23 ديسمبر، 2024 4:15 ص

مكرهاً لا بطل، بوتين لإيران والأسد : حسناً، إستمروا في القتال بدون روسيا!

مكرهاً لا بطل، بوتين لإيران والأسد : حسناً، إستمروا في القتال بدون روسيا!

بالفعل، كانت هناك قبل شهر أو أكثر إشارات ، يُستشف منها أن روسيا تخطط وتهيأ الوضع للإنسحاب من سوريا، ولكن أحداً لم يفكر بصوت عالِ الى أن جاءت صدمة بوتين أمس. لوحظ أن الجيش السوري، مثلاً، قبل شهر أو أكثر، تسلّم دفعات كبيرة من دبابات التي-90 ومدافع الميدان الذاتية الحركة من أجل تمكين السوريين والإيرانيين، على ما يبدو، للمضي في الحرب دون روسيا، إضافة الى تكثيف الطيران الروسي جهوده في دعم الجيش السوري وحلفائه في حلب شمالا ودرعا جنوبا، لمسك المزيد من الأرض.قبل ذلك، كان متابعون للشأن السوري، قد لاحظوا تراجع الضربات الجوية الروسية على المعارضة السورية خلال الأيام العشرة الأولى من العام ٢٠١٦ قياساً الى معدلاتها العالية منذ بدايتها في ٣٠ أيلول ٢٠١٥.ثمَّ بدأت روسيا منذ ذلك الوقت تتحدث بوتيرة أكبر عن الحل السلمي، بل أنها من خلال سفيرها في الأمم المتحدة، فيتالي تشوركين، إنتقدت الرئيس الرئيس السوري بشار الأسد، حوالي منتصف شباط، عندما شكك في جدوى الحل السلمي وأعرب عن تصميمه على استعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية، قال تشوركين:”إن ذلك لا يخدم المساعي الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، مشددا على ضرورة إصغاء الأسد لنصائح حليفته روسيا”.كان الجميع يعلم ايضاً ان وطأة الأوضاع الإقتصادية بسبب العقوبات وهبوط أسعار النفط الذي يعتبر العصب الرئيسي للموازنة العامة ، ووجع الخاصرة الأوكراني، أثقل من ان تسمح لروسيا بالإستمرار في حرب مكلفة، غير ان الإصرار الذي كان يبديه الروس في تصريحاتهم ومواقفهم على مواصلة الحرب حتى النهاية وتأكيداتهم المستمرة على دعم بشار الأسد كلما راجت شائعة بخلاف ذلك، ساعد الرئيس بوتين على مفاجأة الجميع، أو على الأقل مفاجأة الرأي العام والأغلبية الساحقة من الرأي الرسمي العالمي، ربما باستثناء أمريكا واسرائيل، بقرار الإنسحاب، وبقدر حجم المفاجأة ترك بوتين الأمر سائباً، تحدث عن بدء الإنسحاب دون جدول زمني، ولكنه بالمقابل أكد الإحتفاظ بتواجد عسكري ولم يتعهد بوقف العمليات العسكرية، وختم الموضوع بعبارة مشروخة:”إن الخطة التي وضعتها وزارة الدفاع والقوة الجوية الروسية حققت أهدافها”.ماذا حدث إذن، ما الذي عجّل بقرار الإنسحاب؟بيان الكرملين أيضاً، لم يتحدث عن تواريخ محددة للإنسحاب، وأفاد أن موسكو ستحتفظ بتواجدها العسكري في قاعدة طرطوس البحرية وقاعدة حميميم الجوية بالقرب من اللاذقية، من جانبه أكد نائب وزير الدفاع الروسي، نيكولاي بانكوف، ، اليوم الثلاثاء 10 آذار 2016، أن الضربات الجوية ضد الإرهابيين ستستمر، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس” ، وهي إشارة غير مباشرة إلى أن روسيا لن تستمر بنفس الزخم والأسلوب ، وأنها سوف ستحذو حذو أمريكا وتكتفي بضربات جوية حسب مستجدات الأهداف ولن تباشر العمليات القتالية لصالح الجيش السوري بعد الآن، أي أن استراتيجيتها قد تغيّرت تماماً لتصبح بطريقة غير مباشرة جزءاً من التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا ضد الإرهاب.لماذا؟