قال تعالى:”إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّكَ مَا يُوحَىٰ أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَىٰ عَيْنِي “.
إنها حكاية كل يوم ما أشرقت على اﻷرض شمس وما أنار في سمائها بدر ، إنها خلاصة قصة العبور تجاه القصور ربما لطلب الشهرة ، الجاه ، المال، المنصب ،وقد يكون نكوصا وندما على الماضي بكل مافيه ، وربما ذودا عن حياض المحرومين وحقوق البر الثاني المسلوبة وهذا الفصل اﻷخير من المعادلة تحديدا هو ما تناوله كتاب الله العزيز بكل تفاصيله وتداعياته ، مدخلاته ومخرجاته ،مقدماته ونتائجه ،بما يصلح جزء منه أن يعمم على بقية المصفوفة من دون اﻷخرى بحسب اﻷزمنة واﻷمكنة مع الفارق بطبيعة الحال بين قصص الرسل واﻷنبياء الخالدة التي لاتقارن بسواها جملة وتفصيلا ، وبين قصص المخلصين التأريخيين هنا وهناك فضلا عن تباين أهدافهم ورؤاهم ورسائلهم التي قد تتقاطع مع رسالات الانبياء هنا وقد تلتقي معها هناك ، إنها قصة الذي يكتم إيمانه داخلها رغبا أو رهبا ، دهاء أو حيلة ،مكرا أو جبرا : ” وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ ۖ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ ۖ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ” ، كتمان مؤقت بإنتظار الفرصة السانحة للمجاهرة بدعوة الحق والصدع بالحقيقة المرة التي تعيش القصور ومن يسكنها خارجها على الدوام بوجود اﻷسوار العالية التي تفصلهم عنها وعن مسحوقي ومهمشي البر الثاني – الشعب – الذي يتجرع الظلم طويلا بإنتظار – مخلصه – الذي قد يأتي وقد لايأتي اﻻ أن مخلص القصر القادم من الضفة دائما مايكون اﻷوفر حظا في ذلك ، حقا إن عظمة القرآن الكريم وقصصه وعظاته الخالدة تتجدد بكل لحظة وتتجلى لنا في كل يوم الى قيام الساعة ، حيث سلط كتاب الله الكريم الضوء على قصص العبور ودورها الكبير في الإصلاح والتغيير الشامل ، مشددا على أن من يزرع الريح من سكنة القصور العامرة فلن يحصد غير العاصفة ساعة غضب الضفاف – الخربة – بقيادة مخلصهم الذي مكث بدوره داخل القصر زمنا غير قصير بعد عبوره من البر الثاني وتجاوزه بحر الظلمات إما بحثا عن الذات وإما طلبا للحرية له ولغيره !
اليوم هنالك سؤال حائر مطروح على الساحة العربية بإلحاح كبير أقض مضاجع الملايين وأشعل مواقع تواصلهم جاء على ألسنة الناشطين ، في تصريحات المسؤولين ، ببرامج القنوات الفضائية التابعة للموالين والمعارضين، خلاصته “كيف تفوق المقاول والفنان المصري، محمد علي ، على كل المعارضة المصرية في الداخل والخارج بمختلف أحزابها وتياراتها وأبواقها ومن غير منازع ، بل قل كيف تسنى له الإطاحة وبظرف أيام قلائل بكل مقدمي أكثر برامج “التوك شو ” مشاهدة وثرثرة برغم ما تتمتع به من دعم كبير لحساب القصر وحاشيته ؟
لماذا نجح الممثل المغمور بطل فيلم ( البر الثاني ) الذي أنتجه على حسابه الخاص عام 2016 وتكبد من جرائه خسائر مالية جسيمة أتت على جل ما يملك بإعترافه شخصيا برغم حصول الفيلم على عدة جوائز عالمية ،متخطيا بمفرده كل سابقيه مع كل ما تملكه وسائل إعلامهم سواء المضادة منها أو المؤيدة للنظام ، في الداخل والخارج من ماكينة هائلة تضم بين جنباتها فضائيات وإذاعات وصحفا ومجلات ومواقع وصفحات ومدونات وذباب الكتروني بصرف النظر عن رأينا الشخصي بالطرفين وبمحمد علي وطروحاته كذلك ، مع الفارق الكبير بين المثل والقصص القرآني والحادثة علاوة على الشخص مناط البحث ﻷن غايتنا هي الإجابة على تساؤلات الجمهور الحائرة وليس الدفاع أو الوقوف بالضد من محمد علي وظهوره المفاجئ المثير للجدل الى العلن ليظهر بعده بأيام قليلة شخص آخر طال إختفاؤه المريب اﻻ وهو غريمه ومشعل ثورة 25 يناير – وائل غنيم – بمقاطع مماثلة سيكون لنا معها وقفات أخرى في القريب العاجل ، إجابة قرآنية مستفيضة تصلح لكل زمان ومكان ركز عليها القرآن العظيم الذي “لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه” كما جاء في السنن .
