لقد وصلت السياسة واساليب السياسة في العراق الى مستوى عالٍ من (الدونيّة) مستوىً لم تصل له او تُعرف به اية سياسة في العالم، وصار السياسي العراقي اليوم يُعرف بـ مواصفات خاصة يعدّها البعض (حنكة وذكاء)، فالنفاق والكذب والخداع والتسويف والتظليل واتخاذ الوسائل القذرة في سبيل الوصول الى المنافع وتحقيق المصالح الشخصية والجهوية او التي تخدم مصالح وايديولوجيات معينة يرتبطون بها او معها، صارت هي السمة الغالبة والبارزة التي يُعرف بها كل سياسي مفسد في عراق اليوم.
وقد قالها من قبل رجل عراقي حكيم: (المكر السياسي في العراق فاق كل مكر في العالم، و وصل الى مرحلة حتى عنوان القذارة والخسّة تخجل و تستحي مما يفعله اهل السياسة في العراق).
يبدو ان بديل (المالكي) الذي دعمَته وعوّلت عليه اميركا في العراق الآن، إنبطح هو الآخر للمشروع الايراني وسيّاسته الخاصّة بالعراق والتي على الجميع (كما يظهر) جميع حُكّام العراق وساسته إتّباعه..
في تصريحه الاخير أكّد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي: (أنه لا وجود لأي جندي إيراني على الأراضي العراقية!..)، وأشار الى أن الجنرال الإيراني قاسم سليماني (يتم التعامل معه كمسؤول رسمي فحسب..!). وقال (إن إيران ساعدت الحكومة العراقية وقدمت لها اسلحة دون مقابل..!) اي (بدون اموال) لكنه استأئف قوله متراجعا (انه تم دفع المال مقابل السلاح لاحقا!). دونك خرط القتاد ياعبادي فهو أهون عليك من محاولة تسويف وتظليل الواضحات.
فـ عن الوجود الايراني في العراق:
أن حكومة إيران نفسها سبق وأعلنت عبر وسائل اعلامها اكثر من مرّة عن مقتل عدد من قاداتها قرب سامراء العراق، والذي كان أبرزهم العميد في قوات الحرس الثوري (حميد تقوي) وقائد العمليات الخاصة (مهدي نوروزي). بالاضافة الى الخبر أصابة جنرالها قاسم سليماني بأصابة بليغة نقل على اثرها الى مشافي طهران، والذي تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قبل ايام في خبر لم يؤكد بعد بأنه (قتل في معارك سامراء إلا ان نبأ مقتله لازال معتّم عليه(. فضلا عن الشواهد الرسمية (المحلية والدولية) التي تؤكد ميدانيّا تدخل الحرس الثوري واستخبارات واجندة ايرانية اخرى في الشأن العراقي، توجد معطيات وشواهد ميدانية اخرى توثّق وتؤكّد هذا التدخّل، شواهد كبيرة وكثيرة يعلمها ويعرفها الشارع العراقي برمّته.. فلا نعرف على ماذا يحاول ان يضحك ساسة العراق بكذبهم وخداعهم ونفاقهم هذا.. على انفسهم، ام على شعوبهم؟، فـ قضية التدخل الايراني في الشأن العراقي باتت قضية معروفة للعالم، وصارت مشهورة اشهر من نار على علَم.
وفي ما يخص قضية اموال التسليح:
لازالت تتناقل وسائل الاعلام، اخبار وتقارير دولية (عربية وعالمية) خبر الصفقة المشبوهة، صفقة شراء العراق اسلحة من ايران بـ ما قيمته 10 عشرة مليار دولار. عبارة عن (بنادق كلاسنكوف وراجمات صواريخ وذخيرة) علما ان قيمة هذه الصفقة (كما وصفها المختصّون) لاتساوي الـ 50 خمسون مليون دولار في اعلى تقدير!. حتى ان إحدى الصحف تهكّمت و وصفت هذه الصفقة بأنها (المليارات الـ 10 من الضخامة والكرم كانت كافية لجلب ترسانة من الدول العالمية المصنّعة لحاجات الجيوش، وليس خردة سلاح بسيطة من إيران). ويظهر ان الهدف الاساسي من هذه الصفقة هو تمويل حاجات ومغامرات إيران العسكرية في المنطقة بمليارات الدولارات، في الوقت الذي تواجه فيه ضغوطات اقتصادية داخلية وخارجية.
حتى ان مجلس النواب العراقي لم يستطع (رغم المحاولة الاعلامية) نفي هذه الصفقة. واجمع بعض اعضائه في الاجابة حول هذا الخبر؛ بأنهم ليس لديهم معلومات عن هذه الصفقة.
فـ مالذي تبيعه ايران للعراق بهذا الثمن الباهض، اذا كانت صفقة السلاح هذه عبارة عن (اسلحة خفيفة وخردة) لاتساوي حتى الخمسون مليون دولارا؟، فأمّا ان هذه هي طريقة (مافيوية) دولية جديدة لغسيل الأموال ومن ثمّ مصادرتها وتحويلها لحساباتهم الخاصّة، وأمّا هي خدعة جديدة الهدف منها، دعم اقتصاد ايران المتهاوي..؟. وفي كل الاحوال، اثبت العبادي بأنه لايقلّ كذبا ومكرا ونفاقا وخديعة عن (سابقه) وأنه ليس بأفضل منه، وهكذا عبّر عن ولائه لحكومة ايران وخنوعه وانبطاحه التام لها. وخذل وخيّب آمال الشعب العراقي الذي تفاءل به وتوسّم فيه الخير..