يبدو أن صدعاً حدث بين روسيا وحلفائها بعد ان اضطرت تحت ضغط عدم قدرتها على الإستمرار في الحرب كما أسلفنا، للوصول الى تفاهمات مع إدارة أوباما، أدت الى هدنة غير مسبوقة منذ بدء النزاع قبل خمس سنوات، بمباركة سعودية، قيل أن الرئيس الروسي حرص عليها في إتصال هاتفي طويل مع الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولكن حلفاؤه الإيرانيون والسوريون لم يتجاوبوا معها.موقف إيران بدا متحفظاً رغم تأييدها العلني، ونقل بيان للرئاسة الإيرانية في حينه أن روحاني قال في إتصال هاتفي مع بوتين:”ينبغي الا يكون وقف إطلاق النار فرصة لتعزيز الجماعات الارهابية، وينبغي كذلك ضبط الحدود السورية لمنع خروج ودخول الجماعات الارهابية والمساعدات المالية والعسكرية الموجهة لها،”، وقال أيضاً:”ان اتفاق وقف اطلاق النار يتضمن نقاطا غامضة ونواقص”، وهو ما فهم منه أن ايران تتوجس من التفاهم الروسي الأمريكي رغم إعلان خارجيتها على لسان نائب الوزير :”ان بلاده منذ بداية الازمة في سوريا، شددت دائما على وقف لاطلاق النار “.أشيع بعد ذلك، أن إيران أرسلت وزير دفاعها الى روسيا لثني بوتين عن المضي في تفاهماته مع أمريكا لكنها اكتشف أن بوتين قد قرر فعلا إنهاء التوتر مع الغرب عموما قدر تعلق الأمر بالمسألة السورية وأن بوتين عقد العزم على التعاون مع أمريكا لإنهاء النزاع السوري سلمياً، بعد أن اقتنع تماماً أن الرئيس السوري لن يقبل بالتنازل عن الحكم تحت أي ظرف، وأن حليفيه الإيراني والسوري مصممان على الإستمرار في الحرب.قال لهما بوتين بحزم: حسناً يمكنكما الإستمرار في الحرب ولكن بدون روسيا، وذهب الى إعلان قراره المفاجئ الصادم بسحب الجزء الرئيسي من قواته المقاتلة في سوريا مساء 14 آذار الجاري على أن تبدأ عملية الإنسحاب فوراً صباح اليوم التالي، وهي بكل المقاييس هزيمة مبكرة غير متوقعة ومنكرة أقرب الى الفضيحة لسياسة بوتين وانتكاسة سريعة لواحدة من مغامراته المتعجرفة.السؤال هو: أين يقف بوتين الآن من حرب سوريا ومن بشار الأسد؟.لا يُعتقد أن بوتين سوف يتخلى عن مغارة الدب الروسي في طرطوس وحميميم وأنه سوف يحافظ على جهوزية القوة العسكرية الروسية على حالها في بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط للتدخل عن بعد إذا تطلب الأمر، خصوصا إذا فشل الحل السلمي وتدهور وضع الأسد لصالح الدولة الإسلامية حصراً وليس لصالح المعارضة المعتدلة، وأنه بالتالي متمسك بنفوذ بلاده في سوريا حتى بعد تغيير النظام.أما بشأن بشار الأسد فالأمور لا تبشِّر بخير حيث ذكر بيان الكرملين أن بوتين أعرب عن أمله بأن يكون بدء سحب القوات الروسية من سوريا سيشكل دافعاً إيجابيا لعملية التفاوض بين القوى السياسية في جنيف وكلّف وزير خارجيته لتعزيز المشاركة الروسية في تنظيم العملية السلمية لحل الأزمة السورية، وإذا عرفنا أن وثيقة جنيف الأولى التي تتمحور حول هيئة حكم إنتقالية بكامل الصلاحيات دون بشار الأسد، تشكل أساس المفاوضات وأن المبعوث الدولي، ديمستورا تحدث قبل بدء جلسة المفاوضات الحالية قائلاً:”لا وجود للخطة باء”، أي لا بديل لهيئة الحكم المذكورة، اذا عرفنا ذلك لاكتشفنا بوضوح ان بوتين لفظ علكة بشار الأسد[email protected]فهل ستكون نهاية بشار الأسد بتخطيط أقوى حلفائه سلمياً؟ دعونا ننتظر ختام محادثات جنيف.