(( لقد أكد الله سبحانه وتعالى خالق البشرية على مفهوم الأخلاق ومكارمها والحث على التعامل بها بين البشر وعلى قيم ومبادئ أخلاقية لبناء مجتمع واحد متماسك متكامل مختلف الأعراق واللغات بقيم موحدة تسود الكرة الأرضية فأن الذي خلق البشرية وضع لها الأساس والنهج العملي والفكري للارتقاء بهذا الكائن البشري من الحياة البهيمية إلى الحياة الأخلاقية المشتركة مع بني جنسه للتعايش السلمي والتفكير الراقي الذي يوازي سبب خلقهم ليرسم معالم الحياة على الكرة الأرضية وفق سبل هداية أنزلها الله تعالى على الإنسان بلسان الخلق وتدرج لغاتهم ومستوى فهمهم وتفكيرهم ونمط حياتهم بواسطة رسل وأنبياء أعدت لهذا الغرض السامي وبتعاليم واضحة الإدراك التي شارك فيها الكائنات الحية الأخرى المتعايشة معه . أن نزول الرسالة المحمدية على نبي مختار من وسط عربي خالص كان له دلالة واضحة على أن الله تعالى أختار لهذه النظرية بيئة ووسط ملائم لاستقبالها واستيعاب مفهومها للعمل بها لتحقيق ما أراده الخالق عز وجل لهذه البشرية وإلا كانت عبثا وصعبة في تطبيقها بهذا الوقت القصير من حياة النبي الكريم محمد بن عبد الله عليه وعلى آله وصحبه السلام فالمتمعن الذي يملك دراسة مستفيضة حقيقية بالمجتمع العربي قبل البعثة النبوية الشريفة يعرف مدى تقدم وحضارة هذا المجتمع وما يملكه من تراث أخلاقي وقيم ومبادئ وفكر وسلوكيات مجتمعية على عكس ما أشيع في تأريخنا الماضي إلا أن الزمن حرف هذه القيم لكن الإسلام أستطاع أن يعيد للأمة العربية قيمها وأخلاقياتها بالإقرار بها في القرآن الكريم أو تصحيحها أو أكمالها بآيات قرآنية واضحة بلسان مبين فقد كان اختيار الله سبحانه وتعالى لأنبيائه ورسله من أفضل الناس وأكملهم عقلا وخُلقا وأفضل الأسر وأعرقها وكان خاتمهم النبي المصطفى محمدا صلوات الله عليه كان أشرف القوم وأفضل الأسر في قريش يجمع جميع الصفات والخصال الحميدة لذا سمي محمدا وهو امتداد لأجداده ووريثهم قوما شهد لهم الناس جميعا بالأخلاق والقيم والرفعة والشجاعة والمروءة والشرف والفضائل الحميدة والعقيدة الخالصة لله الواحد الأحد وهي الحنفية توارثوها جيلا بعد جيل وبعدما بشر النبي محمد بالدين الجديد القديم كان قومه على أتم الاستعداد والانتظار عقلا وعملا إلا نفرا قليلا ضالا تصدوا له خوفا على مصالحهم الدنيوية ومكانتهم الاجتماعية أو عنادا ومكابرة لأن الكثير منهم يعرفون أن هذا الدين سوف يقوض مكانهم على عكس الكثير منهم يعرفون أن هذا الدين الجديد ومبادئه وأخلاقياته وقيمه التي جعلها في منهاج موحد جاء لبناء مجتمع متكامل مزدهر استكمالا لما حملوه من أرثا أخلاقيا لأجدادهم وبهعملوا من قيم متعددة جاءت به النصوص القرآنية حث من خلالها على العمل والتعامل به بين الناس منها على سبيل المثال ( ولا تصعر خدك للناس ولا تمشي في الأرض مرحا ) وعلى التعامل بالصدق والمصداقية في الحديث والفعل ( يا أيها الذين آمنوا كونوا مع الصادقين ) ونهى عن التكبر والاستكبار حين قال ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) والعفو والصفح عند المقدرة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ( الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيض والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ) ومن الآيات التي تدعوا إلى البر والإحسان ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ……. ) و( والذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميد ) ومنع الجدال والنقاش المتشدد والمتعصب بدون فائدة بل أكد سبحانه وتعالى على المحاورة الهادئة البناءة ( وجادلهم بالتي هي أحسن أن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين) و والحث على الوفاء بالعهود والعقود ( وأوفوا بالعهد أن العهد كان مسؤلا )و(وأوفوا بالكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم خير وأحسن تأويلا)وغيرها من عشرات الآيات التي تحدد أخلاق المؤمن وتشذب شخصيته ليرتقي بها نحو الأفضل ليقيم مجتمع يُبنى على السعادة والمحبة كما عرفها الحق في كتابه المقدس وهداهم إلى سبيل الهداية والرفعة ( ونفس وما سواها . ألهمها فجورها وتقواها . قد أفلح من زكاها . وقد خاب من دساها ) وكذلك ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) لبناء شخصية ناضجة متعلمة وفق اختيار العقل لها بدون تدخلات خارجية ومؤثرات حتى يكون الإنسان محاسبا عليها وفق جدول زمني في الدنيا وجزاء في الآخرة التي يعاقب الإنسان على أفعاله وخصاله الصالحة والطالحة وأن النظرية الأخلاقية التي يتعامل بها في أوى مراحل التطور له قد رسمها الله تعالى له بمنهج واضح الهداية منذ خلق الإنسان على الكرة الأرضية وأكد عليها وبغلها رسله وأنبيائه الكرام بكل أمانة ))