22 نوفمبر، 2024 11:18 ص
Search
Close this search box.

مقومات انجاح التجربة العراقية الجديدة ….

مقومات انجاح التجربة العراقية الجديدة ….

قبل الانفجار الشعبي الهائل للفوضى
الاعتراف بالخطأ او الفشل ليس عيبا, أنما يصبح العيب خللا او كارثة في الاصرار عليه بعد تشخيص اخطاءه او امراضه,يحمل اغلب العراقيين مسؤولية تعثر تجربة الحكم الديمقراطي في العراق للاحزاب السياسية وقادتها ,ويتجاهل المسؤول الاكبر عن الاخفاقات اي الشعب,فالانتخابات التي جاءت بترامب الى البيت الابيض الامريكي هي نفسها من المفترض ان تأتي بالمسؤول العراقي الى المنطقة الخضراء,هكذا هي لعبة الديمقراطية,
ولكن ثمة تجربة شبيهة بحالة العراق(تغيير سياسي عبر ثورة وفوضى وحرب ثم حصار شامل)تجربة الجمهورية الاسلامية الايرانية,لماذا نجح الايرانيون بتحويل دولتهم من شرطي الخليج الى قوة اقليمية مؤثرة في المعادلات السياسية الدولية والاقليمية,بحيث اصبحت رغم الظروف الصعبة وبفترة قياسية دولة مصنعة لكل شيء, بمافيها الطاقة النووية وتطمح لبناء حاملة طائرات,
الفرق تماما يتضح بين الدولة التي تصنعها الامة,والدولة التي يصنعها القلق وانعدام الثقة بين مكونات شعبه اي دولة الطوائف والاعراق(كتجربة دولة لبنان مابعد الحرب),كذلك الفرق هو عدم تقدير بعض فئات الشعب للتضحيات الكبيرة التي قدمتها الاحزاب السياسية والنخب الوطنية المعارضة لنظام البعث منذ عام 1968(بغض النظر عن من يمثلها الان في الحكم),وما حصل من ثورة عارمة في15 شعبان عام 1991,والتي كشفت عن عراقية ووطنية ومسؤولية المنتفضين عن مستقبل بلدهم وكرامته وشرف اهله, وعرت كذلك المتفرجين والمتواطئين مع نظام صدام لقمعها والمنتفعين منه,هذا التاريخ النضالي الطويل لمقارعة الدكتاتورية وبقاياه,ليس تاريخا عابرا, انما هو جزء من ركائز واعمدة الدولة الجديدة,من اجل ان تصبح الحقبة الحالية نمط اخر من الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية يشعر المواطن بتغيراته والياته ومقوماته,يتحمل المكون الشيعي مسؤولية انجاحه, وتثبيت اركان ديمومته,فما حصل من رفض دموي بشع لتجربة عراق مابعد 2003 من قبل دول الخليج وتركيا, لايمكن
تجاهله او اهمال اثاره وعقباته حتى بعد طرد داعش,او حتى بعد ايجاد حلول سياسية للازمة السورية,هؤلاء لن يرضوا عن تجربة ديمقراطية ناجحة بينهم,بل اتجهت شرورهم ومؤامراتهم حتى شمال افريقيا لتخريب مصر وليبيا وتونس والجزائر كما خربوا ولازالوا يدمروا اليمن,
ولهذا لابد ان يبحث جميع العراقيين عن مقومات البقاء طويلا في دولة مستقرة نسبيا,ولاتوجد كما ذكرت تجربة ناجحة في المنطقة والعالم قريبة من الوضع العراقي غير التجربة الايرانية ,التي يجب ان تدرس لتستنسخ وتنقح بطريقة عراقية(لاسيما تجربة النمو والبناء والازدهار الصناعي والاقتصادي) بعيدا عن املاءات البنك الدولي والمؤسسات العالمية الرأسمالية الخبيثة,
تجربة جعلت من بدو الجزيرة العربية لا ينامون الليل مع كل انجاز ايراني جديد لاسيما العسكري منه(لتعيد اليهم هاجس تسمية الخليج هل هو عربي او فارسي),وباتوا يخرجون كل حقدهم بالمكون الشيعي الاصيل في شبه الجزيرة العربية,بعد ان ارسلوا زبالتهم الى العراق وسوريا واليمن لتخريبها ,وقتل وتشريد اهلها المسالمين بحجة قطع جسر او حلقات الهلال الشيعي…..
