ربما كان المؤتمر العربي لمواجهة الارهاب والتطرف الذي انعقد في أربيل الخميس الماضي أكبر انتصار يحققه المكون العربي في شكل جذب الاهتمام العربي للعراق، واعادة مسيرته الصحيحة الى الواجهة العربية، بعد ان غاب العرب كثيرا عن العراق، وغاب العراق عن هذا الحضور لسنوات طويلة.
فلأول مرة يتدفق العديد من كبار القيادات السياسية العربية على بغداد او تقوم وفود عراقية رفيعة المستوى بجولات عربية وافليمية هيأت لانجاح مؤتمر كهذا، وكان الدور الذي لعبة الاستاذ أسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية لشؤون الامن والدفاع العامل الاساسي وراء نجاح هذا المؤتمر وما صدر عنه من مقررات.
ويرى متابعون للشأن العراقي ومراقبين ان مضامين البيان الختامي الناجح الذي تضمنه، يعد بحق اسهامة حقيقية وضعت الطريق الصحيح لعمل المكون العربي ضمن ستراتيجية تسعى الى اعداد العدة لمواجهة مخاطر الارهاب واجرام داعش على حد سواء، ووضعت لبنات هذا التحرك، ضمن جهد عربي تدفق على العراق بهذا الشكل المفرح الذي اعاد للانسان العراقي ثقته بعروبته وانتمائه العربي الاصيل، بعد ان حاولت قوى كثيرة تغييب الدور العربي للعراق واصابته بشلل تام، أدى الى كل هذه الانحدارات السلبية الخطيرة التي تعرض لها العراق، وكانت داعش وارهاب الميليشيات احدى حصاد تلك السنوات العجاف من انقطاع العراق عن منظومته العربية.
ويؤكد مراقبون يتابعون مقررات المؤتمر ان حركة الوفود العربية التي تزامنت مع انعقاد المؤتمر وتصاعد الدعوة لتشكيل منظومة دفاع عربي مشترك يعيد الى الواجهة الستراتيجية القديمة التي كانت معتمدة قبل عقود من السنين وهي أن أي عدوان يواجهه اي بلد عربي هو اعتداء على الاخر، وان الدفاع العربي المشترك هو السبيل الوحيد الذي يشعر العرب جميعا انهم حين تتهددهم الاخطار انه بمقدورهم ان يتخذوا من هذه الستراتيجية نقطة انطلاقهم لمواجهة مخاطر تحدق بهم وتهدد بلدانهم ووحدتهم وانتمائهم بل ووجودهم، ما يعد مؤتمر اربيل لمواجهة التطرف والارهاب انتقالة نوعية فعالة في مسار التحرك العربي العراقي المشترك ادرك فيه العرب جميعا ان التهديد الذي يواجهه العراق قد ينتقل الى بلدانهم الواحد بعد الاخر، مايعد (صحوة قومية) عروبية تضع الخطر الذي يواجهه العراق على المحك، في انهم لابد وان يقفوا الوقفة المطلوبة التي تستحق والا فأن مصير العرب جميعا دولا وحكومات وشعبا مهدد بالكامل، ولهذا كله ومن اجل تلك الاهداف العظيمة كانت انطلاقة المؤتمر العربي لمواجهة الارهاب والتطرف احدى العلامات الفارقة في العصر الحديث بعد ان شعر العرب جميعا ان ترك العراق وحيدا يواجه الارهاب واغلب محافظاته محتلة من قبل داعش يشكل انتكاسة كبيرة للعمل العربي المشترك وانه آن الاوان لتحرك عربي موحد وجدي لايقاف هذا الخطر عند حده ومواجهته بكل ما يتطلب من دعم للعراق ماديا وعسكريا وسياسيا بهدف تطويق مخاطره على الامن القومي العربي.
ويعرب الكثير من المتابعين للشأن العراقي ومراقبين في المنطقة عن الأمل في ان المكون العربي (السني) على وجه التحديد، وضع لأول مرة ستراتيجية تحركه في الاطار الصحيح عندما اقنع القادة العرب بأن بلدانهم مهددة هي الاخرى ان لم يضعوا تصورا شاملا لدعم العراق، وكان لتوجهات رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي وجولاته العربية والاقليمية واستقباله لوفود عربية رفيعة المستوى دلالة اكيدة على استشعار الحكومة العراقية لمخاطر داعش والارهاب الاعمى الذي يواجه العراق، واشعر المكون العربي انه ليس الوحيد في هذه المواجهة، وان دول المنطقة لديها من الامكانات ان احسن توظيفها لتخليص العراق من احتلال داعش وفي ايقاف تدفق الميليشيات الذي يوازي في مخاطره خطورة داعش، فكان الحضور العربي الفاعل والزيارات التي شهدتها بغداد والتي تزامنت مع انعقاد مؤتمر اربيل هو الطريق الامثل الذي وضع اليد على الجرح، اكد ضرورة دعوة جميع العشائر العراقية لوقوف بوجه هذا التحدي والاسراع بتشكيل الحرس الوطني للمحافظات العراقية التي تواجه خطر داعش، ليشكل ابرز ملامح هذه الانتقالة الايجابية، التي سعى نائب رئيس الجمهورية الاستاذ أسامة النجيفي لتكريسها هذه الفترة وتشجيع قيادات المكون العربي على العمل لتنظيمها بإطار مؤتمر عربي من جهة ولتحويل العراق الى ساحة تحرك عربي حيوي، يعيد الحضور العربي الى الواجهة جديد من ، ما يعد مكسبا كبيرا، يتمثل في عودة العراق الى حظيرته العربية وصحوة عربية تستشعر مكامن الخطر الذي يتهدد العراق، ما يعد انجازا كبيرا سيقف بوجه تحدي داعش ليحيط مخططاتها في استهداف ليس شعب العراق ووجوده بل دول المنطقة برمتهاويعيد للمحافظات العراقية البهجة والسرور من ان فرصة سانحة تحققت لها بأن شمس تحريرها قد بزغت من جديد بعون الله..وهذا هو سر نجاح المؤتمر وخروجه بكل هذه المقررات التي تم اعلانها على اكثر من صعيد.