لماذا تمكن مواطن مصري متواضع يحمل شهادة دبلوم صنايع وبملابس شبابية عادية جدا يدخن ويتحدث بلغة العوام وبلهجة الشارع عبر مقاطع مصورة قصيرة بهاتف آيفون شخصي تبث من داخل إحدى الكافيهات الاسبانية سبق له أن عمل مع أجهزة الدولة وكبار المسؤولين في القوات المسلحة لمدة 16 عاما متواصلة من أن يصبح أشهر شخصية في مصر والوطن العربي كله في غضون أقل من أسبوعين لم يتمكن من الحصول على عشر معشار شهرتها بأفلامه ومسلسلاته وأمواله الطائلة كلها وهو الذي سبق له أن إشترى سيارة “ميسي ” وباع قصره للفنان محمد رمضان ، بـ 10 ملايين جنيه ووالده هو بطل مصر بكمال اﻷجسام سابقا ، ولماذا وهذا هو – مربط الفرس – لم يهنه النظام ، لم يتهمه ، لم يدنه ، لم يسحله ، لم يطارده حتى اﻵن ؟ الجواب والله أعلم هو ﻷن محمد علي القصر ، محمد علي الحاشية ، محمد علي ضفة السلطان الحاكم ، غير محمد علي الضفة والبر الثاني ، بر الغلابة والمسحوقين والمهمشين غير المسموعين ، إنه جانب من موعظة العبور الى الضفة اﻷخرى التي شدد عليها القرآن الكريم فيما مررنا عليها مع كل منظرينا وأغلب مفكرينا مرور الكرام ، وخلاصتها ، أن ” موسى عليه السلام كان لابد من أن يعبر بأمر من الله تعالى وبعنايته الى ضفة الفرعون – الى البر الثاني – ليدخل القصر ،ليرى ما فيه ، ليتعرف على حاشيته ، لينظر كيف يفكرون ، ليعرف كيف يخططون ، ليشاهد بأم عينيه كيف يعيشون ، كان لابد له من أن يترعرع داخله ليكتشف كل مافيه ولتبدأ قصة المعارضة من هناك ..من داخل القصر العامر وليس من خرائب وضفاف المسحوقين والمنبوذين المبهورين بالقصور وسكانها ، وﻻ من عشوائيات الخائفين من بطش حاشية القصور والمذعنين لعبثياتها والمستسلمين لسرقاتها والمشاركين وأبنائهم بكل حروبها قسرا ، والمحرومين من كل خيرات بلادهم برغم كم تضحياتهم الهائلة غصبا ، الفقراء الذين إن حضروا لا يعدوا وإن غابوا لم يفتقدوا وإن عارضوا لن يحركوا ساكنا ، أولئك المدفوعين عن اﻷبواب ممن لايؤبه لهم من قبل اﻷصدقاء واﻷعداء على سواء ” .