كنا نسمع من الايرانيين الشكوى الدائمة من نتائج تجربة الثورة الايرانية لغلاء المعيشة وصعوبة التطور المدني في بادئ الامر,وكانوا يرددون عبارة بالفارسي مشهورة “زمان شاه خوب”,بينما كان رجال الثورة يعملون ليل نهار من اجل الشعب,كانت الوظائف العسكرية الخاصة برجال الثورة محددة(بحرس الثورة –الرجال العائدين من الحرب العراقية الايرانية),لكنها دعمت جميع فئات الشعب دون تمييز,وهي الدولة المتعددة الطوائف والاعراق واللغات والثقافات,بناء واعمار, وشق الطرق وبناء الجسور,فقط حملات اعادة العوائل المهجرة بسبب الحرب صرفت عليها ملايين الدولارات(كما ذكرت سابقا ترك صدام المحمرة او خرمشهر مدينة بحجم محافظة عراقية كبيرة مهدمة,كانت الحكومة تعرض مبالغ تفوق سعر البيت المحطم من اجل عودتهم لمديتنهم واحياءها من جديد),عندما كنا نسأل عن راتب الموظف الايراني الجديد كان يفوق مايجنيه العراقي شهريا من الدراسة الحوزوية او الحوالات من الخارج من الاقرباء او العمل الشحيح يقدر باكثر من اربعين مرة ضعفا (ومع هذا كانوا غير راضين ويقارنون رواتبهم بالدول الغربية),لكن الى الان قادة الثورة الايرانية يتحدثون عن تجربتهم بكل
فخر واعتزاز وشموخ ,وكأنها قامت قبل اشهر وليس عقود,على العكس نرى تخاذل بعض قادة التجربة العراقية الجديدة من ترسيخ مبدأ ان التغيير في البلاد, لم يكن بأيدي الامريكان فقط,وانما جاء بفعل تراكم تضحيات وخبرات الاحزاب السياسية والجماهير الرافضة لنظام البعث البائد…
مقومات بقاء الدولة قبل ان تتحول الفوضى الى عصابات جريمة منظمة, تعمل عمل المافيات الدولية,تقفز على مؤسسات الدولة واجهزتها وشركاتها ومصارفها ورجال الاعمال ,وحتى على الاحزاب الحاكمة وقادتها,(فالارضية التي تركها البعث في العراق جاهزة لمثل هكذا حالات,والعاصمة بغداد تعج بمختلف انواع العصابات بما فيها المرتبطة بأجهزة المخابرات الدولية,والتي تعاني منها بعض الدول العربية بما فيها الخليجية,وقد لاحظنا الضجة مؤخرا التي حصلت في تونس بعد اغتيال احد شخصياتها العسكري),لابد ان ينتبه الشعب قبل النخب السياسية الى تلك المخاطر الحقيقية التي انهت من قبل بمأساة كبيرة العهد الملكي,الى مقومات البقاء كدولة قابلة للتطور والازدهار,ولكن ليس بعقلية البعث والارهاب السياسي ,وانما بعقلية الدولة المستندة الى تاريخ طويل من النضال والجهاد في سبيل حرية البلد من الاستبداد والاقصاء والتهميش وسرقة او تبذير الثروات,
,من تلك المقومات هي بناء نظام اقتصادي تجاري مالي متين لايبقى فقيرا في البلاد او مادون خط الفقر,بعيدا عن فوضى العبارات والمصطلحات(الاستثمار او دعم القطاع الخاص),نظام لايختلف كثيرا عن تجربة البعث نفسه في الحكم(سواء كان في العراق او سوريا),حصر الموارد والعائدات بيد الدولة,دعم المواد الاساسية للمواطنين والموظفين(بما فيها اللحوم عبر الاستيراد, ودعم انشاء الحقول),تقليل اسعار الخدمات العامة,تأسيس شركات تابعة للوزارات تقوم بتنفيذ جميع