23 نوفمبر، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

مقتل  العائلة المالكة فتح نار جهنم على العسكر

مقتل  العائلة المالكة فتح نار جهنم على العسكر

رغم مرور ثمانية وخمسون عاما على سقوط النظام الملكي واقامة النظام الجمهوري  عام 1958  مازال الجدل قائما حول خفايا  هذا الانقلاب  المفاجيء  واسبابه ومسبباته  خاصة وان  القادة العسكر ومن بينهم الزعيم عبد الكريم قاسم  كانوا  قبل ثلاثة ايام  من تغيير نظام الحكم الملكي مجتمعين في حفل اقامه  الملك فيصل  الثاني تكريما  لهؤلاء الضباط  وتقديرا لولائهم للنظام .. ولم تمضِ ثلاثة ايام على ذلك اللقاء الاخير حتى كانت النهاية  للعائلة المالكة التي قُتِل وسُحِل افرادها في شوارع بغداد في عملية لاتخلوا من همجية  فكان قتلهم  والتنكيل بهم  قد  فتح باب جهنم على كل من شارك  في تلك المجزره  التي مازالت تداعياتها مستمرة حتى يومنا هذا  حيث ادخلت العراق في  احتراب سياسي وعقائدي  اكتوى بناره الابرياء من العراقيين  .. وما مر عام ومنذ سقوط النظام الملكي  ليس فيه دم .. وعن بداية التحرك لتنفيذ الانقلاب  يقول صاحب مقهى  كانت ترتاده شخصيات سياسية مهمة  ” قبل الانقلاب بايام كان العقيد عبد السلام عارف جالسا لوحده  بقربي وجاء احد الاشخاص وسلمه رسالة وطلب منه عبد السلام الجلوس لشرب الشاي الا ان ذلك الشخص ترخص منه بلطف شاكرا دعوته وغادر المقهى اما عبد السلام وبعد وهلة فتح الظرف واستطرد باهتمام بالغ بقراءة ما ورد فيه  واثناء انحنائي لسحب  علبة الدومينو لفت انتباهي قيام عبد السلام برفع الرسالة التي كان يطالعها محاولا حجبها عني وقد وجهت كلامي له فورا .. هاي شدعوة يابة لك حتى اني ما أعرف اقرأ “
اما عبد السلام فقد ابتسم لي قائلا ” لاحجي تره ماكوشي “
ويقول الكاتب حميد القيسي في كتابه ” بغداديات .. ذكريات وانطباعات”  انه خلال ذلك اليوم رأى صاحب المقهى وجوها غريبة ترتاد المقهى لم يعهد رؤيتهم سابقا “
وحدث ماحدث  واستولى العسكر على القصور الملكية والاذاعة العراقية وسقط النظام الملكي  واعلن  القادة العسكر عن قيام النظام الجمهوري  فيما قام عدد من منتسبي الاحزاب المناوئة للحكم الملكي  ومؤيديهم  من ابناء الشعب السذج  بالتنكيل بقادة  النظام في عملية لا تخلومن وحشية  حيث  سُحِلَ الوصي عبد الاله  في شوارع بغداد ومن ثم علقت جثته في جانب الكرخ قرب نهاية الجسر القديم بحبل وهو جثة عارية وقد ربط الحبل بشرفة احد الفنادق المواجهة لدائرة التقاعد  الحالية والغرابة في ذلك المشهد قيام احد المواطنين ويبدوا من هيئته  قصابا بسحب ساطور وقطع ارجل الوصي راميا بها الى الجماهير في عملية وحشية وقابلت ذلك النسوة بالزغاريد الرنانة  ومثلما حصل لعبد الاله حصل لرئيس الوزراء نوري سعيد وابنه صباح  ورغم الفاجعة التي حلت بقادة النظام اعلن  قاسم نفسه  القائد العام  للقوات المسلحة رئيسا للوزراء .. ورغم الاختلاف في  تقييم اداء الزعيم الا ان واقع الحال يثبت ان عبد الكريم قاسم كان وفيا لابناء شعبه وخاصة الفقراء  ومن الاحداث التي مازالت عالقة في ذهني  عندما كنت صبيا لم اتجاوز السابعة من العمر ماحدث يوم وزع الزعيم الاراضي للموظفين في منطقة شارع فلسطين او ماكان يطلق عليه حي 14 تموز حيث استلم والدي قطعة ارض  اسوة  بغيره من ابناء الشعب فشرع ببنائها بعد ان استلم قرض من المصرف الحكومي وما ان تم اكمال عمليات البناء انتقلت اسرتي الى