موسى عليه السلام لو لم يترب في قصر الفرعون لكان الطاغية قد قتله فور إعلانه تمرده ..لكان سحله بعيد تفوهه بأول كلمة معارضة ..ﻷلقاه في النار كما فعل الطاغية النمرود مع ابراهيم عليه السلام كونه لم يكن من حاشية القصر ، ﻷجلسه على الخازوق ، ﻷرجحه على حبال وأعواد المشانق ، ﻷخفاه كما أخفى اﻵلاف من قبله وراء الشمس من أول ساعة اﻻ أنه لم يفعل ذلك بل حاول إغراءه ، ثنيه عن رأيه ، حاوره على غير عادته مع المعارضين مرات عدة ، طلب مناظرته على خلاف طباعه مع المناوئين لحكمه أمام حاشيته وأتباعه المقربين ، السماح بمجادلته وﻷول مرة في تأريخه أمام الناس أجمعين في عيد شعبي تاركا خيار تحديد يوم المنازلة لموسى عليه السلام شخصيا ((قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى))، طلب من مهندسيه ان يتدخلوا لإجهاض ما يقوله ((وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ ، أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا )) ، طلب من بطانته الدينية وكهنته ووعاظ سلاطينه أن يسفهوا مشروعه الإصلاحي وكل ما يطرح (( قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَىٰ فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لَّا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى)) كل ذلك ﻷن موسى عليه السلام يمتلك من أسرار القصر ما يقلق الفرعون ويقض مضجعه ، يحتفظ بحظوة وشخصية معنوية قوية داخله وله من اﻷصدقاء والمعارف والمحبين داخل القصر ما يشكلون بمجموعهم لوبيا ضاغطا مدافعا عنه وربما مؤيدا له ومؤمنا بأفكاره ، معارضا للطاغية وأولهم زوجة الفرعون – آسيا – التي إنتشلته من البحر صغيرا وربته حتى إشتد عوده وقوي ساعده كبيرا ، إنها أمه الثانية التي تحبه كأبن لها فيما يخشى الفرعون من سطوتها عليه ، ما جعل موسى المعارض وحامل هموم الضفاف بمأمن مؤقت قد يطول وقد يقصر من الإبادة الفورية على يد الطاغية وأعوانه والتي سبق أن طاولت ومازالت تطول كل معارض له خارج القصر بلمح البصر من غير مناظرات وﻻ مجادلات وﻻ حوارات ولو لثوان معدودات “.
شخص واحد يتربى في القصر ويترعرع فيه حاملا في ذهنه وبين جنبيه معاناة البر الثاني الذي جاء منه ثم ينقلب عليه لصالح المسحوقين هو أخطر عليهم من ملايين المعارضين خارج أسواره ﻷن أية تهمة جاهزة درج على إلصاقها الطغاة بحق معارضيهم الخارجيين لن تجدي نفعا هذه المرة ،الطغاة سيتهمون أنفسهم قبل غيرهم إن فعلوها مع معارضي القصر بخلاف معارضي البر الثاني ..فماذا سيردد القصر عنه لتسقيطه جماهيريا ، كان يتعاطى المخدرات مثلا ؟ ّ، سيقال حينها بأن قصر الفرعون كله يحشش! ماذا سيقول عنه كان داعرا مثلا ؟ ! قصر الفرعون يمارس الدعارة اذا ! سارق للمال العام ؟ قصر وحاشية الفرعون كلهم سراق ولصوص اذا ! جاسوس وعميل لدولة اجنبية يتخابر معها مثلا ، أين مخابرات القصر ، أين حراسه وعسسه إنهم إن لم يتمكنوا من إكتشاف عميل داخل صفوفهم فكيف سيضمنون أمن البلاد والعباد الداخلي والخارجي وباﻷخص أن هذا الشخص هو من أعلن عن نفسه وجاهر بمعارضته من دون أن تكتشفه كل أجهزة أمن القصر ومخابراته ومخبريه قبل هذا التوقيت وهذه بحد ذاتها أكبر إهانة وأقسى طعنة في خاصرة الحاكم وكل منظومته اﻷمنية !
