قال تعالى (وانك لعلى خلق عظيم)
وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم): انما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.
وانما كما يعرفها العارفين باللغة حرف حصر يعني ان الهدف الحقيقي والوحيد للبعثة النبوية الشريفة هو الاخلاق واتمام مكارمها وهنا يطرح السؤال: وما هي الاخلاق؟
طبعاً تتعدد التعاريف وتختلف باختلاف المناهج السماوية والارضية بل وحتى القناعات الشخصية ولكن التعريف الاقرب الى نفسي والاقرب الى الواقع (برأيي) هو ان الاخلاق تعني ان تلتزم بفعل الواجب والمستحب شرعاً وتترك المحرم والمكروه شرعاً. فالأخلاق هي خطوة اخرى وراء الحلال والحرام فهي تستهدف الذين ادوا الواجبات وانتهوا عن المحرمات وتدعوهم الى فعل المستحب وترك المكروه.
واين اجد هذه الامور وهي غير موجوده في كتب الفقهاء (الرسائل العملية)؟
الجواب ان هناك كتاب يكاد يكون الوحيد المتفق عليه بين كل المسلمين بكل توجهاتهم فهو يطبع ويباع في كل الدول الاسلامية بل ان بعض الاخبار التي تناقلها من زاروا الدول الاوربية وامريكا وعادوا تقول ان له نسخ مترجمة للغات الاجنبية وهناك من يعمل على اثبات كل نصيحة فيه علمياً حتى يسند الدعوة الى شيء او النهي عن شيء بدليل علمي يقوي الامر لمن لا يؤمنون بالمنقول بل بالمعقول فقط وهذا الكتاب هو (مكارم الاخلاق) للشيخ الطبرسي.
مقترحي احبتي ان نتخذ من هذا الكتاب منهجاً للسلوك الاخلاقي بعد الالتزام بالواجب والانتهاء عن المحرم طبعاً وذلك بأدراج سلسلة احاديث عن موضوع معين والنقاش حولها ومقدار التزامنا بها والصعوبات التي تواجه التطبيق والحلول المقترحة لها وسأبدأ بالاحاديث التالية حول سيرة الرسول الكريم (ص) مع جلسائه:
يقول الحسين بن علي (ع) سألت ابي علي بن ابي طالب عليه السلام فقلت : كيف كانت سيرته مع جلسائه؟
فقال: كان رسول الله (ص) دائم البشر سهل الخلق لين الجانب ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب (شديد الصوت) ولا فحاش ولا عياب ولا مداح يتغافل عما لا يشتهي فلا يؤيس منه ولا يخيب فيه مؤمليه قد ترك نفسه من ثلاث المراء (النقاش) والاكثار ومما لا يعنيه وترك الناس من ثلاث كان لا يذم احداً ولا يعيره ولا يطلب عورته ولا يتكلم الا فيما يرجو ثوابه اذا تكلم اطرق جلسائه كأنما على رؤوسهم الطير فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث من تكلم انصتوا له حتى يفرغ حديثهم عنده حديث اولهم يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ويصبر للغريب على الجفوة في منطقه ومسألته حتى ان كان اصحابه ليستجلبونهم (يستجلبوا الفقير لئلا يؤذي النبي (ص)) ويقول اذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فأرفدوه (فضيفوه واعطوه وهبوه) ولا يقبل الثناء الا عن مكافيء ولا يقطع على احد حديثه حتى يجوز فيقطعه بأنتهاء او قيام). صدق الامام امير المؤمنين والامام الحسين عليهم السلام في وصف خير الخلق اجمعين صلى الله عليه واله وسلم.