23 ديسمبر، 2024 1:42 ص

مقررات عبور الأزمة المالية في البلاد … ماذا … وإلى أين ؟!

مقررات عبور الأزمة المالية في البلاد … ماذا … وإلى أين ؟!

القسم الثالث / ثانيا
لا تستغرب مما قدمناه في الفرع الأول من هذا القسم وما سيأتي من بعده ، لأننا نذكر سلطات الجور بما لا يتوقع حصوله عند المساس بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية للمواطنين ، وعليها أن تدفع ثمن إستهتارها بمقادير الشعب ، وإستحواذها على خيرات الوطن وثرواته لصالح أحزابها الفاشلة الفاسدة ، قبل أن توقد نارا لا تستطيع إخمادها ، فلم يبق في قوس صبر الشعب من منزع ، ولا فضل لها بما أنعم الله على هذا البلد الأمين من الخيرات ، ولم ولن يموت شعب من الجوع وفي أرضه ماء ونخيل . ولعل في دروس التاريخ مواعظ وعبر ، حين طالب الشعب بتخفيض مكافآت ورواتب ومخصصات وإمتيازات الطبقة الحاكمة بالصدفة ، ومن ثم بالطغيان والجبروت المدعم بإستخام القوة المفرطة ضد ثلة من أبناء الوطن المتظاهرين منذ 1/10/2019 ، مع السبق بقليل من إجراءات التورية الخبيثة ذرا للرماد في العيون ، عندما أعلنت السلطة الحاكمة عن تقليص النفقات الحكومية ، على إثر إنخفاض الواردات المالية بسبب إنخفاض سعر بيع برميل النفط العراقي ، بتخفيض رواتب المسؤولين فيها بنسبة (20%) لمرتين متتاليتين في سنتين متتاليتين (2009 و2010) ، حيث لم يعرف ما كان يتقاضاه أولئك مما نحن بصدد بيانه منذ 9/4/2003 ولغاية 24/10/2011 وإلى الآن ، إلا إن المتسرب والمشاع من المعلومات الخاصة بالمردودات المالية ، تشير إلى أن ما يتقاضاه المذكورون هو أعلى كلفة مما يمكن تصوره في العالم ، ولا غرابة في ذلك مع قبول واستساغة العطاء غرفا بدون كيل ولا ميزان ، وبما تعتمده الحكومة من تقديرات تفوق ما يتقاضاه كبار المسؤولين في دول العالم المستقلة والمستقرة والمزدهرة ، ولكن تلك الدول لا تتحدث بصيغ وألفاظ الشفافية والنزاهة والعدالة الإجتماعية وحسن توزيع الثروات ، لرسوخها عمليا في الإجراءات المتبعة لديها منذ حين ، على عكس ضبابية الإجراءات التي تتبعها حكومات العراق الجديد بعد الإحتلال ، من خلال خلط المفاهيم من غير علم ولا معرفة بالحدود الدنيا لمقتضيات الإجراءات القانونية والإدارية ، مما جعل من الأسباب الموجبة لتشريع القوانين (26 و 27 و 28) في10/10/2011 ، أداة كشف لحقيقة حرص إدارة الحكم على ضمان التمتع بالمرودات المالية المتحققة بالكيف والكم المتزايد والمجهول طيلة (17) سنة ، وليس ( لتحقيق العدالة والمساواة في توزيع الرواتب والمخصصات بما ينسجم والمعايير الوظيفية ، وبغية تقليص الفوارق في الرواتب بين الموظفين وتقليص الإنفاق العام على الرواتب والمخصصات ) ، حسب الأسباب الموجبة لإصدار تلك التوائم الأخوات ، مع إن الأسباب الموجبة للتشريعات لا تتفق وتحديد ما يتقاضونه خارج معايير الوظيفة العامة وما تقتضيه مفاهيم العدالة والمساواة .