ماذا سيقال عنه ” لقد تربى في قصرنا وأكل على موائدنا ثم لم يقتنع بفكرنا ، لم يؤمن بقداستنا ، لم يرفع شعاراتنا ، لم يعتقد بمنهجنا وإنقلب ضدنا ، فما بال المعارضة المسحوقة والشعب الجائع الذي يعيش في كانتونات وعشوائيات ومخيمات الضفاف ويعاني من الحرمان والويلات اذا ؟
ماذا سيقول عنه ، مجرم ، سفاح ، قاتل ؟ القصر ذاته وفي هذه الحالة سيتهم بأنه ملاذ للقتلة والمجرمين خصوصا وأن الشخص كما اسلفنا هو الذي أقر على نفسه ولم يكتشفه أحد من ذي قبل ؟ !
بالمقابل فأن المعارض الذي يحتفظ بكاريزما القصر ، مهابة القصر ، أناقة القصر ، ثقافة القصر ،قوة شخصية القصر ويعرف كل أسراره ، يعلم أدق تفاصيل وعيوب حاشيته ، عديد أرصدتهم ، مجمل – كلاواتهم – جميع علاقاتهم ، أبشع ثغراتهم ، غرامياتهم – خزعبلاتهم – مشاكلهم فيما بينهم ، هكذا معارض سيكون بنظر عبيد الضفة اﻷخرى والبر الثاني هو الملاذ اﻵمن والمخلص القادر على إنقاذهم وإنتشالهم مما هم فيه من قهر وضيم فهو أقدر الناس على الانقلاب على من ساموهم سوء العذاب طويلا من داخل القصر لا من خارجه والإنتصاف لهم على أفضل ما يرام !
دروس المعارضة العابرة للضفة اﻷخرى المصنوعة بعناية الله وتدبيره وهو خير الماكرين كما جاء في كتابه العزيز ، لخصتها لنا آيات كريمات مباركات ، ساق الله تعالى لها شواهد كثيرة على أرض الواقع بين حين وآخر لتذكيرنا بها وبأهميتها الكبرى اﻻ اننا أبينا اﻻ أن نمر عليها وعلى شواهدها العملية مرور الكرام لنحتقر كل من تقرب من القصر وإن كان وطنيا ونزيها وناصحا أمينا لنظن به أسوأ الظنون قياسا على البقية الفاسدة والمفسدة وهي وﻻشك أكثرية اﻻ ان التعميم ظلم وتعتيم ، ومع أن موسى عليه السلام عبر الى الضفة اﻷخرى ليدخل هذا القصر بأمر من الله تعالى وعاش فيه طفولته وشبابه ، وكان الباري عز وجل قادرا على أن يحميه وهو في ضفته بين أهله وعشيرته في البر الثاني من غير عبور البتة ، اﻻ أن علام الغيوب أراد ان يعطينا درسا بليغا الى قيام الساعة يتجدد بوقائع حية هنا وهناك بمرور الزمن للتذكير بصرف النظر عن أبطال قصصها وخلفياتهم ونواياهم الحقيقية ، مفاده أن ” معارض القصر هو أقوى شكيمة وأرجى عزيمة من كل معارضي الضفاف المسحوقين وحافات المياه المغمورين بمفكريهم ومنظريهم وأحزابهم ومناضليهم ..مجتمعين رغما عن أنف وعاظ وحاشية السلاطين فهل من معتبر ؟ “.
وﻻيفوتني أن الفت عنايتكم الى أن حكاية الفنان والمقاول محمد علي ، ومكاشفاته ماهي اﻻ صورة واحدة صغيرة الحجم ، أحادية الجانب ، ضئيلة التأثير، وإن بدت للمتابعين أكبر من حجمها الحقيقي في منظومة الضفاف والقصور الهائلة .