بيتنا الجديد وهي فرحة مستبشرة خيرا بهذا الانجاز وكان بيتنا مزروع وسط غابة من البيوت  الهيكلية قيد الانجاز وكانت العوائل التي سكنت المنطقة لاتتجاوز عدد اصابع اليد لكن هذا الانجاز الذي حققه والدي كان يفتقر الى وجود الماء الصافي الذي لايمكن توفيره الا عن طريق الشراء من سيارات نقل المياه ” تنكرات ”  ويامكثرها في ذلك الوقت وكنا نمتلك ستة اوعية  ” براميل”  لشراء المياه اثنان منها لشراء الماء الصافي المخصص للشرب واربعة لشراء الماء المخصص لعمليات الغسل والتنظيف والاستخدامات المنزلية الاخرى وهي غالبا لاترتقي الى مستوى مياه الشرب وكان هذا الامر يقلق عائلتي .. كان الزعيم عبد الكريم قاسم كثيرا ما يمر بسيارته الخاصه  في الشارع المقابل لدارنا بعد تفقده عمليات شق جدول سمي بعدها بقناة الجيش كان موكب الزعيم لايشبه المواكب الاخرى للمسؤولين في الدول الاخرى والمسؤولين الحاليين فهو موكب بسيارة منفردة يجلس فيها الزعيم   في المقعد الخلفي للسيارة  يقودها جندي ومرافق يجلس بجواره تتعقبه سيارة تاركة مسافة تقدر ب 100 متر يجلس في حوضها الخلفي اربعة جنود يحملون بنادق قديمة .. طلب والدي من شقيقتي الكبرى وكان عمرها لايتجاوز الثانية عشر عاما ان تقف بجانب الشارع  لايقاف سيارة الزعيم بايماءة من يدها وتطلب منه توفير مياه الشرب للعوائل الساكنة الحي ..  وقفت شقيقتي بانتظار سيارة الزعيم وما ان وصلت السيارة رفعت يدها  تشير لسائقها بالتوقف وكنت انا الى جانبها وفعلا توقفت السيارة واطل الزعيم عبد الكريم قاسم  براسه من النافذه  وهو يبتسم فقالت له شقيقتي ببراءة ” عمو انريد مي تره كاعد نشرب مي بيه سمج اصغار ”  ضحك الزعيم وقال لها ” بسيطة ان شاء الله يجيكم المي ” وانطلقت سيارته وفي اليوم التالي لفت نظرنا تواجد افواج من العمال مع اليات ومعدات حفر بدات بتنفيذ  اكبر حملة لتوفير مياه الشرب للعوائل الساكنة في الحي والملفت ان افواج العمال كانت تعمل ليلا ونهارا بلا انقطاع حتى اكملت عملية وصول المياه الصالحة للشرب للعوائل الساكنة في الحي .. لم تنتهِ حكاية توفير المياه لهذا الحد بل اخبرتنا جارتنا حكاية طريفة حيث قالت  انها شاهدت الزعيم عبد الكريم قاسم الساعة الثانية ليلا  اثناء محاولتها ايقاف بكاء طفلها ليلا حيث العوئل كانت تستهوي النوم  فوق سطوح المنازل شاهدت الزعيم امام منزلنا  وهو يقول لشخص كان برفقته ان المياه اصبحت متوفرة في الحي فقال له ذلك الشخص الذي كان برفقته “وكيف تعلم سيادة الزعيم ” قال بعد ان اخذ حفنة من التراب من امام منزلنا ” التراب رطب وهو دليل على ان سكان المنزل قاموا برش باب الدار بالمياه ” فضحك المرافق وانسحبا من امام الدار بعتمة الليل.
ولم تمضِ بضع سنوات  حتى قتل قاسم على يد مناوئيه  بعد تطويق وزارة الدفاع والقاء القبض عليه  ويقال انه حرم من شربة ماء طلبها ليفطر بها قبل اعدامه رميا بالرصاص هو وفاضل عباس المهداوي  رئيس محكمة الشعب حيث كانا صائمين وكان ذلك في الرابع عشر من رمضان في أحد استديوهات الاذاعة والتفزيون  .. وبتجرد ودون انحياز .. مات قاسم محروما من  شربة ماء يملأ بها ضمأه  فيما كان عطاءه  كبيرا  لشعبه  الذي وفر له الماء  لا ليرتوي به بل ليغتسل به من حمام الدم الذي رافقه منذ اكثر من خمسين عاما وما زال نهر الدم جاريا  يؤشر وجود خلل في بنية المجتمع العراقي  .. فهل من منقذ لهذا الشعب  .. لااتصور ذلك  

أحدث المقالات

أحدث المقالات