*- في هذا المقال وأقسامه وفروعه التي لا يقرأها إلا القليل ، سيهزأ أزلام أحزاب السلطات من دعاة الوطنية الرثة والنزاهة البالية والمنتفعين الإمعات ، الفاقدين لكل أنواع المصداقية بالأدلة والبراهين ، الذين ستنال منهم سهام مقترحاتنا ونبال أقواسها ذات الرمي بحجارة من سجيل ، ومن المقدمات أن أستخدمت التورية بأبشع صورها في التضليل ، وإلا فما معنى أن يكون نص قانون الجمعية الوطنية رقم (3) في 23/7/2005 ، بأن ( يمنح رئيس الجمعية الوطنية مكافأة شهرية لا يقل مقدارها عما يتقاضاه رئيس مجلس الوزراء من راتب ومخصصات ) و ( يمنح كل من نائبي رئيس الجمعية الوطنية مكافأة شهرية لا يقل مقدارها عما يتقاضاه نائب رئيس مجلس الوزراء من راتب ومخصّصات ) و ( يمنح عضو الجمعية الوطنية مكافأة شهرية لا يقل مقدارها عما يتقاضاه الوزير من راتب ومخصصات ) . مع عدم وجود قواعد وأسس ما يحدد بوضوح وبالدينار ، الحقوق والإمتيازات التي يتمتع بها رئيس مجلس الوزراء ونائبيه والوزراء ، لغرض معرفة مقادير ونوعية تلك الحقوق والإمتيازات التي يتمتع بها رئيس الجمعية الوطنية ونائبيه والأعضاء ، وعلى هذا الشكل من الغموض والإبهام جرت مقادير الغرف والكيل من الخزينة المركزية ، حيث لم تحدد الحقوق والإمتيازات للمذكورين أو لغيرهم بشكل قانوني وواضح ودقيق ، ولعل من الغريب المستهجن أن يتضمن القانون رقم (13) لسنة 2010- قانون راتب ومخصصات رئيس إقليم كوردستان– العراق . إستفزازا وتحديا غير مسبوق ولا مقبول عرفا ولا قانونا لعدم إنسجامه مع دعوات ونداءات الشعب بالتخفيض ، عندما يقرر تقاضي رئيس الإقليم راتبا شهريا مع المخصصات مقداره (22,5) إثنان وعشرون مليون ونصف المليون دينار . ويتقاضى نائبه راتبا شهريا مقداره (19,5) تسعة عشر مليون ونصف المليون دينار . كما يستحق رئيس الإقليم ونائبه راتبا تقاعديا يعادل (80%) من الراتب والمخصصات . وبعد إنتهاء مهام الرئيس أو نائبه ، توفر الحكومة كافة مستلزمات السكن والحماية والتنقل اللائق وغيرها من الإمتيازات التي تمنحا لهما القوانين النافذة في الإقليم ، أو العرف السائد وطنيا في مثل هذه الحالة . والأكثر غرابة أن تجد راتب ومخصصات رئيس الإقليم ونائبه ، أعلى من راتب ومخصصات الرئاسات الإتحادية الثلاث ونوابهم وأعضاء مجلس النواب والوزراء منفردين ؟!، بل ويقترب من ضعف مقدار راتب ومخصصات بعضهم ، ويتجاوز ضعف مقدار راتب ومخصصات البعض الآخر منهم ، المحددة حقوقهم وإمتيازاتهم بقوانين إتحادية مركزية مستندة إلى أحكام دستور الدولة الدائم ، في ظل ظروف إرتفاع المطالب الشعبية بتخفيض مقادير المردودات المالية والإمتيازات ، فهل هذا ما يبغيه المشرع السياسي الجديد في منح سلطات الإقليم حق ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية ، أم أن هنالك رأي آخر مستتر خلف كواليس السياسة الديمقراطية وشفافيتها المتميزة ببطلان معانيها ومقاصدها المضللة والمخادعة ؟!. وما هو دور الحكومة الإتحادية والمحكمة الإتحادية العليا فيما يتعلق بغرابة التجاوز في تحديد تلك الرواتب والمخصصات ؟!. بعد تحديد ذلك بموجب القوانين المرقمة (26 و 27 و28 ) لسنة 2011 وبالمقادير الآتية :-

* راتب الرئاسات الثلاث مع المخصصات لكل منهم (12) مليون دينار .

