للمسؤولية ومنصبها توصيف مشوّه في ثقافتنا العربية عامة وفي مجتمعنا العراقي خاصة .. فنحن نتملّق للمسؤل وننافقه ولا نعامله الاّ بالتعظيم والتبجيل والمدائح الفارغة , وبذلك يتحّول المسؤل .. الى شخصية لا تقبل النقد ولا تسمح لاحد ان يدلّها على اخطائها .. فهي شخصية متوّرّمة الذات .. فالمسؤول يعتني بهندام جسمه حتى وكأنه ارخص بكثير ممايرتدي .. أقزام منتفخة وجفاة – غلاظ .. حثالة .. هذا الوصف القاسي .. ليس محض افتراء وانما هو عين الواقع لما نلمسه ونراه من تصرفات مسؤلي العراق هذه الايام … وفي محافظة النجف ركنت السيدة ( عاصفة الموسوي ) ( عضوة في مجلس المحافظة الحالي عن التيار الصدري ) .. سيارتها في مكان أحدّث اختناقا وارباكا لسير المركبات في المدينة القديمة .. والتي هي ضيقة الشوارع بطبيعتها .. مما حدى برجل المرور المتواجد في ذلك المكان , ان يطلب من سائق السيدة بالتحرّك عن هذا المكان .. طبعا لم يفعل السائق , بالرغم من تكرار طلب الشرطي المسكين منه (لانه يعرف ان المسؤول فوق القانون ) .. وعندما تحركت السيارة من مكانها ليس امتثالا لطلب شرطي المرور ( رجل -القانون) .. قال الشرطي المسكين تبرّما من الاستخفاف به … {صلوات على محمد من تحّرًكت } .. على ضوء ثقافة الانتفاخ للمسؤولين .. كانت تلك العبارة من قبل شرطي المرور تجاوزا صارخا على مقام السيدة ( العضوة ) مما جعلها تطلب من مسؤوله المباشر ( مدير المرور ) طلب عقوبة له ونفّذ – على الفور – هذا المدير النحرير وبتبرير لايرقى الى المنطق .. طبعا مدير المرور يعرف ان رجل المرور كان محقا ولكن المدراء في كل المحافظات ينفّذون طلبات الاعلى منهم وان كانت – تجاوزا على القانون – حفاظا على كراسيهم .. وبعد هذا المدخل اقول : – والقول موّجّه لكل مسؤول –
لست خبيرا في شؤون القضاء والقانون المدني .. ولكنني اعرف الفرق بين المبدأ الاخلاقي والقانون الوضعي .. فالمبدأ الاخلاقي مثل أعلى وتوجّه نبيل وغاية انسانية مطلقة يتفق عليها الجميع – وإن كان لايتمتّع بسلطة التشريع وقوة القانون – فالعدالة والمساواة والحرية , مبادىء سامية ومطلقة تشترك في تقديرها كافة الشعوب والثقافات .. أما القوانين الوضعية فهي قوانين محلية تُستًنبط من المبدأ ذاته , ويصدر من سلطة رسمية .. بحيث يتساوى أمامه الجميع .. حتى من لايقتنعون به .. . وأمــــــــــــير البيان علي ع يخاطب احد اصحابه : ” ياحارث انك نظرت تحتك فحرت .. انك لم تعرف الحق فتعرف اهله ولم تعرف الباطل فتعرف من اتاه .. فلا يقاس الحق بالرجال … اذا علي يدعوا الى وعي الحق لكي لا يخدع المرؤ بدعاوى من يحاول ان يسوّق نفسه بكاريزما دينية او قبلية او سلطوية , وهو غير مؤهل لان يكون قائدا .. فلا عضوة المجلس كانت واعية للحق ولا مدير المرور كان واعيا له ايضا .. حيث قاس الحق بشخوصه وليس بكونه حق مجرد . .
ضمير مستتر : شكرا مجلس محافظة النجف لالغاء العقوبة بحق رجل المرور .