ممكن جدا أن يكون المقاول الفنان محمد علي ذنبا لعلاء مبارك إبن الرئيس المصري الاسبق – حسني الخفيف اللامبارك – وأداة طيعة بيده يحركها مع ما تبقى من دولته العميقة كما يشاء وقتما شاء كما قال بعضهم ذلك ، ممكن أن يكون ذنبا للمخابرات العامة وبيدق شطرنج في صراع المصالح والمقاولات ضد المخابرات الحربية ، أو ذنبا لمخابرات دولية أجنبية لغرض ما بُيت بليل يريد بأرض الكنانة سوءا كما قال بعضهم اﻵخر ، اﻻ أن ما أردت الإشارة اليه حصريا هو ليس محمد علي وﻻ من يقف خلفه وﻻ غاياته من كل فيديوهاته بتاتا بقدر التذكير بـ “عظمة القرآن الكريم وعظاته التي تتجدد في كل لحظة وتتجلى روائعها بكل ساعة ويوم ..وخلاصتها أن معارضة القصور أفضل من معارضة الضفاف بكثير والدليل قصة محمد علي الذي ماكان لنجل مبارك أن يتحالف معه على قول القائلين بذلك ، وﻻ المخابرات العامة او الدولية ،وﻻ أن يحظى بكل تلكم الشعبية العارمة والشهرة الجماهيرية منقطعة النظير ، وﻻ أن يأمن من مكر الماكرين ومن التهم الجاهزة ضد المعارضين التقليديين لو أنه لم يكن من حاشية القصر ، وكاشف أسراره ، المطلع على أرصدته وشخوصه وأحواله وليس البر الثاني المغيب عن الساحة كليا الذي لايمتلك شروى نقير ، إنها قصة المفاضلة بين المعارضات الهزيلة منها والجليلة ، اﻷصيلة منها والدخيلة ،الغنية والفقيرة ، سواء تلك التي تقودها المعارضة والتي تبدأ من الضفاف لتنتهي اليها من دون أن تحقق ما تصبو اليه أو تنجح بحسب الظروف والمعطيات على الارض ..أو المعارضة التي يقودها القصر بنفسه ليوظفها لصالحه ومصالحه في نهاية المطاف ضاحكا على ذقون الجماهير المسحوقة كما حدث مرارا وتكرارا ..أو المعارضة التي تنبثق من القصر ذاته إما للوثوب الى السلطة وتغيير الوجوه والنظام فحسب مع بقاء اﻷوضاع السيئة على ماهي عليه إن لم يكن أسوأ ،أو تلك التي تنبثق دفاعا عن جياع الضفاف وانتصافا لهم وليس للضحك عليهم والتي لن تذعن ولن تتراجع سوى بتحقيق مطالب محرومي الضفاف ورفع الظلم عنهم فحسب وإن أسفر ذلك عن حرمانها من نعيم القصور والتحول الى عيشة البؤس والفاقة مع سكان الضفاف أنفسهم والتضامن معهم كما في قصة موسى عليه السلام ” قد يكون محمد علي وأمثاله مخلصا للقضية وهموم الناس قولا وفعلا وقد يكون لا ، اﻻ أنها ومهما بدا من أمر ماضية على قدم وساق في الخلق ما تعقب ليل ونهار وعلى سكنة القصور إستيعاب الدرس والعمل على رعاية المهمشين ورفع الظلم عن المظلومين ، والنهوض بواقع سكان البر الثاني قبل ان يظهر من أصلابهم من يقلب معادلة السكنى وموازين الطبقات يصدق فيهم قول الباري جل في علاه : ” كَمْ تَرَكُوا مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ ، كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ” ، فهل من ممتثل ﻷمر الله سبحانه ومعتبر بقصصه وعظاتها وراحم بخلقه؟ هذا ما ستكشف عنه اﻷيام إن عاجلا أو آجلا ؟ اودعناكم اغاتي.