب الرزق لنا …؟وما معنى الفراق ,وهل حرصت يوما على لم شتاتنا …!!!

وحين سألته وما معنى هذه التساؤلات الم يكن الوالد ينفق عليكم ويؤويكم …؟

قال:

كانت ايام وجوده لا تتعدى الا اياما معدودات في العام لأنه تعود على تركنا سائحا في ارض الله لا يترك لنا ذخرا او مؤنة فكانت امي الطيبة تعتمد في تدبير امرنا على ماكنة الخياطة التي اخذت منها كل مأخذ وحين كبرنا قليلا اندفعنا الى سوق العمل الذي عانينا ماعا نينا فيه ونحن صغار ولكنه في النهاية مكننا الكفاف ولم نمد يدنا لغير الله تعالى واستطعنا بجهدنا ان نحمل اعباء الحياة ونتحمل مسؤولية اعالة الاسرة وفي هذا الوقت كانت صحة الوالد في تراجع مستمر مما حتم عليه البقاء معنا ورغم ذلك كانت امي تراعيه وتحرص على راحته وتوصينا به خيرا ولهذا فأننا لم نقصر في رعايته والقيام بجميع شؤونه حتى وافاه الاجل وهو يدعو لنا بالخير وكنا نشعر انه يستسمحنا تصرفاته الماضية  من خلال نظرة  الانكسار في عينيه كلما استذكر بينه وبين نفسه تصرفاته السابقة وكنا حريصين على ان نبعده عن ذلك الاستذكار ونردد عليه دائما دعائنا له بطول العمر والعافية فهو بالنسبة لنا الخير والبركة وخيمتنا وتاج رؤوسنا والى يومنا هذا وهو في الدار الاخرة لم نقطع زيارتنا لقبره ودعائنا له وتصدقنا بالصدقات الجارية عنه  .

نكتفي هذا القدر من الحديث ولنا لقاء آخر بأذن الله تعالى