مشاريع البنى التحتية الصغيرة(كبناء المدارس والمستوصفات الصحية ومد شبكات المياه الصالحة للشرب,الخ.),والمشاريع المتوسطة كتعبيد الطرق وبناء الجسور,وتبقي المشاريع العملاقة للشراكة المتبادلة للمعلومات(اي العمل المشترك بين المحلي والاقليمي والدولي),من الطبيعي ان التطور والازدهار الاقتصادي ينهض بالمجتمع ,وبجميع القطاعات المهمة الاخرى, بما فيها القطاعات التربوية والعلمية والخدمية,وتخلق فرص عمل هائلة في البلاد(لننظر
الى القطاع السياحي المهمل وهو يعد احد موارد الدخل الرئيسية للعديد من الدول),لايمكن ان تبقى الدولة اسيرة الارهاب الداعشي المتحالف مع البعث البائد والطائفيين دواعش السياسة,الذين يريدون الغاء صفة التحول الديمقراطي الثوري بعد 2003,وجعله مجرد تغيير طبيعي لنظام سياسي ديمقراطي,هؤلاء واهمين جدا ,ولايتمنون الخير لهذا الشعب,اذ كيف تبني دولة الامة المتماسكة ان لم يكن لها ارث سياسي محترم ومقدر رسميا وشعبيا وتاريخيا,
ضحايا نظام البعث البائد يفوق المليون ضحية, بين شهيد, وسجين,ومنفي ومهاجر, وفقير, وعقود من عمر الشعب ذهبت هباءا وضاعت في مغامراته, التي دفعنا ثمنها باهضا ,بما فيها تعويضات حرب احتلال الكويت 1990,
لابد ان نتفق اولا اننا حالة الفشل في تحقيق النتائج المرجوة من عراق مابعد 2003 كانت متبادلة او تمت بمشاركة الجميع,الى الان لم يأخذ معارضي نظام صدام حقوقهم ,على الرغم من القوانين الكثيرة التي شرعت لاجل انصافهم واعطاءهم حقوقهم,وقد اضيف اليهم مقاتلي وشهداء الحشد الشعبي, وهم ابناء المعارضة والاحزاب العراقية الاصيلة, وابناء الاهوار الذي جففه البعث كي يقطع عنه سلاح المعارضة والثورة ضد نظامه,
ان الذي يحرر المناطق الغربية المحتلة من قبل داعش هم ابناء الجنوب ,وهؤلاء اما ابن او اخ او قريب لمجاهدي ومناضلي العراق الاصلاء ,لايمكن التغاضي عن حقوقهم او فصلها وعزلها عن حقوق الاخرين…
ان تبقى سفينة او عجلة البناء راكدة دون تغيير لكي تنطلق وتتحرك ,امر خطير ينهي الطموح والامل في بناء دولة متماسكة الاركان والقواعد والاسس,لابد من البحث الجدي في بناء منظومة ثقافية وطنية سياسية تعرف الاجيال بالتاريخ السياسي الذي سبق التغيير,وشرح كل التفاصيل المحيطة بمشاريع تخريب التجربة الديمقراطية,فبدلا على سبيل المثال من الاستهزاء بتجربة كتاب بيان جبر صولاغ “بكتابه المعرف بتجربتي” على العراقيين قراءته لمعرفة مافيه من اسرار وحقائق وتجربة طويلة في العمل المعارض لنقده او التعلم منه,لايوجد انسان او مخلوق بلا تجربة وخبرة ,الله عز وجل لم يخلق الكون عبثا,
اذن علينا جميعا على الرغم من الاختلاف في وجهات النظر والقناعات والانتماءات والثقافات بالعمل من اجل ايجاد الحلول الواقعية لبناء الدولة ,اهمها بناء منطومة اقتصادية متينة قادرة على انقاذ جميع العراقيين من حالة الفقر والعوز والبطالة والفوضى,تستند الى قاعدة الارث السياسية التاريخي لعراق مابعد البعث والارهاب…تتمة 

أحدث المقالات