23 ديسمبر، 2024 5:24 ص

مكاريدهم يعيشون على أموال أغنيائهم و أغنيائنا يعيشون على دماء مكاريدنا

مكاريدهم يعيشون على أموال أغنيائهم و أغنيائنا يعيشون على دماء مكاريدنا

أغنى رجل في أمريكا و العالم هو جيف بيزوس بصافي ثروة يبلغ 118 مليار دولار، أي تقريبا ً بقدر ميزانية العراق، مع العلم إنه في 4 نيسان 2019 دفع لزوجته ماكينزي 35 مليار دولار كتسوية عندما إنفصل عنها بعد 25 سنة زواج. و ثروة هذا الرجل كانت نتيجة إجتهاده و مثابرته في العمل و الإبداع، و عمل بيزوس في مجال علوم الكمبيوتر والتمويل في وول ستريت، أو شارع المال في نيويورك، قبل أن يؤسس شركة أمازون عام 1994 بفكرة بسيطة تعتمد على شراء الكتب عن طريق الإنترنت، و استمرت الشركة بالتطور حتى أصبحت أمازون الآن توفر كل ما قد يحتاجه المستهلك من سلع عبر الإنترنت من الألف إلى الياء أو من A إلى Z مثلما يُشير شعار الشركة. و كذلك أسس هذا الملياردير شركة بلو أوريجين للطيران و الفضاء التي تستهدف تطوير صواريخ الفضاء و جعلها أكثر قابلية لإعادة الإستخدام و أطلقت أول مركبة فضائية لها في عام 2015. و لم تتوقف اهتمامات بيزوس على التكنولوجيا والفضاء فقط، و إنما إمتدت أيضا ً للصحافة والطاقة النظيفة، حيث إشترى بربع مليار دولار في عام 2013 صحيفة واشنطن بوست الأمريكية التي تُعد واحدة من أكبر الصحف في أمريكا و العالم، و كذلك شارك في تأسيس شركة بريك ثرو إنيرجي إنفستمنت التي تستهدف الإستثمار في أشكال جديدة للطاقة النظيفة.
إن هذا الملياردير الأمريكي يدفع الضريبة للحكومة الأمريكية مثل كل الأمريكان الذين يعملون لكسب قوتهم و ثروة كل أمريكي معروفة لدائرة الضريبة و إخفائها يعني التهرب من دفع الضريبة و هذه جريمة بحق المجتمع عقوبتها السجن. أما أموال الضرائب فإنها تصرف من قبل الحكومة الأمريكية لدفع رواتب العاطلين عن العمل و المتقاعدين و موظفي الحكومة مثل الشرطة و كذلك تصرف لشراء الأسلحة للجيش الأمريكي، حيث أن الحكومة الأمريكية لا تمتلك أبار النفط لتحتكر إنتاجها و التصرف بإيراداتها، فاستخراج النفط و غيرها من النشاطات الصناعية مثل صناعة السيارات و تصفية النفط و إنتاج الأدوية و الكهرباء تقوم بها شركات القطاع الخاص و عن أرباحها تدفع الضرائب للحكومة لصرفها في الموارد المخصصة لها.
في العراق أيضا ً يوجد أغنياء يمتلكون أموالا ً طائلة و لكن من هم و كم هي ثروة كل منهم فإن لا أحد يعرف ذلك، أما مصدر ثرواتهم فهي ليست مثل ثروات أغنياء أمريكا من الإجتهاد و المثابرة في العمل و الإبداع بل ناتجة من تنفيذهم للمشاريع و العقود الوهمية أو تنفيذها بأسعار مُبالغ فيها لصالح الحكومة العراقية. أما مصدر هذه الأموال التي يبتلعها هؤلاء الأغنياء و الأموال التي تصرفها الحكومة كرواتب لموظفيها و للمتقاعدين و الرعايا الإجتماعية فهو النفط الذي تحتكر الحكومة إستخراجه و بيعه و التصرف بإيراداته. و لأن مؤسسات الدولة تعج بالمنافقين و الجهلة فإن الخدمات الصحية و التعليم و غيرها من نشاطات الدولة أصبحت هزيلة لا تفي بأبسط المعايير اللازمة. أما الضرائب التي تأخذها الحكومة فهي من عامة الناس و ليس من الأغنياء المجهولين و هذه الضرائب عبارة عن تدوير داخلي للعملة ليس لها مردود إقتصادي لأننا مجتمع مستهلك و ليس مجتمع منتج، و جميع أموالنا تأتي من النفط الذي تحتكر الحكومة إنتاجه و بيعه و التصرف بإيراداته. و وسط هذه الفوضى فإن الضحايا هم المكاريد* الذين لا يصلهم شيء من إيرادات النفط و عندما إنتفضوا على هذا الوضع جوبهوا بالرصاص الذي أسال دمائهم دون وجه حق.
* المكرود بالعامية هو الفقير الضعيف الحظ.