‌*راتب نواب الرئاسات الثلاث وعضو مجلس النواب مع المخصصات لكل منهم (10) ملايين دينار .

*راتب الوزير ومن بدرجته مع المخصصات (8) ملايين دينار .

*راتب من يتقاضى راتب وزير مع المخصصات (7) ملايين دينار ؟!.

*راتب وكيل الوزارة ومن بدرجته ومن يتقاضى راتبه والمستشار مع المخصصات (6) ملايين دينار .

*راتب الدرجة الخاصة مع المخصصات (5) ملايين دينار .

*راتب المدير العام ومن بدرجته أو يتقاضى راتبه والمخصصات (3,5) ملايين دينار .

*يمنح المدراء العامون ومن بدرجتهم في الرئاسات الثلاث مخصصات خطورة مقدارها (1) مليون دينار .

* ومن الملفت للنظر أن تضمنت تلك القوانين منح الراتب التقاعدي للمذكورين على أساس (30% ) من مجموع راتبه ومخصصاته الشهرية إذا كانت لديه خدمة فعلية في الدولة تزيد على ستة أشهر وتقل عن سنة واحدة . و (50%) إذا كانت خدمته تزيد على سنة واحدة وتقل عن ثلاث سنوات . و (70%) إذا كانت خدمته تزيد على ثلاث سنوات وتقل عن خمس سنوات . و(80%) إذا كانت خدمته تزيد على خمس سنوات أو إذا توفي أو استشهد أثناء الخدمة بغض النظر عن مدة خدمته . ولمن كان موظفا في الدولة قبل تسلم المنصب أو الوظيفة ، الخيار بين الحصول على الرواتب التقاعدية المحددة أو العودة إلى وظائفهم الأصلية ؟!، وتعتبر مدة خدمتهم خدمة لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد . ومع مراعاة ذلك تتولى هيأة التقاعد الوطنية ، إحتساب الحقوق التقاعدية للمشمولين بأحكام الأمر (9) لسنة 2005 – المعدل أو أي قانون آخر يمنح راتبا تقاعديا بنسبة (80%) من مجموع الراتب و المخصصات الشهرية وفق الراتب والمخصصات الممنوحة لأقرانهم بموجب هذا القانون .

*- لقد تقرر نفاذ القوانين المذكورة إعتبارا من 24/10/2011 ، إلا إن قرار مجلس الوزراء المرقم (54) في 29/11/2011 قضى بالتريث في تطبيقها ، لتعلقها وكما يبدو بتخفيض رواتب الرئاسات الثلاث إلى حين ‏قيامه بتقديم مشروع قانون تعديل القوانين موضوعة البحث ، وبقي التريث في تطبيقها ساريا حتى إصدار المحكمة الإتحادية قرارها المرقم (48/إتحادية/2012) في 25/2/2013 بإلغاء القانون رقم (27) لسنة 2011 الخاص بمجلس الوزراء ، ولكن إمتداد تأثر المنافع سلبيا نال من شرعية القانونين (26 و 28) لسنة 2011 ، حيث أصدرت المحكمة الإتحادية العليا قراريها المرقمين (19 و31/إتحادية/2013 ) والمؤرخين في 6/5/2013 ، بإلغائهما وهما الخاصين بتحديد رواتب ومخصصات كل من رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ، لعدهما غير دستوريين بسبب تشريعهما دون إتباع السياقات الدستورية في التشريع ، مما أدى إلى إستمرار رئيس الجمهورية ونوابه وأعضاء مجلس النواب ورئيسه ونوابه ، بتسلم رواتبهم ومخصصاتهم السابقة ، وهي الأعلى من حيث المقادير المجهولة ولا تزال ، بإستثناء من تم بيان رواتبهم في القسم الثاني من مقالتنا المؤرخة في 25/4/2020 . مع التحفظ بشأن صحة وسلامة السند القانوني ، حيث لا يجوز لقرار مجلس الوزراء تعديل أو تبديل أو إلغاء الصادر بقانون .